ترددتُ
في البداية من قبل المشاركة في الحملة التي أطلقها بعض نشطاء مواقع التواصل
الاجتماعي ضد شركة "موريتل"، وذلك لقناعتي برداءة خدمات كل شركات
الاتصال، وبأنه قد يكون من الظلم إطلاق حملة ضد شركة دون الأخرى، فمثل ذلك سيشكل
خدمة دعائية ومجانية لشركتي "شنقيتل" و"ماتال".
ترددت
في البداية، ولكني، وبعد الإطلاع على بعض الحقائق والأرقام وجدتُ أنه من الضروري، بل
إنه من الواجب عليَ، أن أشارك في هذه الحملة الهامة.
تقول
الأرقام المعتمدة لدى سلطة التنظيم بأن عدد المشتركين في شركات الاتصال الثلاث قد
زاد على عدد سكان موريتانيا في العام 2016، ووصلت نسبته إلى 102% من السكان، أما عدد مستخدمي الانترنت عبر الهاتف فقد وصل في
العام 2017 إلى ما يزيد على 2 مليون مشترك. وحسب نفس المصدر فإن الموريتانيين يقضون 5 مليارات دقيقة في العام
وهم يتحدثون بالهاتف، مما يعني بأن الموريتاني يقضي حسب المتوسط 116 دقيقة كل شهر
وهو يتحدث في الهاتف، وكلفة الدقيقة الواحدة إذا ما استبعدنا المكالمات المجانية
والتخفيضات الاستثنائية تصل إلى 70 أوقية قديمة بالنسبة ل"موريتل، و47 أوقية
بالنسبة ل"شنقيتل"، و59 أوقية بالنسبة ل"ماتال"، حسب الموقع
الرسمي لسلطة التنظيم.
تعد
كلفة الدقيقة عند "موريتل" هي الأعلى، مع أن العكس هو الذي كان يجب أن
يحصل، ف"موريتل" تسيطر على 59% من سوق الاتصالات، وتأتي بعدها
"شنقيتل" بنسبة 23%، وفي الرتبة الأخيرة تأتي "ماتال" بنسبة
18% من سوق الاتصالات.
ميزة
أخرى تمتلكها "موريتل"، وكان من المفترض أن تنعكس إيجابا على أسعارها
بالمقارنة بأسعار منافستيها (شنقيتل وماتال)، وهي أن "موريتل" كانت قد اشترت
وبسعر زهيد شركة قائمة بذاتها بينما اشترت "ماتال" و"شنقيتل"
رخصتين فقط، وهو الشيء الذي جعلهما تنفقان أموالا إضافية على المقرات والتجهيزات
وكل ما يتعلق بالبنية التحتية.
هذه
الأرقام والمعطيات تبين أهمية هذه الحملة، ومن المؤكد بأن شركة "موريتل"
ستحاول أن تفشلها، وقد بدأت بالفعل في ذلك. سيأتيكم من يقول لكم بأنكم سذج وبأنكم
تستغلون من طرف شركات جشعة أخرى ( شنقيتل وماتال)، وبأنه عليكم أن تقاطعوا الشركات
الثلاث في وقت واحد أو أن تتوقفوا عن مقاطعة "موريتل" لوحدها لأن في ذلك
ظلم كبير لهذه الشركة.
إن
من يطالب بحملة مقاطعة شاملة ضد الشركات الثلاث إنما يطالب بالمستحيل، وهو بذلك
يريدنا كمستهلين أن لا نفعل أي شيء أمام سرقة وجشع شركات الاتصال، وأن نقبل
بالمزيد من سرقتنا ومن احتقارنا كمستهلكين. إن البدء بمقاطعة "موريتل"
كبيرتهم التي علمتهم السرقة والجشع، هي بداية موفقة وذكية. ومن المؤكد بأنه عندما
تنجح هذه الحملة فإن "شنقيتل" و"ماتال" ستحسنان من خدماتها،
وذلك لقناعتهما بأن المستهلك الموريتاني الذي بدأ يعي حقوقه، والذي وجه صفعة قوية
لأختهم الكبيرة التي علمتهم الجشع واحتقار المستهلك لهو قادر على أن يوجه لهما صفعات
أقوى إن لم تُحَسِنا ـ وبشكل سريع ـ من خدماتهما.
إنه
ليست لدينا كمشاركين في هذه الحملة خصومة دائمة مع شركة "موريتل"، ولا
صداقة قديمة أو جديدة مع "شنقيتل" و"ماتال"،
و"موريتل" عندما تعتذر لزبنائها، وعندما تُحَسن من خدماتها، فإننا
سنتوقف بشكل تلقائي عن مقاطعتها، بل إنه يمكننا في هذه الحالة أن نروج لها، وأن
نطلق حملة مماثلة ضد منافستيها، عندما نتأكد بالأرقام بأنها ـ أي
"موريتل" ـ قد أصبحت أحسن خدمات
وأكثر احتراما للمستهلك من منافستيها (شنقيتل وماتال).
على
"موريتل" أن تعلم بأن هذه الحملة قد اتسعت ولم يعد تنفع معها محاولة
إسكات هذا المدون أو ذاك، وهي ستتواصل وقد بدأت تأتي أكلها، ويظهر ذلك من خلال
انسحاب 20000 معجب من صفحة الشركة على الفيسبوك منذ انطلاق هه الحملة. وسيكون
الموعد الحاسم في هذه الحملة هو فاتح شهر رمضان المبارك، والذي علينا أن نتوقف فيه
بشكل كامل عن استخدام شبكة
"موريتل" (الهاتف والانترنت)، ورفض الرد على أي اتصال من شريحة تتبع
ل"موريتل"، مع دعوة الجميع للمشاركة الفعالة في يوم المقاطعة هذا.
إن
فاتح رمضان لهذا العام يجب أن يكون هو أسوأ يوم في تاريخ شركة "موريتل"،
فإن اعتذرت هذه الشركة عن احتقارها للمستهلك الموريتاني، وإن هي خففت من جشعها، تم
إيقاف الحملة، وإلا فإنه على المشاركين في هذه الحملة أن يفكروا في خطوات تصعيدية
جديدة ضد هذه الشركة.
إن
هذه الحملة يجب أن تنجح، وإنه على المشاركين فيها أن لا يعولوا على السلطة الحاكمة،
وذلك لأنها شريك في عملية النهب والسرقة التي يتعرض لها المواطن الموريتاني عند كل
عملية اتصال بالهاتف أو بالانترنت.
السلطة
الحاكمة ليست معنية إلا بالضرائب التي تجنيها من هذا القطاع، والذي وصل رقم أعماله
في العام 2017 إلى 91 مليار أوقية، وهو يحتل المرتبة الثانية بعد قطاع المعادن من
حيث المبالغ التي يوفرها لخزينة الدولة. لقد ظلت السلطة تزيد من حجم الضرائب على
هذه الشركات، ومن المعروف بأن أي ضريبة أو أي غرامة ستفرض على هذه الشركات ستحسب
مباشرة على المستهلك، فهذه الشركات ليست منظمات خيرية، بل إنها تقصر كثيرا في
مسؤوليتها الاجتماعية، وكعضو مؤسس في حملة "معا للحد من حوادث السير"
يمكنني أن أقول ذلك، فهذه الشركات تبخل بكتابة جملة إعلانية لتخفيف السرعة على
لوحاتها الكبيرة المنتشرة في شوارع العاصمة، أما أن تخصص لوحة للسلامة الطرقية
فذلك أمر مستبعد، أو أن تتكفل بنفقات فيديو إعلاني للسلامة الطرقية في إحدى
القنوات التلفزيونية المحلية فذلك أمر أكثر استبعادا..لقد أنتجنا في الحملة فيديو
إعلاني للسلامة الطرقية ولكننا لم نستطع أن نبثه في أي قناة لعدم قبول أي شركة
بتحمل كلفة بثه مع الدعاية لها في ذلك الفيديو الإعلاني.
المهم
أن هذه الشركات ليست منظمات خيرية، وهي بعيدة جدا من أن تكون كذلك، وأي ضريبة تفرض
عليها سيتحملها المستهلك لوحده، ولقد وفرت الضرائب على هذه الشركات للميزانية في
العام 2015 موارد تصل إلى 31.7 مليار أوقية وهو ما يمثل 7% من الميزانية، موزعة على النحو
التالي: 21.6 مليار أوقية ضرائب ؛ 2.2
مليار أوقية رسوم جمركية، و7.9 مليار أتاوات خاصة.
ولتفهموا
أكثر بأن هناك تمالآ بين الدولة وهذه الشركات ، فعليكم أن تعلموا بأن السبب في
استمرار سوء خدمات الاتصال هو أن الدولة تستفيد من سوء خدمات الاتصال، وذلك لأنها
تفرض بموجبها غرامات جديدة على هذه الشركات، سيدفعها في النهاية المستهلك الذي
يعتبر هو المتضرر الأول من سوء خدمات
الاتصال وهو المتضرر الأول كذلك من الغرامات التي تفرض بسبب سوئها. إن السلطة هي
من يقف ضد تحسن هذه الخدمات، وذلك لأنها تفرض رسوما جمركية تقترب من 50% على
المعدات والتجهيزات اللازم استيرادها لتحسين خدمات شركات الاتصال. ولأن شركات
الاتصال لا يهمها إلا الربح فقد قررت أن تواصل دفع الغرامات بدلا من استيراد معدات
ستكلفها رسوما جمركية تضاعف عدة مرات مبلغ الغرامات.
إنه
علينا كمستهلكين أن نعلم بأن هناك تحالفا غير شريف بين السلطة وشركات الاتصال،
وبأن المتضرر الأول هو المستهلك، وبأنه ليس أمامنا كمستهلكين إلا سلاح المقاطعة،
فبهذا السلاح الفعال سنوقف هذه السرقة التي نتعرض لها مع كل عملية اتصال بالهاتف
أو بالانترنت.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق