الجمعة، 7 فبراير 2025

عن أهمية إطلاق "منصة 304"!


في يوم الأربعاء الموافق 29 مايو 2024 تم الإعلان عن تأسيس "منتدى 24 ـ 29 لدعم ومتابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية"، وقد ركز المنتدى على متابعة ثلاثة ملفات أساسية من برنامج فخامة رئيس الجمهورية (طموحي للوطن)، وهي الملفات المتعلقة بمحاربة الفساد، وإصلاح الإدارة، والتمكين للشباب.

وفي إطار هذه المتابعة، أصدر منتدى 24 ـ 29 تقريره الأول بمناسبة المائة يوم الأولى، ووعد في ذلك التقرير بأن يُصدر تقريره الثاني في بداية العام 2025، وأن يخصصه  لثلاثة عشر مشروعا وعد معالي الوزير الأول في إعلان السياسة العامة للحكومة بإكمالها قبل نهاية العام 2024.

لم نُعِد في المنتدى تقريرا عن تلك المشاريع، كما وعدنا في تقريرنا الأول، وذلك بعد أن كشف معالي الوزير الأول في خطاب "الحصيلة والآفاق" عن ما تحقق بخصوص تلك المشاريع، حيث أكد أن العمل اكتمل في 11 مشروعا منها، وبقي مشروعان اثنان أحدهما قد يتأخر لشهر، والثاني قد يتأخر لثلاثة أشهر وزيادة.

لم تقتصر أنشطة المنتدى في الفترة الماضية على متابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، بل عمل جاهدا من أجل التحضير لتأسيس حلف وطني واسع لمحاربة الفساد، وقد مهَّد لذلك بإصدار ميثاق شرف لمحاربة الفساد من نسختين، إحداهما خاصة بالمجتمع المدني، وقد وقعتها عشرات المنظمات الفاعلة، والثانية خاصة بالأحزاب السياسية، وقد وقعتها بعض الأحزاب السياسية.

هذا عن حصيلة عمل المنتدى خلال النصف الثاني من العام 2024، أما عن الآفاق المستقبلية، فقد اجتمعت اللجنة التأسيسية للمنتدى في يوم السبت الموافق 1 فبراير 2025، وبعد استعراض الحصيلة وتثمينها في مجال دعم ومتابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، وكذلك في مجال التحضير لتأسيس حلف وطني واسع لمحاربة الفساد، فقد اتخذت اللجنة التأسيسية خلال الاجتماع المذكور قرارين مهمين، ستكون لهما انعكاسات ايجابية كبيرة على عمل المنتدى في الفترة القادمة.

القرار الأول : المنتدى مبادرة جمعوية

لقد تأسس المنتدى قبيل الحملة الانتخابية الرئاسية الماضية، وأسسه داعمون لفخامة رئيس الجمهورية، ولذا فقد شارك بقوة في الحملة الانتخابية الماضية، وأنشطته في الحملة موثقة، وكانت أنشطة متميزة، ولكن من جهة أخرى فإن أنشطة المنتدى فيما بعد الانتخابات الرئاسية كانت أقرب لأنشطة منظمات المجتمع المدني، فالملفات التي كان يتابعها هي ملفات أقرب لعمل المجتمع المدني : محاربة الفساد، إصلاح الإدارة، تمكين الشباب. كما أن طبيعة الأنشطة التي كان يقوم بها كانت أقرب هي أيضا لأنشطة المجتمع المدني : إصدار التقارير، تنظيم الندوات، العمل على تشكيل حلف وطني لمحاربة الفساد، وإصدار ميثاق شرف وجمع التوقيعات عليه.

إن هذا التداخل في عمل المنتدى، بين ما هو سياسي وما هو جمعوي، فرض على اللجنة التأسيسية للمنتدى في اجتماعها الأخير أن توقف هذا التداخل، وأن تحسم تصنيف المنتدى، من خلال الإجابة وبوضوح على السؤال : من نحن، فهل نحن في المنتدى مبادرة سياسية أم مبادرة جمعوية؟

بعد نقاشات معمقة على هذا السؤال، ولأسباب وجيهة لا يتسع المقام لبسطها، وربما أخصص لها مقالا مستقلا في المستقبل،  قررت اللجنة التأسيسية للمنتدى في اجتماعها الأخير أن تحسم هذا التداخل لصالح العمل الجمعوي، وأن تصنف المنتدى على أنه مبادرة جمعوية، وهو ما اقتضى تعديلا طفيفا في تسميته، لتصبح تسميته الجديدة: "منتدى 24 ـ 29 للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي".

القرار الثاني : متابعة الأداء الحكومي

استعرض معالي الوزير الأول  في خطاب "الحصيلة والآفاق" خطة الحكومة  للعام 2025، ووعد بتنفيذ 304 التزامات تضمنتها تلك الخطة، وقد كانت في مجملها التزامات واضحة ومحددة بسقف زمني، وهو ما يجعلها قابلة للقياس والتقييم، ولهذا فقد قررنا في المنتدى في اجتماع فاتح فبراير الجاري أن نتابع تنفيذ تلك الخطة، خاصة وأنها تشكل "مقطعا سنويا" من برنامج فخامة رئيس الجمهورية، والذي تأسس المنتدى أصلا لمتابعته.

وفي إطار متابعة خطة الحكومة للعام 2025، فقد قرر المنتدى أن يعمل على :

1 ـ إطلاق "منصة 304 لمتابعة الأداء الحكومي"، وستركز هذه المنصة على متابعة تنفيذ 304 التزامات التي تعهد بها الوزير الأول في خطة الحكومة السنوية للعام 2025، وستظهر على واجهة المنصة خريطة موريتانيا، وبها كل الولايات، وعلى خريطة كل ولاية ستوضع نقاط بلون محايد تمثل عدد الالتزامات الخاصة بتلك الولاية في خطة الحكومة للعام 2025، وكلما نفذَت الحكومة أحد تلك الالتزامات تحول لونه إلى اللون الأخضر، مع تلوين الالتزامات التي لم تنفذ باللون الأحمر في نهاية السنة، على أن يسبق ذلك، اللون الأصفر التحذيري الذي ستلون به الالتزامات التي لم يحصل تقدم في تنفيذها، كلما اقتربنا من نهاية السنة.

وفي ختام السنة سيكون من السهل جدا تقييم أداء العمل الحكومي في مجمله، وذلك من خلال حساب النسبة المئوية لكل لون على خريطة المنصة.

كما سيتم بالتوازي مع توزيع الالتزامات على الولايات، توزيع تلك الالتزامات على القطاعات الحكومية، وذلك من أجل تقييم أداء كل وزير على حدة، فلكل وزير التزامات خاصة بقطاعه في خطة 2025، وفي نهاية السنة سيتم حساب النسبة المئوية  لكل لون في كل قطاع على حدة، وبذلك يُقَيَّم أداء كل وزير على حدة، بعد أن تم تقييم أداء الحكومة في المجمل.

وبالإضافة إلى متابعة تنفيذ ما جاء في خطة الحكومة للعام 2025، فإن رقابة المنتدى على العمل الحكومي ستشمل أيضا توصيات المنتديات الجهوية للتخطيط التنموي التشاركي، وذلك من خلال مراقبة تنفيذ ما سيتم فرزه والإعلان عنه من تلك التوصيات و الأولويات التنموية لكل ولاية على حدة.

2 ـ ستركز جهودنا في المنتدى خلال العام 2025 على كل ما من شأنه أن يُفعِّل من رقابة المواطن، ويؤسس مستقبلا لرقابة شعبية فعالة على الأداء الحكومي، فنحن في هذه البلاد بحاجة ماسة إلى هذا النوع من الرقابة الشعبية، وتقييم أداء الحكومة بكل موضوعية بعيدا عن التجاذبات السياسية التي تؤثر على طبيعة ذلك التقييم، وسنحاول في هذا المسعى إشراك بعض منظمات المجتمع المدني، وكذلك بعض المدونين نظرا للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه منظمات المجتمع المدني ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في تفعيل الرقابة الشعبية على الأداء الحكومي.

ولضمان تفعيل ذلك الدور،  سيكون من المهم جدا أن نطلق في المنتدى برنامجا تكوينيا لصالح المنظمات الفاعلة والمدونين الراغبين في الانخراط في هذا الجهد، ففي كثير من الأحيان قد تجد ناشطا جمعويا أو صحفيا أو مدونا يسعى بحسن نية لمراقبة الصفقات العمومية مثلا، ولكشف ما قد يشوب هذه الصفقة أو تلك من فساد، ومع ذلك فهو قد يكون شبه أمي في مساطر إجراءات الصفقات العمومية، ومن هنا تظهر أهمية التكوين، حتى تكون رقابتنا الشعبية على الصفقات العمومية رقابة أكثر جدية، وما ينطبق على الصفقات العمومية ينطبق على الملفات الأخرى التي قد تهم كل من يريد أن يساهم في التأسيس لرقابة شعبية فعالة على الأداء الحكومي:

3 ـ إن الرقابة الشعبية على العمل الحكومي  تتطلب كذلك توعية المواطن بأهمية استغلال المنصات المتاحة، وخصوصا منصة عين لإيصال شكاويه وما يريد أن يبلغ عنه من اختلالات ونواقص في أداء الإدارة العمومية.

ولأن التوعية في هذا المجال في غاية الأهمية، ولأنه لم تظهر حتى الآن، أي مبادرة جمعوية للقيام بهذا الدور التوعوي الهام، فإنه علينا في المنتدى أن نقوم بهذا الدور، مع مطالبة الحكومة بضرورة إشراك المجتمع المدني في متابعة تعامل القطاعات الحكومية مع الشكاوي والتبليغات التي يقدمها المواطنون من خلال منصة عين، ونشر تقارير دورية عن الشكاوي والتبليغات التي تمت معالجتها عن طريق المنصة.

4 ـ من المهم كذلك أن يستمر المنتدى في جهوده الرامية لتأسيس تحالف وطني واسع لمحاربة الفساد، ومما لاشك فيه أن الرقابة الشعبية على الأداء الحكومي تدخل في صميم الجهود الرامية لمحاربة الفساد.

هذه بعض النقاط التي سيعمل عليها "منتدى 24 ـ 29 للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي" خلال العام 2025، وسيبقى المنتدى بحاجة إلى دعم الحكومة، فبدون تعاون الحكومة لا يمكن أن نتحدث عن رقابة شعبية فعالة. كما أنه سيبقى بحاجة إلى دعم كل الذين يتقاسمون معه هذه الأفكار، ويسعون إلى محاربة الفساد، وتفعيل رقابة المواطن، والتأسيس لرقابة شعبية جادة على الأداء الحكومي.  

حفظ الله موريتانيا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق