إن من الحس السياسي
السليم أن لا تفكر في السياسة، ولا في
المصالح، عندما يُساء لوطنك أو لدينك بطريقة استفزازية...
وفي العادة فإنك
عندما لا تفكر في المصالح، ولا في السياسة، في مثل تلك الأوقات، فإنك تخرج ـ في الغالب ـ بأسلم
وأنضج وأصدق موقف سياسي يمكنك أن تتخذه
على الإطلاق.
هذه الكلمات التي
استوحيتها مما يجري في البلد الآن، هي التي جعلتني أعدل للمرة الثانية عن كتابة مقال كنت أريده أن
يكون أقوى مقال أكتبه ضد النظام الحالي، لأكتب بدلا منه كلمات لو فكرت بعقلية
السياسيين ما كتبتها إطلاقا.
إنها كلمات قد لا يكون
من السياسة كتابتها في مثل هذا الوقت بالذات، والذي يسبق اعتصام الرحيل الموعود
بأيام قليلة.
ولكنها أيضا كلمات
يفرض الحس السليم كتابتها ـ لا كتابة غيرها ـ في مثل هذا اليوم الذي يأتي بعد "محرقة الكتب
الفقهية" بيومين...
وهذه الكلمات تقول
بالمختصر الناصح، أو بالمختصر الناطح، إذا شئتم:
إنه لمن المؤسف حقا،
أن يأتي بيان حزب "تواصل" حول المحرقة باهتا، ومليئا بكلمات ميتة خالية
من أي مشاعر وأحاسيس وكأن إنسانا آليا جيء به من اليابان ليكتب ـ على عجل ـ تلك
الكلمات التي قرأناها في البيان.
وإنه لمن المؤسف حقا،
أن يتحدث رئيس حزب "تواصل" في أول يوم بعد "محرقة الكتب
الفقهية" عن كل شيء، ولا يتحدث إلا بكلمات مختصرة جدا، قد تمر دون أن يفطن
لها، عن المحرقة، حسب المنشور من كلامه، في مواقع لم يعرف عنها البخل أثناء نقل
خطاباته وتصريحاته.
وإنه لمن المؤسف حقا،
أن لا يتحدث الموقع الإخباري الأكثر شعبية، والأكثر زوارا عن "محرقة الكتب الفقهية"، وكأنها لم
تحدث أصلا، رغم أن تفاصيلها كانت تهم كل الموريتانيين بما فيهم زوار الموقع
المذكور.
وإنه لمن المؤسف حقا
أن حزب "تواصل" فكر في السياسة وفي المصالح خلال الأيام الثلاثة
الماضية، ولم يفكر في غيرها، فجاءت مواقفه من "محرقة الكتب الفقهية"
مخيبة للآمال.
وأعتقد أن "تواصل"
لو عمل بالحكمة أعلاه، ولو لم يفكر إطلاقا في السياسة، ولا في المصالح خلال الأيام الثلاثة
الماضية، لخرج بموقف سياسي حكيم يخدمه
سياسيا، وينسجم مع المسحة الأخلاقية والدينية التي يحاول هذا الحزب أن يضفيها على
عمله السياسي، ويخدم ـ فوق ذلك كله ـ
مصالح الحزب الضيقة، وينسجم مع مزاج شعبية الحزب ولا يصدمها، ولكن مشكلة
"تواصل" أنه فكر في المصالح في
وقت لا يجوز فيه التفكير إلا في المبادئ والأخلاق.
تصبحون على موقف "ناطح"
من المحرقة....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق