تحلُّ اليوم الذكرى الأولى
لرحيل الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، وهذه مناسبة للترحم عليه من جديد، كما
أنها مناسبة للتوقف مع بعض الأحداث التي عرفتها مصر وتونس من بعد ثورتيهما، وهي
أحداث تستحق التأمل لأخذ العبرة منها.
بدءا لابد من القول
بأني كنتُ من الذين دعموا ـ ومنذ أول يوم ـ الثورات العربية، فكنتُ من داعمي الراحل محمد مرسي عن بعد في أول انتخابات
عرفتها مصر من بعد ثورتها، ودعمته بعد فوزه في الانتخابات، ثم تضامنتُ معه بعد
الانقلاب عليه، وحزنت كثيرا لما علمتُ بوفاته في السجن.
لقد كتبتُ العديد من المقالات والتدوينات الداعمة للثورة المصرية ولأول رئيس ينتخبه الشعب المصري من بعد ثورته، ولو استقبلت من أمري ما استدبرتُ لأعدتُ كتابة نفس المقالات والتدوينات، ولكن، وعلى الرغم من كل ذلك، فإن ما حدث بعد انتخاب مرسي رحم الله جعلني أتساءل: ألم يكن من مصلحة مصر وديمقراطيتها المتعثرة أن يفوز أحمد شفيق بالرئاسة؟
الراجح عندي أن فوز
أحمد شفيق وهو ابن الدولة العميقة وابن النظام، كان سيجنب مصر الانقلاب الذي قاده
السيسي من بعد ذلك، فأحمد شفيق يعرف جيدا كيف يحمي نفسه من فلول نظام هو أحد
أبنائه، وكان فوزه سيمكن في نفس الوقت من تحسين حال مصر على المستوى الديمقراطي
..صحيح أن ذلك الفوز لن يحقق طموح ومطالب الثورة، ولكنه مع ذلك كان سيسير بمصر في
الاتجاه الصحيح، وكان سيطور ـ وبشكل آمن ـ من ديمقراطيتها.
لقد كانت مصر تحتاج في تلك الفترة لرئيس يمتلك خبرة وله رؤية إصلاحية، وله علاقة
ما بالدولة العميقة وبالمؤسسة العسكرية،
أي أنها كانت بحاجة إلى رئيس من طينة أحمد شفيق.
فاز محمد مرسي وارتكب بعض الأخطاء لنقص في التجربة، وتآمرت عليه الدولة العميقة، وتم في نهاية المطاف الانقلاب عليه، وكان في المحصلة أن جاء الرئيس السيسي وأدخل مصر في نفق لا أحد يعرف متى ستخرج منه، وأصبح المصريون في عهده يتمنون عودة حسني مبارك الذي كانوا قد أسقطوا نظامه من خلال ثورتهم الرائعة.
كاد نفس الشيء أن يحدث في تونس التي فاز برئاستها من بعد الثورة المنصف المرزوقي وهو من خيرة المناضلين العرب. كانت الفترة التي قاد فيها المرزوقي تونس فترة مليئة بالمشاكل والاغتيالات، وكانت أكثر سوءا من الناحية الأمنية والمعيشية من فترة السبسي الذي سيأتي من بعده، والذي يصنف بأنه أحد رجالات الأنظمة السابقة في تونس. لم يستطع المرزوقي الذي ناضل طويلا من أجل تونس أن يقدم شيئا لبلده بعد أن تولى الرئاسة لثلاث سنوات، ولذلك فقد عاقبه التونسيون بأن صوتوا ضده، فمنحوه نسبة لم تصل إلى 3%، الشيء الذي هبط به إلى الرتبة 11 في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تونس.
إن التأمل في الحالتين المصرية والتونسية جعلني أطرح السؤال: ماذا لو كان الفائز في انتخابات يونيو 2019 أحد مرشحي في المعارضة؟
الظاهر ـ وهذا ما يمكن قوله الآن وبكل اطمئنان ـ بأن الحالة الموريتانية هي أشد تعقيدا من الحالتين المصرية والتونسية بعد الثورة، ومن الراجح بأنه لو كان الفائز في انتخابات 22 يونيو 2019 أحد المرشحين المحسوبين على المعارضة لواجه ذلك المرشح الفائز من المشاكل والمكائد والأزمات المفتعلة أكثر مما واجه محمد مرسي في مصر والمنصف المرزوقي في تونس بعد فوزيهما في الانتخابات الرئاسية في بلديهما.
ولو كان لمرشح فائز أن يسلم من حملات التشويش القادمة من جهات داخل النظام لسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وذلك لأنه من جهة هو الصديق الأقرب والأكثر وفاء للرئيس السابق، ومن جهة ثانية فهو القادم من رحم المؤسسة العسكرية.
على الرغم من تلك الميزات المطمئنة التي يتمتع بها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فإن أشهره الأولى في الرئاسة لم تسلم من حملات تشويش ومن محاولات إرباك قادمة من جهات داخل النظام، ولكم أن تتذكروا حالة الطوارئ التي أعقبت فوزه، ولكم أن تتذكروا كذلك المحاولة الفاشلة للانقلاب عليه سياسيا من خلال محاولة السطو على لجنة التسيير المؤقتة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
إن التأمل في الحالتين التونسية والمصرية، واستعادة بعض تفاصيل فترة حكم الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله، هو ما جعلني أكتب العديد من المقالات التي حاولتُ من خلالها أن أقول بأن الصراع السياسي في العام الأول من فترة حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يجب أن يستجيب لضرورات المرحلة، والتي لا شك أنها تحتاج إلى الكثير من اليقظة، وإلى مستوى عال من النضج السياسي.
إن الصراع السياسي في العام الأول من حكم الرئيس الحالي يجب أن لا يخضع لآليات الصراع التقليدي بين السلطة والمعارضة، ويتأكد الأمر في هذه الفترة بالذات التي نعاني فيها من جائحة كورونا، والتي تقترب فيها لجنة التحقيق البرلمانية من إنهاء تقريرها. إن الصراع السياسي في هذه الفترة يجب أن يكون بين طائفتين: طائفة تسعى إلى حماية وتكريس مبدأ التناوب السلمي على السلطة، وطائفة أخرى تعمل على إرباك المشهد وعلى التشويش عليه، وهذه الطائفة الأخيرة ترى بأنها مستهدفة من طرف لجنة التحقيق البرلمانية، ومن المتوقع بأنها ستكثف أنشطتها كلما اقتربنا من كشف تقرير لجنة التحقيق البرلمانية.
فاز محمد مرسي وارتكب بعض الأخطاء لنقص في التجربة، وتآمرت عليه الدولة العميقة، وتم في نهاية المطاف الانقلاب عليه، وكان في المحصلة أن جاء الرئيس السيسي وأدخل مصر في نفق لا أحد يعرف متى ستخرج منه، وأصبح المصريون في عهده يتمنون عودة حسني مبارك الذي كانوا قد أسقطوا نظامه من خلال ثورتهم الرائعة.
كاد نفس الشيء أن يحدث في تونس التي فاز برئاستها من بعد الثورة المنصف المرزوقي وهو من خيرة المناضلين العرب. كانت الفترة التي قاد فيها المرزوقي تونس فترة مليئة بالمشاكل والاغتيالات، وكانت أكثر سوءا من الناحية الأمنية والمعيشية من فترة السبسي الذي سيأتي من بعده، والذي يصنف بأنه أحد رجالات الأنظمة السابقة في تونس. لم يستطع المرزوقي الذي ناضل طويلا من أجل تونس أن يقدم شيئا لبلده بعد أن تولى الرئاسة لثلاث سنوات، ولذلك فقد عاقبه التونسيون بأن صوتوا ضده، فمنحوه نسبة لم تصل إلى 3%، الشيء الذي هبط به إلى الرتبة 11 في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تونس.
إن التأمل في الحالتين المصرية والتونسية جعلني أطرح السؤال: ماذا لو كان الفائز في انتخابات يونيو 2019 أحد مرشحي في المعارضة؟
الظاهر ـ وهذا ما يمكن قوله الآن وبكل اطمئنان ـ بأن الحالة الموريتانية هي أشد تعقيدا من الحالتين المصرية والتونسية بعد الثورة، ومن الراجح بأنه لو كان الفائز في انتخابات 22 يونيو 2019 أحد المرشحين المحسوبين على المعارضة لواجه ذلك المرشح الفائز من المشاكل والمكائد والأزمات المفتعلة أكثر مما واجه محمد مرسي في مصر والمنصف المرزوقي في تونس بعد فوزيهما في الانتخابات الرئاسية في بلديهما.
ولو كان لمرشح فائز أن يسلم من حملات التشويش القادمة من جهات داخل النظام لسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وذلك لأنه من جهة هو الصديق الأقرب والأكثر وفاء للرئيس السابق، ومن جهة ثانية فهو القادم من رحم المؤسسة العسكرية.
على الرغم من تلك الميزات المطمئنة التي يتمتع بها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فإن أشهره الأولى في الرئاسة لم تسلم من حملات تشويش ومن محاولات إرباك قادمة من جهات داخل النظام، ولكم أن تتذكروا حالة الطوارئ التي أعقبت فوزه، ولكم أن تتذكروا كذلك المحاولة الفاشلة للانقلاب عليه سياسيا من خلال محاولة السطو على لجنة التسيير المؤقتة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
إن التأمل في الحالتين التونسية والمصرية، واستعادة بعض تفاصيل فترة حكم الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله، هو ما جعلني أكتب العديد من المقالات التي حاولتُ من خلالها أن أقول بأن الصراع السياسي في العام الأول من فترة حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يجب أن يستجيب لضرورات المرحلة، والتي لا شك أنها تحتاج إلى الكثير من اليقظة، وإلى مستوى عال من النضج السياسي.
إن الصراع السياسي في العام الأول من حكم الرئيس الحالي يجب أن لا يخضع لآليات الصراع التقليدي بين السلطة والمعارضة، ويتأكد الأمر في هذه الفترة بالذات التي نعاني فيها من جائحة كورونا، والتي تقترب فيها لجنة التحقيق البرلمانية من إنهاء تقريرها. إن الصراع السياسي في هذه الفترة يجب أن يكون بين طائفتين: طائفة تسعى إلى حماية وتكريس مبدأ التناوب السلمي على السلطة، وطائفة أخرى تعمل على إرباك المشهد وعلى التشويش عليه، وهذه الطائفة الأخيرة ترى بأنها مستهدفة من طرف لجنة التحقيق البرلمانية، ومن المتوقع بأنها ستكثف أنشطتها كلما اقتربنا من كشف تقرير لجنة التحقيق البرلمانية.
إن هذه الخلاصة التي
توصلتُ إليها بعد طول تأمل، هي التي جعلتني أكتب في الفترة الماضية الكثير من
المقالات التي تدعو إلى التهدئة بين السلطة والمعارضة، وأرجو أن تكون في هذه
الخلاصة إجابة شافية على أسئلة عديدة وصلتني من بعض القراء والأصدقاء يسألون من
خلالها عن سر التحول في الخط التحريري الذي طبع مقالاتي منذ تنصيب محمد ولد الشيخ
الغزواني رئيسا للبلاد.
حفظ الله
موريتانيا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق