لقد وجدتني
مضطرا لأن أتراجع عن قرار كنتُ قد أعلنتُ عنه من خلال صفحتي الشخصية على "الفيسبوك"
ويقضي ذلك القرار بالتوقف عن الكتابة في الشأن السياسي خلال الأيام العشر.
لم يكن بالإمكان أن استمر في التوقف عن الكتابة في الشأن
السياسي في مثل هذه اللحظة الحرجة سياسيا، وخاصة بعد أن اتخذ اتحاد قوى التقدم
قراره بمقاطعة انتخابات 23 نوفمبر، وهو
القرار الشجاع الذي جاء بعد 3 جلسات و58 ساعة نقاش لأعضاء المكتب التنفيذي للحزب(هذه
الإحصائية من موقع ديلول).
إن هذا القرار الشجاع من اتحاد قوى التقدم يفرض على
التواصليين أن يعيدوا النظر في قرار مشاركتهم في انتخابات 23 نوفمبر، وذلك من "قبل
فوات الأوان"، ومن قبل أن يجد الحزب نفسه وقد تلبس بعار لن يفارقه أبدا.
هناك من لا يزال حتى الآن يدفع أقساط قرار خاطئ اتخذه
ذات يوم، يدفعه من سمعة تحصلت لديه من تضحيات كبيرة تم تقديمها من قبل، ومن بعد، اتخاذ
ذلك القرار الخاطئ.
ولا يزال كذلك البلد ومساره الديمقراطي يدفعان أقساط ذلك
القرار الخاطئ.
إن قرار مشاركة تواصل بشكل منفرد، وأقول بشكل منفرد،
وأكرر بشكل منفرد، هو من ذلك النوع من القرارات الخاطئة التي لن تتوقف آثارها
السلبية قريبا، لا على الحزب نفسه، ولا على المسار الديمقراطي في البلد، ولذلك فإن
من مصلحة الحزب، ومن مصلحة الديمقراطية في هذا البلد، أن يراجع التواصليون الآن قراراهم
من المشاركة في انتخابات 23 نوفمبر.
وهناك مبررات كثيرة لمراجعة قرار المشاركة في انتخابات
23 نوفمبر، ولعل من أهم تلك المبررات هو أن الظرفية السياسية التي اتخذ فيها الحزب
قراره الخاطئ بالمشاركة قد تغيرت شيئا كثيرا.
وللتذكير فقرار المشاركة في الانتخابات قد جاء بعد دورة
طارئة للمكتب السياسي للحزب، وهي دورة التأمت في يوم 24 أغسطس 2013، واستمرت
ليومين، وفي ختامها تم تفويض اللجنة التنفيذية للحزب لاتخاذ القرار المناسب من
الانتخابات.
وفي مساء يوم الثلاثاء الموافق 27 أغسطس عقدت
اللجنة التنفيذية لحزب تواصل اجتماعا ناقشت فيه قرار التفويض الذي منحه لها المكتب
السياسي، وقررت اللجنة التنفيذية في ذلك الاجتماع، وحسب ما نُشر حينها، أن تواصل مشاورتها
في الأيام المقبلة، وأن تدرس الساحة السياسية بشكل أعمق من أجل اتخاذ القرار المناسب
من انتخابات 23 نوفمبر.
وبعد ذلك لم تعلن اللجنة التنفيذية للحزب عن
نتائج مشاوراتها، ولا عن أي قرار، وإنما اكتفت بأن تعلن عن قرار مشاركة الحزب في
انتخابات 23 نوفمبر من خلال إيجاز صحفي أصدرته المنسقية في يوم الجمعة الموافق 04
أكتوبر 2013.
ولذلك فظاهر الأمر يقول بأن قرار المراجعة يمكن أن تقوم
به اللجنة التنفيذية طبقا للتفويض الذي حصلت عليه هذه اللجنة من المكتب السياسي
للحزب بتاريخ 25 أغسطس 2013، وإلا فيمكن أن يتم استدعاء المكتب السياسي من جديد،
في دورة طارئة جديدة، لنقاش موضوع المقاطعة أو الاستمرار في المشاركة في انتخابات 23 نوفمبر،
وذلك بعد التطورات الحاصلة، والتي من بينها:
1 ـ أن الدورة الطارئة للمكتب السياسي لحزب تواصل، والتي
التأمت في يوم 24 أغسطس من العام 2013، قد جاءت بعد وعود الرئيس في لقاء الشعب
بإمكانية توسيع اللجنة المستقلة للانتخابات، وتأسيس مرصد لمراقبة الانتخابات،
وتشكيل لجنة برلمانية لمراقبة الحالة المدنية، وبالتأكيد فإن هذه الوعود لم تعد
قائمة الآن.
2 ـ أن تلك الدورة قد التأمت في وقت كان من المتوقع فيه
أن تُشارك بعض أحزاب المنسقية الأخرى في تلك الانتخابات إذا ما أعلن تواصل عن
مشاركته. أما الآن فقد أصبح من الواضح جدا أن مشاركة الحزب ستكون مشاركة منفردة،
وذلك بعد أن قرر اتحاد قوى التقدم مقاطعة الانتخابات.
3 ـ ومما استجد أيضا هو أن حزب التحالف الشعبي التقدمي
قد أصدر بيانا حادا انتقد فيه وبلغة صريحة جدا اللجنة المستقلة التي ستشرف على
الانتخابات.
4 ـ ومن الجديد أيضا أن الانتخابات القادمة ستجري في
ظروف أكثر إذلالا للمعارضة، وذلك بعد أعلن الرئيس عن رفضه لتأخير الانتخابات، وعن
تراجعه عن الوعود التي كان قد أطلقها سابقا ( المرصد، توسيع اللجنة المستقلة
للانتخابات، لجنة برلمانية لمراقبة الحالة المدنية...).
5 ـ إن من بين الأمور المستجدة كذلك أن هذه الانتخابات
ستجرى بعد فشل حوار بين السلطة والمعارضة تم تنظيمه بعد الدورة الطارئة للمكتب
السياسي للحزب. وقد أصبح من الواضح بعد فشل ذلك الحوار بأن السلطة لا تريد إلا انتخابات
تجلب لأحزاب المعارضة المزيد من الذل والهوان.
إن كل تلك المستجدات تتطلب دعوة المكتب السياسي لحزب
تواصل لعقد دورة طارئة جديدة يناقش فيها من جديد قرار المشاركة أو المقاطعة في انتخابات 23 من نوفمبر.
وفي الأخير فلابد أن أذكر التواصليين بأن المقاعد التي
يبحثون عنها في المجالس البلدية والتشريعية التي ستنبثق عن انتخابات 23 نوفمبر قد
لا يحصلون عليها، خاصة إذا ما علمنا بأن من طبيعة النظام القائم أنه يتعمد دائما
أن يذل من قدم له أي تنازل.
سيركز النظام على تلك الدوائر التي كان من المتوقع أن
يفوز فيها حزب تواصل، دون غيرها، وذلك لكي يحرم هذا الحزب من تحقيق أي فوز، وحينها
سيسقط المبرر الوحيد للمشاركة، ولن يبقى أمام الحزب إلا أن يستر خيبته، أو أن يعلن
ندمه في لحظة لا ينفع فيها الندم.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق