لقد أصبح من الواضح جدا بأن خطاب النعمة قد تسبب للسلطة
القائمة في أضرار كثيرة، ومن هنا جاءت فكرة شرح المضامين للتخفيف من تلك الأضرار، ومع
أن شرح المضامين لن يأتي بنتيجة تذكر إلا أنه مع ذلك يبقى محاولة من موالاة الرئيس
للتخفيف من الأضرار المترتبة على الخطاب.
إنها أضرار كبيرة تسبب فيها خطاب الثالث
من مايو، ومن بين هذه الأضرار توجد أضرار لا تمتلك الموالاة القدرة على محاولة
التخفيف منها كما تفعل عبثا مع بقية الأضرار الأخرى من خلال شرح مضامين الخطاب،
والتي تحولت في نهاية المطاف ـ أي شرح المضامين ـ إلى مناسبة لكيل المزيد من الشتائم للمعارضة من
طرف شراح الخطاب، وكأن الرئيس كان قد قصر في خطابه بالنعمة في شتم وسب المعارضة.
إن هناك ضررا يستدعي تدخل أطراف سياسية أخرى من خارج
الموالاة من أجل التخفيف من انعكاساته السلبية على السلطة القائمة، ويتمثل هذا
الضرر في التعهد المرتجل الذي التزم به الرئيس علنا في خطاب النعمه، وهو التعهد
المتمثل في تنظيم حوار بمن حضر في فترة لا تتجاوز ثلاثة أو أربعة أسابيع من بعد
خطاب النعمة.
إن هذا التعهد يعني، ومن الناحية الحسابية، بأن الحوار
سينطلق في يوم 24 مايو أو في يوم 1 يونيو على أبعد تقدير، فهل من الممكن تنظيم
الحوار في مثل هذا الموعد؟
لا.. أقولها وبكل اطمئنان، في ضحى هذا اليوم الذي يصادف
يوم الثلاثاء الموافق 17 مايو 2016.
لقد أصبح من الواضح جدا بأن الرئيس قد أوقع نفسه في ورطة
كبيرة عندما أعلن في لحظة انفعال وارتباك بأنه عاقد العزم على تنظيم حوار في فترة
لن تتجاوز أربعة أسابيع.
إن هذا التعهد المرتجل كغيره من "مرتجلات"
الرئيس قد وضع الرئيس وموالاته أمام خيارين في غاية الصعوبة:
1 ـ أن تنظم السلطة حوارا في الموعد المذكور، وهنا
ستتحول السلطة إلى مادة للتندر، فالحوار إن تم تنظيمه في ذلك الموعد فإنه لن يرقى
إلى مهزلة السابع من سبتمبر، وإذا كانت مهزلة السابع من سبتمبر قد أوقعت السلطة في
ورطة كبيرة، فذلك يعني بأن أي مهزلة أخرى أقل شأنا من مهزلة السابع من سبتمبر ستوقع السلطة في ورطة أكبر.
2 ـ أن تؤجل السلطة موعد انطلاق الحوار المنتظر، وهنا
سنكون أمام وعد جديد للرئيس تم عدم الوفاء به كغيره من اللائحة الطويلة من
المواعيد المخلفة.
الراجح أن هذا الخيار الأخير هو الذي سيتم اعتماده،
وسيكون ذلك وفق مسرحية سخيفة، ومن مشهدين اثنين:
المشهد الأول : ستتقدم بعض الأطراف الموالية التي ترفع لواء
المعارضة (المعاهدة مثلا) بتقديم طلب إلى الرئيس بضرورة تأجيل موعد الحوار، وذلك
بحجة أهمية التحضير الجيد للحوار المنتظر من أجل إقناع الأطراف الأخرى (المنتدى مثلا)
بالمشاركة في الحوار المنتظر.
المشهد الثاني : سيعلن الرئيس ـ وعلى مضض ـ عن استجابته
لذلك الطلب الذي جاء من أطراف"معارضة"، وبأنه قد اضطر لتلبية ذلك الطلب حرصا
منه على الوفاق و الإجماع، وعلى مشاركة الجميع في الحوار المنتظر.
إن من استمع إلى خطاب النعمة سيكون من الصعب عليه أن
يقتنع بأن الرئيس يحرص على الوفاق، وعلى مشاركة الجميع. كما أنه سيكون من الصعب
جدا عليه أن يقتنع بأن مزاج الرئيس الحاد ورؤيته (وهذه الكلمة قد كررها الرئيس كثيرا
في خطابه) قد تغير بشكل جذري في فترة لا تتجاوز الثلاثة أو أربعة أسابيع.
العبوا غيرها يا سيادة الرئيس، ويا قادة المعارضة
المسؤولة.
.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق