يعتبر الشعب الموريتاني من أكثر شعوب المنطقة تفاعلا مع القضايا والأحداث التي تجري خارج حدوده، ولكنه في المقابل يعتبر من أقل الشعوب تفاعلا مع القضايا والهموم الخاصة به.
فالموريتانيون بإمكانهم أن ينسوا خلافاتهم الفكرية و الإيديولوجية والسياسية ليشاركوا مثلا في وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، وتلك واحدة من صفات هذا الشعب الحميدة التي تستحق أن نفتخر بها، ولكن في المقابل من الصعب أن ينسى الموريتانيون خلافاتهم، خاصة السياسية منها، إذا ما تعلق الأمر بهموطني يستحق أن تتكاتف جهود الجميع من أجل مواجهته.
لم يحدث أن اشتركت الموالاة والمعارضة في وقفة ضد الإرهاب، ولا في تظاهرة
لتعزيز اللحمة الوطنية، ولا في أي هم وطني آخر، وبالتأكيد فإن الموالاة
والمعارضة لن تشتركا اليوم في وقفة للمطالبة بإنشاء شبكة للصرف الصحي
لإنقاذ العاصمة، إن كان إنشاء مثل تلك الشبكة سيكفي لوحده لإنقاذ عاصمتنا
من الأخطار المحدقة بها.
وقد يكون ضروريا أن أذكر هنا بأن المستنقعات والبرك الآسنة لم تميز بين
مساكن المعارضة ومساكن الموالاة، وهي بالتأكيد لن تميز بين تلك المساكن
مستقبلا، لذلك فعلى الجميع (معارضة وموالاة) أن يشارك في أي جهد أو أي
نشاط سياسي من شأنه أن يسهم في الضغط على الحكومة من أجل إيجاد حلول لهذا المشكل
الذي من المفترض بأنه يهمنا جميعا، ويهددنا أيضا جميعا، في حاضرنا وفي
مستقبلنا، وذلك بغض النظر عن تخندقاتنا السياسية الآنية.
أتمنى، وهذه مجرد أمنية أعرف بأنها لن تتحقق،أن أشاهد رجالا من الأغلبية
يزاحمون رجالا من المعارضة، ونساء من الأغلبية يزاحمن نساءً من المعارضة
أمام القصر الرئاسي للمطالبة بالتعجيل بإنشاء شبكة للصرف الصحي.
أتمنى أن أشاهد غدا عمدة تفرق زينة (وهي من الأغلبية) تقف بجنب
عمدة عرفات (وهو من المعارضة) وبجوارهما شيخ تفرق زينة (وهو شخصية
مستقلة)، أتمنى أن أشاهد هؤلاء الثلاثة مع آخرين في وقفة تطالب بالتعجيل بإنشاء شبكة للصرف الصحي في العاصمة، وذلك لأنه لم يعد من اللائق أن نكون في العام ٢٠١٣، ونحن ما زلنا نعيش في عاصمة بلا صرف صحي,
وقد يسأل البعض لماذا اخترت تحديدا ذكر هؤلاء الثلاثة، والجواب هو
أن عمدة بلدية تفرق زينة هي من أول المعنيين بهذا الأمر، وهي فوق ذلك من
شخصيات الأغلبية التي يمكن أن يعول عليها في موقف شجاع كهذا. أما عمدة عرفات
فقد تم اختياره لأنه من المعارضة، ولأنه أيضا من الذين أظهروا اهتماما
كبيرا بمسألة الصرف الصحي. أما الشيخ محمد ولد غدة فقد تم اختياره لأنه
هو السياسي الوحيد الذي قام بجهد تطوعي وميداني لمواجهة البرك
والمستنقعات، ولأنه أيضا شخصية مستقلة لا تحسب لا على المعارضة، ولا على
الموالاة.
وقبل أن أختم هذا المقال، وحتى لا أكون من الذين لا يفعلون شيئا، وإنما
يكتفون بمطالبة الآخرين بالفعل نيابة عنهم، حتى لا أكون من أولئك، فإني أتعهد بأني سأكون غدا إن شاء الله، وعلى تمام الساعة العاشرة من يوم الخميس أمام القصر الرئاسي، وذلك لأرفع لافتة كٌتب عليها : الصرف الصحي أولا.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق