تثير
اللقاءات التي ينظمها الرئيس محمد ولد عبد العزيز في قصره الكثير من القلق لدى كل
من يهمه مصير هذا البلد، والمتأمل في تلك اللقاءات سيجد بأن أغلبها قد تم تخصيصه للمتطرفين
من كل الأعراق والشرائح، وذلك في وقت يُصر فيه الرئيس محمد ولد عبد العزيز على أن
تظل أبواب قصره موصدة أمام كل العقلاء والراشدين
من كل الشرائح والأعراق.
ففي يوم
الأربعاء الماضي الموافق (9 ابريل 2014) استقبل الرئيس محمد ولد عبد العزيز في قصره
منسق حركة "لا تلمس جنسيتي" السيد عبدول وان بيران.
بعد ذلك اللقاء بأربعة أيام، أي في يوم الأحد الموافق
(13 ابريل 2014) صرح رئيس حركة "لا تلمس جنسيتي" لوكالة الأخبار
المستقلة بأن كل رؤساء مكاتب التقييد في العاصمة قد تم تحويلهم أو تجريدهم
باستثناء رئيس مكتب تفرق زينة ( هذا التصريح يوجد في الموقع الفرنسي لوكالة
الأخبار المستقلة، ولا يوجد في موقعها العربي!!).
وقد جاءت عملية تحويل رؤساء المكاتب أو تجريدهم
من مهامهم استجابة لطلب من منسق حركة غير مرخصة.
والآن لنتوقف
مع هذه الملاحظات السريعة:
1 ـ إن حركة لا
تلمس جنسيتي هي منظمة غير مرخصة، وبالتالي فإن لقاء رئيس دولة، وفي قصره الرئاسي،
بمنسق منظمة غير مرخصة يمكن أن يعتبر على أنه تشجيع لكل الموريتانيين بضرورة
الانخراط في العمل السياسي الخارج عن الدستور، والخارج عن الأطر القانونية
المعهودة. كان على الرئيس، وعلى الأقل من باب الشكليات، أن يأمر وزارة الداخلية
بالترخيص لمنظمة لا تلمس جنسيتي من قبل أن يفتح أبواب قصره لمنسقها.
2 ـ إن منسق حركة
لا تلمس جنسيتي السيد عبدول وان بيران هو نفسه الذي كان قد أجاب في وقت سابق، على سؤال
لجريدة " جون آفريك" بما يلي : "في الوقت الذي نحن فيه على يقين بأننا نشكل
الأغلبية بالمقارنة مع العرب البربر، لا يزال الزنوج الموريتانيون يتعرضون للتمييز
في جميع القطاعات، وبما أننا مقتنعون بأن هناك تغييرا سياسيا حتميا في موريتانيا،
لا نريد، عندما يأتي ذلك اليوم، أن يتفرق الزنوج، في أحزاب بقيادة العرب البرابرة
أو الحراطين، ولهذا السبب لن ندخر جهدا لكي تكون جميع القوى الزنجية الموريتانية
ممثلة بقطب واحد، قوي وموحد".
وهذا كلام في
منتهى العنصرية، ولا يحق لرئيس دولة أن يستقبل في قصره من يقول مثل هذا الكلام
الذي يسيء لنسبة هامة من الموريتانيين، لا يجوز لرئيس دولة أن يستقبل من نطق بهذا
الكلام الطائش إلا إذا تم الاعتذار عنه علنا.
3 ـ إن مثل
هذا اللقاء وما ترتب عليه من ردود فعل سريعة من رئيس عُرف بالبطء في تنفيذ ما
يتعهد به لكل من يلتقيه، إن مثل ذلك سيجعل الكثير من الموريتانيين الزنوج يولون وجوههم
شطر حركة لا تلمس جنسيتي ومنسقها الذي فُتحت له أبواب القصر، والذي أستجيب لمطالبه
في وقت قياسي.
لذلك فلا
غرابة أن يعلو صوت المتطرفين من الموريتانيين الزنوج، وأن يخبو صوت العقلاء
المعتدلين منهم، ولهذا فقد سمعنا رئيس منظمة "أفلام" يطلب ومن داخل
الأراضي الموريتانية بحكم ذاتي لمدن الضفة، وربما يكون من أجل ذلك أيضا قد تم
تعيين أحد الطلاب الزنوج ملحقا بالرئاسة وهو من بين الذين قادوا الأحداث العرقية التي عرفتها جامعة نواكشوط في
مثل هذا الشهر من العام 2011. تم تعيين ذلك الطالب الجامعي الذي شارك في تلك
الأحداث العرقية التي عرفتها الجامعة في العام 2011 ملحقا بالرئاسة، تم تعيينه على
وجه السرعة، وكأن التعيين قد جاء كمكافأة فورية له على تلك الأحداث العرقية التي
كان من أبرز قادتها. وقد يكون مهما أن أذكر هنا بأنه يوجد الآلاف من حملة الشهادات
العاطلين عن العمل، ومن مختلف الأعراق والشرائح، والذين تخرجوا منذ سنوات، من قبل
دخول ذلك الطالب إلى الجامعة، وكان الأولى أن يتم تعيين أحدهم ملحقا بالرئاسة بدلا
من تعيين ذلك الطالب.
فأن يستقبل
الرئيس محمد ولد عبد العزيز في قصره السيد عبدول وان بيران، وأن يقوم بتحويل بعض
الموظفين أو تجريدهم من وظائفهم نتيجة لذلك اللقاء، فإن ذلك يعني بأن الرئاسة قد
بدأت تبذل جهودا جبارة من أجل خلق زعيم متطرف
جديد لدى الزنوج الموريتانيين، تماما كما خلقت ـ وبنفس تلك الأساليب ـ زعيما متطرفا لدى
لحراطين وهو السيد بيرام ولد الداه ولد أعبيدي رئيس حركة إيرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق