منذ سنتين تقريبا ذهبت إلى إحدى شركات النقل لإرسال علبة دواء إلى الوالدة
في لعيون، وبعد إكمال الإجراءات سألتُ عامل الشركة الذي تولى الإجراءات عن المبلغ
الذي عليَّ دفعه مقابل خدمة إيصال الدواء فأخبرني بأنهم في الشركة لا يأخذون أي
تعويض مقابل إيصالهم للدواء، وأن تلك الخدمة يقدمونها للمواطنين بشكل مجاني.
لم يكن مني إلا أن شكرتُ العامل، وشكرتُ الشركة، وكتبتُ من بعد ذلك منشورا
ترويجيا على صفحتي لتلك الشركة..ولقد علمتُ من بعد ذلك أن بعض شركات النقل الأخرى
قلدت تلك الشركة وأصبحت توصل الدواء مجانا.
إن من يقدم هذه الخدمة ليستحق الشكر، فهو يستحق الشكر لأسباب عديدة لعل من
أهمها:
1 ـ إن القطاع الخاص عندنا ليس مشهورا بالعمل الخيري، ولذلك فإنه علينا
جميعا أن نشجع أي شركة خاصة تقرر أن تقدم عملا خيريا، حتى ولو كان ذلك العمل
الخيري بسيطا.
2 ـ إننا في موريتانيا قد عُرفنا ـ سواء كنا إفرادا أو مؤسسات ـ بالعجرفة
وبالخشونة في العلاقات وفي المعاملات، ولذلك فأن تقرر شركة ما أن تضفي على عملها
بعدا أخلاقيا وإنسانيا، وأن تكسوه بلمسة عاطفية رقيقة كإيصال الدواء بشكل مجاني
إلى المرضى، فأن تقرر شركة ما ذلك، فإن ذلك لمن الأمور التي تستحق التشجيع من
الجميع.
ولكن المشكلة أننا في هذه البلاد قد تعودنا على أن نحبط كل من يقوم بعمل
مفيد بدلا من تشجيعه. لقد بلغني أن البعض أصبح يرسل الهواتف وأشياء صغيرة أخرى في
علب الدواء، وذلك حتى لا يدفع مالا مقابل إيصالها!!
فهل التحايل والغش هما من الصفات الوراثية
التي يحملها الموريتاني في جيناته؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق