إذا شاهدتَ شخصا ما يقيم الليل ويكثر من صلاة النوافل، ولكنه مع ذلك لا يؤدي
الصلوات الخمس المفروضة عليه فهل ستصفه بالعابد الزاهد؟
وإذا شاهدتَ شخصا ما لا يفوت صوم الاثنين والخميس، ولكنه
مع ذلك لا يصوم رمضان فهل ستعد هذا الشخص من عباد الله الصالحين؟
إن أي تطوع لا يسبقه أداء الواجب يصبح بلا معنى، بل إنه قد
يحط صاحبه في الدرك الأسفل، فالشخص الذي لا يصوم رمضان، ولا يتنفل بصوم الاثنين والخميس
فهذا شخص يحسب له أنه لم يخادع الناس ولم يغالطهم، وإنما كشف لهم عن حقيقته السيئة
الخبيثة. أما الشخص الذي لا يصوم رمضان، ومع ذلك فهو لا يفوت صوم الاثنين والخميس فهذا
شخص يزيد على معصيته التي يتساوى فيها مع من لا يصوم إطلاقا، لا تنفلا ولا فرضا، بمعصية
أخرى، وهي أنه يحاول أن يغالط الناس، وأن يخدعهم بتطوعه الزائف، والذي لن يجلب
لصحيفته حسنة واحدة، حتى وإن أكثر من ذلك التطوع الزائف.
هذا الكلام يمكن أن نقوله عن الرئيس الذي لا يؤدي حقوق المواطنين،
ومع ذلك فإننا نجده يطلق منظمة خيرية لتأدية بعض الأعمال التطوعية لصالح عدد من المواطنين
المحتاجين الذين كان قد قصر في تأدية حقوقهم الواجبة عليه، والتي كان عليه أن
يؤديها لهم كاملة غير منقوصة، وذلك من قبل أن يفكر في أن يقوم بأعمال تطوعية
لصالحهم.
إن مثل هذه المنظمة الخيرية تصبح بلا فائدة، ويصبح تطوعها
بلا معنى، هذا إذا ما افترضنا جدلا بأن الرئيس كان قد أسسها من ماله الخاص الذي جمعه
بطرق شرعية لا شبهة فيها. أما إذا كان قد تم تأسيس هذه المنظمة من أموال هذا الشعب
المغلوب على أمره ـ وذلك هو الراجح عندنا ـ فإن "جريمة التطوع " تكون هنا أشد وأخطر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق