لقد أصبحت الآن امتلك أدلة قوية على أن "عزيز" هو
أكبر معارض لعزيز، ولذلك فلن يكون غريبا أن يشارك "عزيز" المعارض في
مسيرة المعارضة المطالبة بالرحيل، والتي ستنطلق في مساء هذا اليوم من مقاطعات
العاصمة التسع.
ولأن المعارض
"عزيز" لا يستطيع أن يظهر في
نفس الوقت، في المسيرات التسع التي ستنطلق في وقت واحد، ولأنه لا يريد أن يظهر
بأنه أقرب إلى حزب معارض من حزب آخر، لذلك فقد كان من الضروري أن يتغيب فيزيائيا عن المسيرات التسع، إلا أنه في
المقابل سيكون حاضرا في كل تلك المسيرات بقلبه، هذا ما تؤكده نظريتي التي اكتشفتها
متأخرا، والتي تقول بأن "محمد عبد العزيز" هو أكبر معارض لمحمد ولد عبد
العزيز.
وهذه النظرية ـ والتي
أطلب تسجيلها باسمي حتى لا يسرقها "عجزة" المعارضة ـ قد ساعدتني كثيرا
في فك العديد من الطلاسم، والتي أصبحت بعد
فكها تشكل أقوى الأدلة على أن "عزيز" يعارض "عزيز"، وسأكتفي
في هذا المقال بسبعة من تلك الأدلة التي تؤكد معارضة "عزيز" لعزيز :
1 ـ لم أكن أفهم
لماذا أصر الرئيس "عزيز" على أن يطلق مشروع غرس مليون شجرة الذي كلف
خزينة الدولة مبالغ طائلة، في وقت كانت فيه قرى ومدن كثيرة، ومن كل المناطق، تتعرض
لسيول وفيضانات أدت إلى سقوط منازل العديد من فقراء البلد الذين بخل عليهم الرئيس "عزيز"
بزيارتهم أو بمواساتهم. ولأني حينها لم أفهم ذلك التصرف الغريب، فقد كتبت مقالا
حادا ضد مشروع غرس مليون شجرة، كان تحت عنوان " لن أغرس شجرة"، لألفت
الانتباه على أن الوقت غير مناسب للإنفاق على مشروع من ذلك القبيل، في وقت تتعرض
فيه الكثير من القرى والمدن الموريتانية لسيول كان ضحيتها الكثير من الفقراء الذين
هم بحاجة ماسة لتلك الأموال.
ولكني الآن وبعد
اكتشاف نظرية "عزيز يعارض عزيز"، فقد ظهرت لي الحكمة من ذلك التصرف. لقد
كان "عزيز" المعارض يريد أن يستفز الفقراء المتضررين، وكان يريدهم أن يسخطوا
على "عزيز" الرئيس. وسيظهر ذلك بشكل جلي، لا لبس فيه، في أول ذكرى
لإطلاق مشروع غرس مليون شجرة، حيث سيقول "عزيز" المعارض، بمناسبة تلك
الذكرى، بأن المشروع كان فاشلا، وأن الأموال الطائلة المنفقة عليه من خزينة دولة
الفقراء قد ابتلعتها الرمال، وأن المسؤول عن ذلك كله هو وزير البيئة المرافق حينها
لعزيز المعارض.
وإمعانا في استفزاز
المواطنين، فإن "عزيز" المعارض لا يزال، وحتى كتابة هذا المقال، يحتفظ
بوزير البيئة الذي أضاع كل تلك المبالغ الكبيرة، وبشهادة من "عزيز"نفسه،
تلك الشهادة التي ظل الإعلام الرسمي يرددها لأيام متوالية، حتى يستفز بها كل الموريتانيين،
ويجبر المترددين منهم على الانضمام لمعارضته.
2 ـ لقد قلت في مقال سابق، تحت عنوان : " لقد
فهمتكم يا سيادة الرئيس"، بأن عملية
توزيع السمك والتمر التي تمت يوم 12 مارس بمناسبة مسيرة الرحيل لن تتكرر إلا في
يوم الثالث من ابريل بمناسبة مسيرة المقاطعات التسع. وأعتقد بأن "عزيز"
المعارض إن كرر عملية التوزيع، فسيكون ذلك لأربعة أسباب: أولها أن عملية التوزيع
السابقة قد أثبتت فشلها في منع المواطنين من المشاركة بكثرة في مسيرة المعارضة
لذلك فسيكررها. وثانيها أنه يريد أن يثبت للموريتانيين بأن السلطات الإدارية أكثر
تسييسا من "مناضلي" الحزب الحاكم. وثالثها أنه يسعى لأن يجعل من أيام مسيرات
المعارضة، أياما مباركة يتم فيها ـ دون غيرها من الأيام ـ توزيع المواد الغذائية. ورابعها لأنه يريد أن
يهين كرامة المواطنين أكثر بتلك التوزيعات التي تتم بطريقة غير كريمة.
3 ـ لم أكن أفهم
لماذا ظل "عزيز" المعارض يكرر دائما بأن خزائن الدولة مملوءة بالأموال،
وبأن الحكومة ليست بحاجة لمساعدة من أي جهة لإسعاد مواطنيها. لقد كان يريد بذلك أن
يحرج "عزيز" الحاكم، والذي سيشقى في عهده المواطنون شقاءً لم يعرفوه من
قبل. وبطبيعة الحال فإن ذلك الشقاء كان أشد وقعا بعد أن
أخبرهم "عزيز" المعارض بأن خزائن الدولة مليئة بالأموال.
4 ـ لم أكن أفهم
لماذا ظل "عزيز" المعارض يبارك الاحتجاجات الشعبية ويشجعها ويطالب
بالمزيد منها لأنها دليل على الديمقراطية. لقد كان يفعل ذلك لأنه كان يعلم بأن "عزيز"
الرئيس لن ينصف محتجا مهما كانت شرعية مطالبه، فلم يحدث أن تمت تلبية أي مطلب من
مطالب كل الذين اعتصموا أمام الرئاسة. ولعل العاطلين الشجعان الذين اقتحموا أسوار القصر، واعتصموا بداخله، هم
خير دليل على ذلك. فهؤلاء المعتصمين كان قد وعدهم الرئيس "عزيز" منذ عام
بأنه سيلبي كل مطالبهم، إلا أن "عزيز" المعارض حال بينه وبين ذلك، مما
جعلهم يلجؤون لعملية اقتحام القصر، حتى يجبروا من بداخله لتلبية مطالبهم المشروعة
والعادلة.
5 ـ لم أكن أفهم
لماذا ظل "عزيز" المعارض يصر على اتهام من وشحهم "عزيز"
الرئيس بالفساد ( رجل أعمال كبير تم توشيحه من طرف "عزيز" المعارض من قبل أن يتهمه "عزيز" الرئيس بسرقة أموال
الدولة من خلال فوائد كان يقتطعها من قبل توشيحه!!! نفس الشيء حدث مع موظفين سامين
وُشِحوا ثم أقيلوا). ولم أكن أفهم أيضا لماذا كلما وصف "عزيز" المعارض موظفا كبيرا بالفساد، قام "عزيز"
الرئيس بضمه إلى حكومته أو أغلبيته أو على الأقل إلى معارضته المحاورة. ولم أكن
أفهم لماذا يصر "عزيز" المعارض على وصف كل الأنظمة السابقة بالفساد، رغم
أن الرئيس "عزيز" يعتمد على
رموز تلك الأنظمة. فكل رؤساء الحكومات المفسدة ـ حسب "عزيز" المعارض ـ
هي الآن ضمن فريق "عزيز" الرئيس الذي يحكم به. إن كل هذه الخلبطة التي يقوم به "عزيز" المعارض تهدف إلى
شيء واحد وهو التشكيك في كل خطابات "عزيز" الرئيس، وإثبات تناقضاتها
للمواطنين الذين لم يلتحقوا حتى الآن بالمعارضة.
6 ـ لم أكن أفهم
لماذا يستدعي "عزيز" المعارض أغلبيته من حين لآخر، دون أن يجاملها على
الأقل بكلام معسول، وذلك في الوقت الذي يطلب منها أن تدافع عن انجازات غير مرئية
لحكومة "عزيز" الرئيس. إن "عزيز" المعارض يريد أن يجبر أغلبية "عزيز" الرئيس التي جُبلت على
الموالاة، على أن تذهب إلى المعارضة، وهو
ما فشل فيه حتى الآن، لأن ما تبقى من أغلبية "عزيز" الحاكم لن يعارض أبدا،
حتى ولو شتم في كل صباح وفي كل مساء.
7 ـ لم أستطع أن أفهم
لماذا يحتفظ "عزيز" بحكومة هي
الأكثر فشلا في تاريخ البلاد، ويرفض أن يقيلها إلا بالعودة إلى نظرية : "عزيز
يعارض عزيزا" والتي تفرض التمسك بهذه
الحكومة الفاشلة حتى يعارض من لم يعارض بعد.
إن كل تلك الأدلة
لتؤكد بأن "عزيز" المعارض سيكون حاضرا وبقوة في مسيرات المعارضة لهذا
المساء، حتى وإن غاب جسده عنها.
تصبحون وأنتم في صف
"عزيز" المعارض.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق