تحدثت في مقالي السابق، والذي كان تحت عنوان : " كيف خططت الحرائق لحربها المشتعلة في أمريكا؟"
عن دقة الحرائق في اختيار التوقيت الأمثل، والمكان الأنسب، لحربها المشتعلة حاليا في أمريكا.
وفي هذه
السطور المكملة سأعود بتفصيل أكثر إلى دقة الحرائق في اختيارها للمكان الأنسب
ليكون ساحةً لحربها في أمريكا، فاختيار ولاية كاليفورنيا بالذات، ومدينة لوس
انجلوس بشكل خاص، زاد من حجم خسائر الحرائق بشكل رهيب وفظيع، فولاية كاليفورنيا هي
الولاية الوحيدة في أمريكا، بل وفي العالم كله، التي يعيش فيها 1000000(مليون) مليونيرا،
و186 مليارديرا، وإذا ما افترضنا أن هذه الولاية
انفصلت عن أمريكا، وشكلت دولة لوحدها، فإنها اقتصاديا ستصبح الدولة الخامسة عالميا، وفي هذه الولاية يوجد وادي
السيليكون، والذي يعتبر المركز العالمي للتكنولوجيا والابتكار، وذلك لاحتضانه كبريات شركات التكنولوجيا الرقمية في العالم :
آبل، كوكل، ميتا (فيسبوك)، نتفليكس، ميكروسوفت....إلخ، وتوجد بها كذلك هوليوود والتي تعدُّ امبراطورية صناعة السينما في العالم.
ولمعرفة
دقة الحرائق في اختيار ساحة معركتها، فيكفينا أن نعلم أن عداد الخسائر وصل في أيام
معدودة إلى أرقام فلكية لا يمكن تخيلها، فحسب آخر التقديرات فإن الخسائر التي
تسببت فيها الحرائق وصلت إلى 275 مليار دولار خلال 10 أيام فقط، ومع ذلك فعداد
الخسائر ما زال يشتغل، وقد يزيد تسارعه مع الزيادة المتوقعة في سرعة الرياح.
يعني
هذا الرقم الضخم، بلغة المتوسطات الإحصائية، أن كلفة الحرائق في أمريكا تصل في
اليوم الواحد إلى 27.5 مليار دولار، وهذا
الرقم ـ ولكي تدركون حجمه ـ يساوي قيمة مجموع
الدعم العسكري والاقتصادي الذي قدمته أمريكا للعدو الصهيوني في حرب الإبادة التي خاضها في غزة خلال الخمسة
عشر شهرا الماضية، فمجموع ذلك الدعم يقدر
ب28 مليار دولار، ويعني أيضا أن الحرائق كانت تكبد أمريكا في كل ساعة من الأيام
العشرة الماضية 1.14 مليار دولار، وتكبدها في الدقيقة الواحدة 19 مليون دولار.
وبمقارنة
أخرى، ودائما لتبيان ضخامة هذا المبلغ، فلكم أن تعلموا أن حجم خسائر الحرائق خلال
ثلاثة أيام فقط، وبالاعتماد على المتوسط اليومي، و صل إلى 82.5 مليار دولار، أي أنه زاد ب 15.5 مليار
دولار على مجموع ما تكَلَّفهُ العدو الصهيوني خلال 15 شهرا من حرب الإبادة في غزة، فكلفة حرب الإبادة تقدر ب 67 مليار دولار.
والآن،
هل أدركتم حجم الخسائر الضخمة التي تتكبدها أمريكا بسبب حرب الحرائق المشتعلة في ولاية
كاليفورنيا؟
"المصيبة الأكبر" أن هذه الخسائر الضخمة تكبدتها أمريكا أياما قليلة قبيل
تنصيب الرئيس ترامب، والذي يعني له المال الشيء الكثير والكثير جدا، وربما كان
يتمنى أن تكون خسائر الحرائق في الأنفس لا في الأموال، أي أن يموت عدد كبير
من الأمريكيين بدلا من خسارة 275 مليار دولار في 10 أيام فقط.
وإذا ما
ابتعدنا قليلا عن المال، فيمكن القول بأن حرائق كاليفورنيا قد استهدفت ثلاث جهات يمكن تصنيفها على أنها هي الجهات الأمريكية الأكثر مناصرة
للعدو الصهيوني، والأشد عداءً لفلسطين، وهذه الجهات الثلاث هي:
1 ـ
هوليود، والتي زيفت الحقائق في أفلامها، فجعلت المجرم الصهيوني بريئا وصاحب مظلمة
وقضية عادلة، وجعلت الضحية الفلسطيني مجرما وإرهابيا لا يستحق إلا القتل والتهجير
من أرضه؛
2 ـ
كبريات شركات التكنولوجيا الرقمية، وهي داعمة للعدو، وعلى رأس تلك الشركات شركة الفيسبوك
التي تحاصر المحتوى المناصر لفلسطين وتحظره بكل وقاحة؛
3 ـ
رجال الأعمال بغض النظار عن مجال أنشطتهم، فغالبية رجال الأعمال في أمريكا يتبرعون
للعدو الصهيوني بمبالغ مالية ضخمة، وبسخاء كبير.
هكذا
يتضح أن الحرائق قد استهدفت الاقتصاد الأمريكي، كما استهدفت كذلك أهم داعمي العدو
الصهيوني في أمريكا، فهل يمكن أن يكون كل ذلك صدفة؟
جوابي
على هذا السؤال تجدونه في المقال السابق، والذي ستجدون رابطه في خاتمة هذا المقال.
لقد
قلتُ في هذا المقال إن هناك بالفعل احتمالا لأن يقرأ ترامب رسائل الحرائق الموجهة إليه، ولكني قلتُ
أن ذلك الاحتمال سيبقى ضعيفا، واليوم أقول بأن هذا الاحتمال لن يكون بذلك الضعف
الذي تحدثتُ عنه في المقال السابق، فمن الصعب جدا أن يقبل ترامب أن يتحمل في وقت
واحد خسائر الحرائق الضخمة وكلفة دعم إسرائيل في حروبها الوحشية، ولذا فقد أجبر
حكومة العدو على التوقيع على اتفاق إطلاق النار، وهو الشيء الذي فشل فيه سلفه غير
الصالح، والذي كان يتسول لنتنياهو، بينما أعطى ترامب أوامره الصارمة لنتياهو
بتوقيع الاتفاق، مع أن الاتفاق لم يتغير كثيرا في الحالتين، حسب المتداول إعلاميا.
كل شيء
يمكن أن نتوقعه من ترامب خلال فترة رئاسته القادمة، وهذا هو أحسن ما فيه، وهو أيضا
أسوأ ما فيه، فمن يدري، فربما تغلب على ترامب عقلية التاجر الذي لا يفكر إلا في
المال فقط، فيطلب من حكومة العدو أن تدفع له فاتورة حماية أمريكا لها، وإن لم
تدفع، فيهددها بوقف دعمها عسكريا ودبلوماسيا.
لا شيء
يمكن أن نستغربه في فترة رئاسة ترامب القادمة، فالرئيس ترامب الذي هدد دولا صديقة بضمها إلى أمريكا، يمكنه ـ
وبكل بساطة ـ أن يهدد دولة أخرى بوقف دعمها العسكري والاقتصادي ـ وربما الدبلوماسي
ـ إذا لم تسدد فاتورة ذلك الدعم كاملة غير
منقوصة.
حفظ الله بلاد العرب والمسلمين..
لمطالعة المقال السابق اضغط على الرابط التالي:
كيف خططت الحرائق لحربها المشتعلة في أمريكا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق