في هذه
الأيام الحبلى بالأخبار البائسة يكون أهم شيء يمكن فعله، هو تخصيص جزء من الوقت
للتنقيب عن الأخبار السارة، فمن يدري، فربما نجد خبرا سارا هنا، أو بشارة خير
هناك، فنزفها إلى الشعب الموريتاني المتعطش
منذ ما يزيد على نصف قرن لسماع أي خبر سار مهما كانت طبيعة ذلك الخبر السار.
وفي هذا
الإطار، فقد أتيح لي أن التقط خبرين سارين
في يوم واحد. و لقد ارتأيت ـ وعلى وجه السرعة ـ أن أزفهما إليكم.
الخبر الأول:
هو أنه توجد في موريتانيا لجنة وطنية لحقوق الإنسان، وتترأسها سيدة، وهذا يعني
بأنه بإمكانكم أن تطمئنوا على حقوق الإنسان في بلدكم، وبأنه من حقكم أيضا أن
تتوقعوا مستقبلا أن تتوقف التقارير الدولية التي تدين موريتانيا في هذا المجال.
وهنا ربما
يسأل البعض: من أين جئت بهذا الكلام، وما هو دليلك على أنه توجد في بلدنا لجنة
وطنية لحقوق الإنسان، وأن تلك اللجنة تترأسها سيدة؟
إليكم الجواب:
لقد قرأت في بعض المواقع بيانا حادا أصدرته تلك اللجنة، وانتقدت فيه الموقف
السياسي لأحزاب المعارضة المقاطعة لانتخابات 23 من نوفمبر، ولقد تم ذكر اسم السيدة
التي تترأس تلك اللجنة.
سؤال آخر:
ولكن ما علاقة لجنة حقوق الإنسان بالسياسة؟
جواب : لا
أعتقد بأن هناك علاقة، وإنما هو مجرد خطأ عابر وقعت فيه هذه اللجنة، ولكن عليكم أن
تطمئنوا فالخطأ قد لا يتكرر، وربما تتفرغ اللجنة مستقبلا للعمل الحقوقي.
لا شك أن
الخطأ كان فادحا، وربما يكون هو الذي شجع بعض أفراد الشرطة للتعامل بقسوة مع بعض
النساء المشاركات في الوقفة التي نظمتها المعارضة أمام المصيبة المستقلة للانتخابات،
فما دامت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تدين الاحتجاجات السلمية، فلا غرابة أن
تتعامل الشرطة بقسوة مع تلك الاحتجاجات. كل ذلك يمكن أن يكون صحيحا، ولكن المهم في
النهاية هو أن ذلك البيان السيئ، لم يكن شرا مطلقا، بل بالعكس فقد حمل بشرى سارة
إلى الشعب الموريتاني مفادها أن في موريتانيا توجد لجنة وطنية لحقوق الإنسان، وأن
تلك اللجنة تترأسها امرأة، ومن المعروف بأن النساء هن أكثر رقة وحنانا من الرجال،
فكيف بهن إذا كن يعملن في مجال حقوق الإنسان.
الخبر الثاني:
أن في
موريتانيا توجد رابطة للعلماء، وأخرى للأئمة. وأن علماء موريتانيا وأئمتها لن
يقبلوا إطلاقا باستغلال الدين في الحملات الانتخابية، ولذلك فقد ندد علماء
موريتانيا وأئمتها باستغلال بعض الأحزاب للدين في الحملات السياسية، وذلك من خلال
رفع شعارات لابد أنكم اطلعتم عليها، وهي شعارات تقول : صوتوا للعلماء .. صوتوا
لسفراء الرسول صلى الله عليه وسلم.. صوتوا لله..
لم يقبل
علماء موريتانيا وأئمتها بإقحام الدين في السياسة، ولذلك فقد أصدروا بيانا حادا
يدين ذلك، ولكنهم لم ينسوا أن يذيلوا بيانهم بموقفهم السياسي الداعم للحزب الحاكم،
ولرئيس الحزب الحاكم.
فيا أيها
الموريتانيون أبشروا، وابشروا، وابشروا..
فلا خوف على
حقوق الإنسان في بلدكم، ما دامت لديكم هذه اللجنة الوطنية الرائعة لحقوق الإنسان، والتي
تترأسها سيدة.
ولا خوف أيضا
على دينكم، ما دامت لديكم رابطة للعلماء حريصة كل الحرص على أن لا يستغل دينكم في
الحملات الانتخابية من طرف مرشحين لم يعلنوا عن انخراطهم في الحزب الحاكم، ولكن لا
بأس من استغلال الدين في السياسية، من طرف علماء موريتانيا، ولكن بشرط أن يكون ذلك
الاستغلال لصالح الحزب الحاكم، ولصالح مرشحيه..
فطوبى
لموريتانيا بلجنتها الوطنية لحقوق الإنسان، وطوبى لها برابطة علمائها، وطوبى لها
برابطة أئمتها.
حفظ الله
موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق