يعتقد الحمالون ـ وهم مخطئون في ذلك ـ بأن رئيس الفقراء، وحكومة الفقراء، وأغلبية الفقراء، ونخب الفقراء، ورجال أعمال الفقراء، وفقراء الفقراء، وفقراءَ فقراءِ الفقراء، سيسمحون لهم بأن يزيدوا الأسعار بنصف أوقية للكيلوغرام. وذلك الاعتقاد الخاطئ هو الذي جعل الحمالين يطالبون بزيادة 500 أوقية، أو أكثر، على حمولة كل طن، مما كان سيتسبب لا محالة في زيادة تلقائية بنصف أوقية لكل كيلوغرام يباع على أرض الفقراء، وتحت سماء الفقراء، وفي عصر الفقراء الذهبي. الشيء الذي يتناقض ـ بشكل صارخ واستفزازي ـ مع البرنامج الانتخابي لرئيس الفقراء الذي وعد فيه بخفض الأسعار، فكيف يقبل بزيادتها حتى ولو كانت زيادة بنصف أوقية لا غير. فيا أيها الحمالون إن اعتقدتم بأن تلك الزيادة ستقبل، فأنتم واهمون.. واهمون .. واهمون. فكيف تعتقدون ـ ولو للحظة ـ بأن رئيس الفقراء، وحكومة الفقراء، وتجار الفقراء، وفقراء الفقراء سيسمحون لكم بأن تزيدوا سعر كيلو الأرز بنصف أوقية. وهو الذي لا تستغني عنه أسركم وعائلاتكم التي تأكله أبيض ناصعا في أكثر الأحيان. أيها الحمالون اعلموا أن رئيس الفقراء، أكثر شفقة على أسركم منكم، واعلموا أنكم إذا حاولتم أن تزيدوا أسعار المواد الأساسية على زوجاتكم وأبنائكم وعماتكم وأعمامكم وخالاتكم وأخوالكم وبني خالكم وبنات خالاتكم و جيرانكم، فإن رئيس الفقراء لن يقبل بذلك. لن يقبل به، ولن تقبل به كذلك حكومة الفقراء، ولا رجال أعمال الفقراء، ولا فقراء الفقراء، ولا حتى فقراءَ فقراءِ الفقراء. أيها الحمالون الفقراء عليكم أن تعلموا ـ كذلك ـ بأن أغلبية رئيس الفقراء أكثر شفقة عليكم من أنفسكم. ألم تسمعوا بنائب من "المشفقين الجدد" قال في العاصمة الاقتصادية بأن احتجاجاتكم هي احتجاجات سياسية، وهي ستضركم قبل غيركم، لأنها ستزيد عليكم الأسعار وأنتم فقراء لا تتحملون زيادتها. أيها الحمالون إنكم لا تستطيعون أن تشككوا في شفقة ذلك النائب على الفقراء. فهو وحتى وإن كان قد قبل بزيادة الضرائب على الأرز الذي يأكلونه، إلا أنه كفَّر عن ذلك الذنب العظيم برفض زيادتها على السجائر التي قد يدخنها بعضهم !!! رغم أن ذلك الاعتراض يتناقض مع مكانته البرلمانية فهو رئيس فريق مكافحة التدخين في البرلمان. فطوبى لمقاطعة تيشيت بهذا النائب المشفق، وطوبى لفقراء موريتانيا به، وشكرا لأهل تيشيت الذين انتخبوه لنا فقد كنا في أمس الحاجة إليه. فتصوروا أن برلماننا لم يكن فيه مثل هذا النائب العظيم الذي انحاز للفقراء. والذي كان له الشرف، بأنه هو أول شخصية من الأغلبية، أعلنت وبشكل صريح رفضها للمحاولات الدنيئة التي يقوم بها الحمالون من أجل رفع الأسعار.( إن شعبا ينتخب مثل هذا النائب لابد أن يكون له مستقبل "ناصع" مع الفقر والتخلف). أيها الحمالون عليكم أن تعودوا لرشدكم، وتتوقفوا عن هذه المطالب التي تتناقض مع فلسفة موريتانيا الجديدة، ومع جغرافيتها، وتاريخها، وأعرافها، وتقاليدها، وعاداتها، وتراثها.(تراث موريتانيا الجديدة يبدأ مما قبل 3 أغسطس من عام 2005 رغم أنها لم تولد إلا بعد 6 من أغسطس 2008). إن تظاهركم قد يوحي لأعداء موريتانيا الجديدة، وللمشككين فيها، بأن هناك بعض الفقراء لا زالت لديه مطالب لم يتم تحقيقها، في الأشهر التسعة التي تحققت فيها "المعجزات" وتحقق فيها ما لم يتحقق في سنوات، والكلام على ذمة وزير الصحة. وتظاهركم قد يتناقض مع جنان الفقراء التي يتحدث عنها فقراء الأغلبية، وفقراء البرلمان، وفقراء الحكومة، وفقراء المفسدين، وفقراء الإعلام الرسمي. إن حكومة الفقراء تعمل جاهدة لإسعاد كل الفقراء، بما في ذلك فقراء دول إفريقيا الغربية. وهذا ما يفسر تركها للأجانب ينافسون فقراء البلد في حمل الأثقال، لأنهم هم أيضا يستحقون الرأفة والشفقة من رئيس الفقراء، ومن حكومة الفقراء، ومن رجال أعمال الفقراء. فكيف بالله تصدقون أن حكومة تهتم بفقراء الدول المجاورة ستقصر في حق فقرائها الذين هم من لحمها وعظمها؟؟؟ ( لا أستطيع أن أقول من دمها، فهناك تصرفات كثيرة توحي بأن حكومتنا لا دم فيها، ولا حياء لها، وأقرؤوا إن شئتم مقال وزير الصحة الذي لم يعد لديه شيء يفعله في وزارته، فتفرغ لكتابة المقالات !!! ). واعلموا أيها الحمالون بأن هناك الكثير من الفقراء يحسدكم على ما أنتم فيه من نِعَم، فأنتم لا تعانون من الأرق، فمن كثرة تعبكم تنامون بمجرد وصولكم إلى "أكواخ الدجاج" التي تسكنون. ( التسمية لرئيس الفقراء بمناسبة أول زيارة للحي الساكن).أما غيركم من الفقراء فإنه لا يستطيع النوم فهو " لا يحظى" بتعبكم، وإن كان يشارككم في فقركم. إن احتجاج الفقراء "النائمين" قبل احتجاج الفقراء "اليقظين" يشكل ظاهرة لافتة يجب التوقف عندها. لن أضيف شيئا على هذه الجملة، وسأترك لكل قارئ الحرية في فهمها وتأويلها كيف ما شاء. أيها الحمالون إنكم مخطئون.. مخطئون .. مخطئون.فكيف قررتم أن تتظاهروا وأنتم تعلمون بأنكم لا تستطيعون مواصلة إضرابكم، فأنتم لستم كغيركم، لأنكم عندما تتوقفون عن العمل في يوم، فلن تجدوا ما تأكلونه في ذلك اليوم. وعندما تتوقفون ليومين فلن تأكلوا ليومين.. وهكذا. وكيف قررتم أن تتظاهروا وأنتم تعلمون بأنه لن يتعاطف معكم أي فقير من الأغلبية ولا من المعارضة، رغم أن الجميع يحب الفقراء ويشفق عليهم. فأنتم قد لا تصدقون حاليا بأن الأغلبية تهتم بكم. ولكن أريدكم فقط أن تنتظروا أول انتخابات قادمة لتعرفوا كم هم يحبونكم، فقد يأتيكم ساعتها فارس من رحم الأغلبية،لا تعرفونه ولا يعرفكم، يلبس ثوبا أكثر بياضا من أرزكم الذي تأكلون، وليست عليه آثار السهر ومع ذلك فقد يقول لكم بأنه لم يذق للنوم طعما منذ سنوات، لكثرة انشغاله بالتفكير بهمومكم. وقد لا تصدقون أيضا بأن المعارضة تهتم بكم، تلك المعارضة التي نظمت المسيرات عندما سُجِن بعض رجال أعمالها، ولم تتحرك عندما تم سجن عشرات الحمالين. اعذروا المعارضة أيها الحمالون، فهي تحتاج لمال الأغنياء أكثر من احتياجها لعرق الفقراء. وقد لا تصدقون بأن كتابنا ومثقفينا وصحافتنا ومجتمعنا المدني يهتمون بكم. ولكنهم في حقيقتهم يهتمون بكم، حتى وإن كان هذا الاهتمام أقل من اهتمامهم بتحركات الطلاب أو الأساتذة أو الأطباء. فهم قد يتحركون بحماس عندما يسجن صحفي، أو طالب، أو أستاذ. ولكنهم لا يتحركون عندما يعتقل عشرات الحمالين البسطاء الفقراء. وهم قد تشغلهم قضايا أرشيفية، وصراعات ثانوية عن همومكم. ولكن كل ذلك ليس دليلا على أنهم لا يهتمون بكم. إنهم يهتمون بكم، حتى وإن كان يصعب تقديم دليل على ذلك الاهتمام. أيها الحمالون لو كنتم على حق لما ضاعت حقوقكم على أرض الفقراء، وتحت سماء الفقراء، وعلى مرأى ومسمع من رئيس الفقراء. ولو كنتم على حق لما خذلتكم حكومة الفقراء، ولا معارضة الفقراء، ولا مثقفو الفقراء، ولا صحافة الفقراء، ولا المجتمع المدني للفقراء، ولا فقراء الفقراء. فيا أيها الحمالون إنكم لمخطئون، قليلو الحياء.ولو كنتم على حق لوجدتم أنصارا كثرا: فخطباؤنا بخير.. وحكومتنا بخير.. ومعارضتنا بخير.. ومثقفونا بخير.. وصحافتنا بخير.. وفقراؤنا المفسدون ـ كل فقرائنا المفسدين ـ بخير.. أما أنتم فلا تريدون أن تكونوا على خير، فلم لا تريدون أن تكونوا على خير؟؟ تصبحون على خير..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق