الخميس، 24 أكتوبر 2024

عن منصة عين


يعدُّ إطلاق "منصة عين" لاستقبال شكاوى المواطنين، وإبلاغهم عن التجاوزات من الإجراءات المهمة التي اتخذتها الحكومة، في سبيل تقريب خدمات الإدارة من المواطن، وخلق نوع من الرقابة الشعبية على العمل الحكومي.

بالفعل، هذه خطوة مهمة، ونحن في منتدى 24 ـ 29 لدعم ومتابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية نثمنها، فهي تدخل في صميم اهتمامنا، والذي يتمثل ـ بالأساس ـ  في متابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، وخاصة على مستوى ثلاثة ملفات من برنامجه :

1 ـ محاربة الفساد؛

2 ـ تمكين الشباب؛ 

3 ـ إصلاح الإدارة وتقريب خدماتها من المواطن.

ونحن في المنتدى، إذ نثمن إطلاق منصة عين، فإنه لا يفوتنا بهذه المناسبة أن نلفت انتباه الجهات المعنية إلى تَحَدِّيَيْن اثنيْن ستواجههما هذه المنصة، أحدهما يعني الحكومة، والثاني يعني المواطن، وإذا لم تتم مواجهة هذين التحدين بصرامة، فإن المنصة لن تكون فعالة، ولن تأتي بالنتائج المرجوة من إطلاقها.

أولا / على مستوى الحكومة

في يوم 24 مارس 2022 ألقى فخامة رئيس الجمهورية خطابا بمناسبة تخرج دفعة من طلاب المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة القضاء، تحدث فيه عن الكثير من الاختلالات في عمل الإدارة، والتي من بينها عدم وجود مصالح في الوزارات والإدارات لاستقبال المواطنين. بعد ذلك الخطاب افتتحت العديد من الوزارات والإدارات مكاتب لاستقبال المواطنين، وأعلنت عن أرقام هواتف للاتصال، ولكن بعد فترة قصيرة من الزمن، توقف عمل العديد من مكاتب الاستقبال، وتعطل الكثير من أرقام الهواتف التي تم تخصيصها لاستقبال استفسارات وتظلمات المواطنين.

لا نريد في المنتدى تجربة من هذا النوع تتكرر، ولذا فنحن نطلب من الحكومة قدرا كبيرا من الجدية والصرامة والتفاعل الإيجابي مع شكاوى وإبلاغات المواطنين التي سيبعثون بها من خلال المنصة، ونطالبها كذلك بالاستمرارية في هذا التطبيق، والعمل على تحسينه وتطويره بشكل دائم، فالمشكلة تكون دائما في غياب الاستمرارية.

ثانيا/ على مستوى المواطن

استقبل العون الطبي الاستعجالي بعد 48 أسبوعا من تأسيسه 170356 مكالمة على الرقم الأخضر 101. فقط 2805 مكالمة من مجموع تلك المكالمات، أي نسبة 1.6%، هي التي كانت مكالمات مفيدة. حتى في فترة جائحة كورونا، وفي ظل القلق من هذا الوباء، لم يسلم الرقم المجاني 1155 من اتصالات المواطنين الساخرة والعبثية.

لا نريد من المواطن أن يكرر مثل ذلك مع منصة عين، فيغرقها بالمراسلات العبثية وغير المفيدة، وليعلم بأنه هو المتضرر الأول من ذلك، فهذه المنصة هي من أجل المواطن، وإذا تعطلت أو ضعف أداؤها بسبب إغراقها بمراسلات عبثية وغير مفيدة، فإن الذي سيتضرر في نهاية المطاف هو المواطن.

بكلمة واحدة:  منصة عين هي منصة مهمة جدا، ولكنها لن تؤدي الدور المطلوب منها، ولن تكون فعالة، إلا إذا تلاقت جدية الحكومة مع مسؤولية المواطن فيما سيتم تقديمه من شكاوى وإبلاغات.  

حفظ الله موريتانيا..

الاثنين، 21 أكتوبر 2024

كيف سُخِّرَ العدو لخدمة السنوار؟!


من الطبيعي جدا أن يسأل البعض عن السبب الذي جعل العدو يقوم "ببث شبه حي" للقطات الأخيرة من حياة الشهيد يحيى السنوار، وذلك من خلال تسريبه لصور وفيديوهات حصرية اختزنت تفاصيل تلك اللحظات.

ألم تُصِبْ هذه التفاصيل الحصرية كل دعايات العدو في مقتل؟

فلا زي نسائي ظهر، ولا نفق شوهد، ولا درع بشري برز، ولا أسرى في الخلفية.. لا شيء من كل ذلك ظهر في تفاصيل اللحظات الأخيرة التي وثقها العدو حصريا.

فبأي منطق ـ إذا ما تحدثنا بلغة المنطق ـ يطلق العدو رصاصة قاتلة على دعايته التي ظل يروج لها لعام كامل، خاصة أنه كان هو الشاهد الوحيد، والحاضر الوحيد، والموثق الوحيد لتفاصيل استشهاد السنوار؟

قد يقول قائل بأن الصور سربها أحد الجنود، وبعد تسريبها لم يعد بإمكان العدو أن يفعل أي شيء لاستراجعها أو تفنيدها. قبل العودة إلى الصور التي سربها الجندي، فلابد من التنبيه إلى أن هناك صورا وفيديوهات أخرى تضمنت التفاصيل الأكثر رمزية في الاستشهاد، نقلها فيما بعد الناطق الرسمي لجيش العدو، منها أن السنوار ألقى بقنابل على العدو، ومنها ظهوره ملثما جريحا جالسا على أريكة يرمي مسيرة بعصا. ( أذكر بمناسبة رمي العصا بالمثل العربي الجديد الذي كان عنوان مقالي يوم أمس : "رميته بعصا السنوار").

بالعودة إلى صور الجندي دعونا نطرح السؤال : بأي منطق يُسَرب الجندي تلك الصور؟

إن أي جندي يمتلك أدنى ذرة من عقل اكتشف صدفة أنه قتل قائدا كبيرا يُعد المطلوب الأول في "بلده"، لن يُسارع في نشر صوره، ويتأكد الأمر أكثر إذا كان هذا الجندي يعمل في الجيش الأكثر كذبا وخداعا وفبركة وتزييفا للحقائق في العالم.

إن أول فكرة كان من المفترض أن تخطر ببال هذا الجندي عندما وجد تشابها بين الجثة والمطلوب الأول لقادته، هي أن يتريث قليلا في التصوير، حتى يجد زيا نسائيا يلف به الجثة من قبل تصويرها، أو ينتظر حتى ينقلها إلى نفق أو إلى مدرسة أو إلى مستشفى تم تدميره مؤخرا، أو يذهب بها إلى جثث بعض الضحايا من المدنيين العزل فيلقيها بينهم ثم يصورها.

وبطبيعة الحال، لم يكن هناك من يستطيع أن يكذب بدليل ملموس متماسك منطقيا، أي رواية ينشرها العدو عن اللحظات الأخيرة في حياة الشهيد السنوار، وذلك لسبب بسيط جدا، وهو أن العدو كان هو الحاضر الوحيد، وكان هو الشاهد الوحيد، وكان هو الموثق الوحيد لتلك اللحظات.

لقد أحيل بين العدو مع الفبركة رغم خبرته فيها، بل أكثر من ذلك، فلم يُحرم العدو فقط من فبركة صور الاستشهاد لدعم روايته التي كان يروج لها، بل إنه سُخِّر من حيث لا يدري لخدمة القائد الشهيد، فصور ووثق كل التفاصيل الصغيرة التي أدهشت الكثيرين، ليس فقط في بلاد العرب والمسلمين، بل وفي العالم كله، وما ينشره في مواقع التواصل الاجتماعي بعض النشطاء من مختلف دول العالم من إعجاب بالقائد الشهيد يؤكد ذلك.

لكي تفهموا ما حدث من تصرفات خارج المنطق، ما عليكم إلا أن تقرؤوا الآية رقم 30 من سورة الأنفال بتدبر : ((إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين )).

صدق الله العظيم.

حفظ الله المقاومة..


الأحد، 20 أكتوبر 2024

رميته بعصا السنوار!

 


في يوم الأربعاء 16 أكتوبر من العام 2024 استُشهد القائد العظيم يحيى السنوار في معركته الأخيرة مع العدو، وربما يكون رميه للعصا في اتجاه مُسَيَّرة للعدو، هو آخر فعل مقاوم يسجل له في حياته الدنيوية التي انتهت في ذلك اليوم.

بعد استشهاده بيوم واحد، وتحديدا في يوم الخميس 17 أكتوبر، بدأ ميلاد القائد الرمز يحيى السنوار، وكان لبعض جنود العدو دورا مهما في توثيق شهادة الميلاد تلك.

صورٌ قليلة من اللحظات الأخيرة في حياة القائد الشهيد، تم تسريبها من طرف العدو، كانت كافية لإظهار قدر كبير من الشجاعة والشموخ والكبرياء أمام العدو، وذلك في لحظة يفترض أنها لحظة ضعف بالنسبة لقائد معركة يُعدُّ هو المطلوب الأول للعدو، مصاب بجروح، يجلس وحيدا على أريكة في منزل مدمر ينتظر في أي لحظة قدوم جند من الجيش الأكثر إجراما ووحشية ودموية في التاريخ الحديث.

عندما شهدتُ تلك الصور لأول مرة كتبتُ معلقا عليها بأن العدو سيندم كثيرا على تسريبها، وبالفعل فقد ندم العدو كثيرا على تسريبها، وها هو ينشر صورا جديدة لتلافي الأمر، وقد فاته أن ميلاد رمزية القائد الشهيد قد خرج من يده، ولم يعد بإمكانه أن يوقفه بنشر صور أو مقاطع مرئية جديدة.

بطبيعة الحال، لم يكن من سرَّب تلك الصور يُريد بتسريبها أن يجعل من القائد يحيى السنوار رمزا خالدا، بل على العكس من ذلك، فقد كان يريد بها أن يُظهره ضعيفا بلا حول ولا قوة، فتسقط هيبته عند شعبه، وتنهار معنويات كل من كان يُقاتل خلفه.

لقد فات من سرب تلك الصور بأن الكون لا يتحرك بمشيئته، ولا وفق رغباته، فجيش العدو قد يستخدم ـ ودون أن يعي ذلك ـ للرفع من شأن قادة المقاومة، وقد استخدم فعلا لذلك من خلال تسريبه لتلك الصور.

إن مما يدعو للتأمل والتدبر هو أن هذا الجيش المتخصص في الكذب والخداع والفبركة، لم يتمكن من فبركة صور للقائد الرمز لإظهاره عند استشهاده مستسلما في نفق. لقد أحيل بينه مع ذلك رغم تاريخه الطويل في الفبركة والكذب.

 لقد لاقت الصور المسربة إعجابا واسعا في العالم كله، فتفاعل معها إيجابيا الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في الغرب، بل إن بعض المغردين في اليابان اعتبروا القائد الشهيد ساموراي فلسطين.

إن العرب والمسلمين بحاجة اليوم إلى قائد رمز يكون ملهما للأجيال، ولا أحد في زماننا هذا تتوفر فيه صفات القائد الملهم مثلما تتوفر في الشهيد يحيى السنوار الذي قضى حياته بين السجن والمقاومة، والذي يعتبر مهندس معركة السابع من أكتوبر المجيد، وهو فضلا عن ذلك يتميز عن كل القادة الشهداء بأنه استشهد وهو يقاتل العدو وجها لوجه، وقد سخر الله له العدو لأن يوثق اللحظات الأخيرة في حياته، وما اختزنت تلك اللحظات من شجاعة وثبات.

فلنجعل من الشهيد يحيى السنوار قائدا رمزا وملهما للشباب العربي والمسلم، وهو أهل لذلك، فهو ليس أقل بذلا ولا أقل تضحية من نيلسون مانديلا الذي كان قائدا ملهما في إفريقيا، ولا من تشي جيفارا الذي كان قائدا ملهما لشباب الحركات اليسارية في العديد من بلدان العالم.

وختاما، يبقى أن أقول بأني أخذتُ هذا العنوان من منشور للمدون الموريتاني أحمدو أحمد الذي اقترح إضافة مثل عربي جديد إلى أمثالنا العربية، يخلد لحظة استشهاد القائد الرمز، ويُعَبَّر به عن الشخص الذي بذل كل ما يملك من جهد لتحقيق أمر ما، فيقال تعبيرا عن ذلك الجهد: "رماه بعصا السنوار"، أما إذا كان المتحدث هو صاحب الجهد، فيقول : "رميته بعصا السنوار".

حفظ الله المقاومة...

السبت، 19 أكتوبر 2024

رسائل الهجوم على منزل نتنياهو


إذا كان رئيس وزراء العدو قد نجا هذه المرة من الطائرة المسيرة التي استهدفت منزله، فربما لا ينجو مرة أخرى، وبغض النظر عن نتائج هذا الهجوم، فسيبقى الشيء المؤكد هو أن الطائرة المسيرة التي انفجرت في منزل نتنياهو قد وضعت في صندوق بريده، وفي صناديق بريد غيره رسائل قوية وغير مشفرة، منها :

1 ـ أن غرفة عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان لم تكن تمزح ـ وهي ليست معروفة أصلا بالمزاح ـ عندما قالتْ بأنها ستنتقل ـ بناء على توجيهات قيادة المقاومة ـ  إلى "مرحلة جديدة وتصعيدية في المواجهة مع العدو الإسرائيلي ستتحدث عنها مجريات وأحداث الأيام القادمة". لم يطل الانتظار كثيرا، فبعد يوم واحد من الوعد بالتصعيد، وصلت طائرة مسيرة إلى منزل نتنياهو، وأكدت بلسان مقاوم صريح وفصيح (أحدث صوت انفجارها دويا كبيرا حسب إعلام العدو)، أن غرفة عمليات المقاومة لم تكن تمزح في بيانها التصعيدي؛


2 ـ أن هذه الضربة قد جاءت بعد 20 يوما من بدء العمليات البرية في جنوب لبنان، وبدلا من أن يتحقق أحد أهم أهداف الحرب عند نتنياهو، أي إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم، فإذا بنتنياهو نفسه يظهر وهو عاجز عن حماية منزله في منطقة يفترض أنها من أكثر المناطق تحصينا؛


3 ـ أن هذه الضربة غير المسبوقة، والأولى من نوعها، قد جاءت في وقت يكثر فيه الحديث عن قرب رد  العدو على إيران، فإذا كان حزب الله قادرا على أن يصل إلى منزل نتنياهو، ألا يُشَرِّع لنا ذلك طرح السؤال : أين يمكن أن تصل أسلحة إيران إذا ما قررت التصعيد للرد على رد العدو المنتظر؟

من المؤكد أن هذا السؤال سيطرح كثيرا الآن لدى قيادات العدو، ومن الراجح أن الإجابة عليه ستترك بصمتها في طبيعة الرد على إيران؛


4 ـ أن هذه الضربة جاءت بعد ثلاثة أيام من الإعلان عن وصول منظومة الدفاع الجوي "ثاد" الأمريكية إلى دولة العدو؛


5 ـ أن هذه الضربة النوعية، والتي جاءت بعد استشهاد القائد العظيم يحيى السنوار، ولم تأت بعد استشهاد القائد العظيم حسن نصر الله، ستصيب دعايتين مغرضتين في مقتل يحاول البعض أن يدفع بهما للتشويش سلبا على شعار "وحدة الساحات".


من المؤكد أن اختيار توقيت هذه الضربة النوعية له أسبابه التي لا تعرفها إلا غرفة العمليات في المقاومة الإسلامية، ومع ذلك فيمكن القول بأن هذا التوقيت بالذات قد أعطى رسالتين إيجابيتين:

أولهما : أن تقاربه زمنيا مع استشهاد القائد العظيم يحيى السنوار، وليس مع استشهاد القائد العظيم حسن نصر الله، سيعري أكثر أولئك الذين يحاولون أن يخلقوا انشقاقا طائفيا في محور المقاومة، سيكون المستفيد الوحيد منه هو العدو؛


ثانيهما : أن هذه الضربة النوعية ستخرس ـ وإلى الأبد ـ ألسنة أولئك الذين كانوا يتحدثون عن "الحرب المسرحية"، فعندما تنفجر طائرة مسيرة في منزل رئيس وزراء حكومة العدو، فذلك يعني أنه لم يعد بالإمكان ـ حتى بالنسبة لأصحاب الخيال الواسع ـ وصف ما يحدث الآن بالحرب المسرحية.

ختاما، وبالعودة إلى بيان المقاومة الإسلامية في لبنان، فلا بد من التنبيه بأن كلمة "تصعيدية" التي جاءت في البيان تجعلنا نتوقع في كل حين تصعيدا جديدا بعد استهداف منزل نتنياهو، فماذا سيكون شكل ذلك التصعيد؟  

حفظ الله المقاومة..



الجمعة، 18 أكتوبر 2024

لماذا لا نجعل منه رمزا خالدا


كان مُلهماً في حياته، وكان ملهماً عند استشهاده، ولا أظن أن هناك قائدا مثله في زماننا هذا، اجتمعت فيه من الصفات والخصال ليكون ملهما للأجيال الحالية والقادمة مثلما اجتمعت فيه.

نعم سبقه إلى الاستشهاد قادة كبار، قد يكونون  أعلى منه رتبا، وهم - بكل تأكيد -  يستحقون أن تخلد ذكراهم أعظم تخليد، ولكنه تميز عن الجميع أنه استشهد وهو يقاتل العدو  وجها لوجه،  يقاتله بكبرياء ومهابة وجراحه تنزف، وتميز كذلك - وتلك نعمة عجلها الله له في الدنيا - أن لحظاته البطولية الأخيرة في الدنيا وثقها العدو، وتم تسريبها ليشاهدها العالم كله، فأسقط عند موته أكاذيب العدو التي تقول بأنه كان يعيش داخل الأنفاق، وأنه كان يحتمي بدروع بشرية أو بالأسرى.

كما أسقط من قبل ذلك في حياته، وتحديدا في يوم السابع من أكتوبر 2023 أكاذيب أخرى تقول إن جيش العدو لا يهزم، وأن مخابراته لا تخترق. 

كان مانديلا  رمزا في إفريقيا، وتشي جيفارا رمزا في آمريكا، فلماذا لا نجعل من القائد العظيم يحيى السنوار رمزا للعرب والمسلمين، وهو بالتأكيد ليس أقل نضالا ولا تضحية من مانديلا أو تشي جيفارا.

إننا نحسبه شهيدا، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، ولكن العدو يعتقد أنه ميت الآن، فلماذا لا نجعل منه رمزا يطلق اسمه على الملايين من المواليد، وتظهر صوره في كل مكان،  في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى قمصان  الشباب، وبذلك نغيظ العدو، ونؤكد له أنه إذا كان السنوار القائد قد قُتل في نزال بطولي، فإن السنوار الرمز قد وُلِد مباشرة من بعد استشهاده، وليبقى هذا الرمز حيا حتى تتحرر فلسطين، كل فلسطين.

حفظ الله فلسطين..

الثلاثاء، 8 أكتوبر 2024

بأي منطق يستثنى النواب من التصريح بالممتلكات؟


هناك تناقض لافت للانتباه في المسار الذي مَرَّ به القانون رقم 054/ 2007 الصادر بتاريخ 18 سبتمبر 2007، المتعلق بالشفافية المالية للحياة العمومية، ويتمثل هذا التناقض في طبيعة تعامل رئاسة الجمهورية والجمعية الوطنية مع مشروع القانون،  فعندما وصلت المسودة الأولى لهذا القانون إلى الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله رحمه الله، قرر أن يجري عليها تعديلا إيجابيا، وذلك عندما لاحظ بأنه لا يوجد بتلك المسودة مادة تنص على أن رئيس الجمهورية ملزمٌ بأن يعلن عن ممتلكاته للرأي العام، فما كان منه إلا أن طلب إضافة نشر رئيس الجمهورية للتصريح بممتلكاته، لتظهر في القانون المادة الثانية، والتي تقول: "يقوم رئيس الجمهورية بعد تنصيبه وعند نهاية مأموريته بالتصريح بممتلكاته وممتلكات أطفاله القصر. وينشر هذين التصريحين". بالطبع، كان من المفترض أن تُشمل الزوجة في هذه المادة.
لابد من الإشارة هنا، ومن قبل تقديم ردة الفعل المناقضة التي جاءت من البرلمان، أن النشر الذي جاء في هذه المادة لم يطبق ـ حسب علمي ـ حتى الآن، وأتمنى من فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، أن يَسُنَّ سنة رئاسية حسنة، وأن يكون هو أول رئيس للجمهورية الإسلامية الموريتانية يلتزم بمطلب نشر التصاريح الذي جاء في المادة الثانية من هذا القانون.
لا أدري إن كان الرئيس الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله قد صَرَّح بممتلكاته، والراجح عندي أنه لم يُصرح بها، وإن كان قد صرَّح بها، فالمؤكد هو أن تصريحه لم ينشر للرأي العام، وربما يكون قِصَر الفترة التي قضاها رئيسا قد حال دون تصريحه بممتلكاته، ومع ذلك فسيبقى يحسب له، أنه أجرى تعديلا إيجابيا على مسودة القانون، وذلك ليعطي المثال الحسن في محاربة الفساد، وليُظْهِر أنه حريص على إضافة كل ما من شأنه أن يحسن من القانون، ويعزز ـ بالتالي ـ من قيم الشفافية والنزاهة، حتى وإن استدعى ذلك أن يلزم نفسه بالتصريح بممتلكاته ونشر ذلك التصريح للرأي العام. أقول فإذا كان الرئيس الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله قد أجرى تعديلا إيجابيا على مسودة القانون، فسنجد في المقابل، أن النواب قد أجروا على مشروع القانون تعديلا سلبيا، حذفوا بموجبه أنفسهم من لائحة الأشخاص الملزمين بالتصريح بممتلكاتهم، وكان النواب ضمن هذه اللائحة في مشروع القانون عندما أحيل إليهم للمصادقة عليه.  
لم يوفق النواب في حذف أنفسهم من لائحة الأشخاص الملزمين بالتصريح بممتلكاتهم، ولم يكن فعلهم ذلك مبررا، خاصة إذا ما استحضرنا:
1 ـ أن النواب في البلدان المماثلة لنا وغير المماثلة، يشملهم قانون التصريح بالممتلكات، وهم ملزمون بالتصريح بممتلكاتهم، فبأي منطق يستثنى النواب في موريتانيا؟
2 ـ أن النواب هم من يمثل الشعب، ولذا فأول ما يجب على النواب  فعله للتعبير عن تمثيلهم للشعب هو  إظهار جديتهم في محاربة الفساد، فلا شيء يتضرر منه الشعب الموريتاني أكثر من الفساد، وأول ما يجب على النواب فعله لإظهار جديتهم في محاربة الفساد هو أن يصرحوا بممتلكاتهم؛
3 ـ أن النواب لا يليق بهم أن يكونوا هم الاستثناء الوحيد من بين كل المنتَخبين في لائحة الأشخاص الملزمين بالتصريح بممتلكاتهم، تقول المادة الرابعة من القانون : "يلزم كذلك بالتصريح بالممتلكات بنفس الشكل وبنفس الشروط، أصحاب المأموريات الانتخابية"، فبأي منطق يُسْتثنى النواب لوحدهم من بين كل أصحاب المأموريات الانتخابية؟ 
4 ـ أن القانون رقم 014/ 2016 المتعلق بمكافحة الفساد يجعل من المنتخَب موظفا عموميا ينطبق عليه في هذا القانون ما ينطبق على الموظف العمومي.
وتبقى الحجة الوحيدة التي يبرر بها النواب سحب أنفسهم من لائحة الأشخاص الملزمين بالتصريح بالممتلكات هي أن القانون لا يمنعهم من مزاولة الأعمال التجارية، وهذه حجة ضعيفة، فهناك في لائحة الأشخاص الملزمين بالتصريح بالممتلكات من لا يُحَرِّم عليه القانون ممارسة أنشطة تجارية، ثم إن السماح بممارسة الأنشطة التجارية للنواب تدعو أكثر لمطالبتهم بالتصريح بممتلكاتهم، وذلك خوفا من أن يستغلوا الصلاحيات الممنوحة لهم في مجال التشريع ومراقبة العمل الحكومي، أن يستغلوها لتحقيق إثراء غير مشروع  من خلال الأنشطة التجارية التي يمارسونها.
ومما يزيد من ضرورة إدراج النواب في لائحة الأشخاص الملزمين بالتصريح بالممتلكات هو أن هناك تزايدا كبيرا في نسبة رجال الأعمال في البرلمان، وهناك من النواب من أنفق أموالا طائلة في حملته الانتخابية، وعندما فاز في الانتخابات لم يظهر له أي نشاط برلماني، ومن النادر جدا أن يُشاهد في جلسات البرلمان،  فمن هنا وجب طرح الأسئلة التالية: لماذا ترشح هؤلاء أصلا؟ ولماذا أنفقوا أموالا طائلة لضمان فوزهم ما داموا لا يفكرون في أداء مهامهم البرلمانية؟ وهل لتشرحهم علاقة ما بمصالح تجارية يريدون تحقيقها من خلال استغلال مقاعدهم في البرلمان؟ 
تزداد وجاهة طرح هذه الأسئلة في ظل تنامي حصول شركات ومؤسسات لنواب معروفين على العديد من الصفقات العمومية خلال مأمورياتهم، وذلك حسب ما ينشر في بعض المواقع والمنصات الإخبارية.
خلاصة القول : لم يعد من المقبول أن يبقى النواب خارج  لائحة الأشخاص الملزمين بالتصريح بالممتلكات، خاصة في ظل هذه المأمورية التي رُفع فيها شعار محاربة الفساد عاليا، وكذلك في ظل الحديث عن قرب تعديل القانون المتعلق بالشفافية المالية للحياة العمومية، والسعي إلى تحسين آلية التصريح بالممتلكات، وإضافة التصريح بالمصالح مع التصريح بالممتلكات، والتصريح بالمصالح  قد يعني النواب أكثر من غيرهم، ومن هنا وجبت إضافتهم للائحة الأشخاص الملزمين بالتصريح بممتلكاتهم ومصالحهم.
حفظ الله موريتانيا..



.

السبت، 5 أكتوبر 2024

كيف لا أدعم إيران؟

 


استند على سلاحه وألقى خطاب حرب في خطبة جمعة معلنا المواجهة مع العدو، بلغة عربية فصيحة، وينتظر ردة فعل العدو خلال ساعات، والعرب - كل العرب - يتفرجون، بل إن بعضهم لا يكتفي بالتفرج فقط، وإنما يدعم العدو سرا أو جهرا.

بعد هذا كله، قد يأتيك أحدهم، ويقول لك : لا تدعم إيران ونظامها؟

يا هذا، كيف لا أدعم إيران ونظامها الحالي، وهي الدولة الوحيدة في هذا العاام التي تحارب اليوم العدو، وتخاطبه بلغة السلاح: الضربة بالضربة، والقصف بالقصف، والبادئ أظلم.

أشهدكم بأن كاتب هذه السطور، يدعم في هذه اللحظة العصيبة من تاريخ العرب والمسلمين، إيران شعبا وحكومة، ما دامت تقف مع فلسطين، وتحارب العدو لوحدها، وتخاطابه بلغة السلاح، لا بلغة الانبطاح والتطبيع، والتفرج التي تسود بلاد العرب من المحيط إلى الخليج.  

مع إيران، وهي تنتظر - ربما خلال ساعات - رد العدو المدعوم بقوة من أمريكا ومن كثير من بلدان الغرب.

حفظ الله إيران..

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2024

مقترحٌ إلى معالي وزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي


قد لا يلقى هذا المقترح حظا أفضل من المقترحات التي سبقته، ولكن ذلك لن يمنعني من مواصلة تقديم هذه المقترحات، فمن يدري، فربما يجد أحدها اهتماما من طرف الجهة التي وُجِّهَ إليها.

مقترحي إلى معالي وزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي يدخل في إطار الجهود التي نقوم بها في "منتدى 24 ـ 29" للتوعية حول مخاطر الفساد، وهي جهود ترمي في مجملها إلى خلق بيئة مجتمعية معادية ومناهضة للفساد، وبالمناسبة فإن خلق تلك البيئة يشكل الهدف الثاني من أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والرشوة في موريتانيا، ومن المؤسف جدا أن هذه الاستراتيجية التي أطلقت في العام 2010، وجددت بعد ذلك، لم تُفَعَّل حتى اليوم، ولم يطلع عليها إلا عدد قليل جدا من الموريتانيين، بل أكثر من ذلك، فإن بعض الموظفين الكبار في وزارة الاقتصاد، وهي الوزارة المعنية بتنفيذ هذه الاستراتيجية ليسوا على اطلاع بمحتواها!!

يتعلق هذا المقترح بتخصيص أول درس في الافتتاح الدراسي في هذا العام لمخاطر الفساد، ويمكن في هذا الإطار أن يُعدَّ درسٌ نموذجي بمستويين (ابتدائي وثانوي) يتم تقديمه في السابع من أكتوبر من العام 2024 في عموم المدارس الابتدائية والمؤسسات الثانوية على أراضي الجمهورية الإسلامية الموريتانية.

يُعَدُّ الفساد من القضايا الشائكة التي يُجمع الموريتانيون على خطورتها، فالمعارضة الحزبية في بلادنا، ومنذ تأسيسها في بداية التسعينيات من القرن الماضي، جعلت من المطالبة بمحاربة الفساد أولوية من أولوياتها النضالية، وهي ما تزال وحتى اليوم تضعها على رأس مطالبها، والمواطن الموريتاني أينما كان يتضرر بشكل مباشر أو غير مباشر من تفشي الفساد في بلادنا.

والأغلبية الداعمة للرئيس يُفترض فيها أنها تضع محاربة الفساد على رأس أولوياتها، وذلك بعد أن جعل فخامة رئيس الجمهورية من محاربة الفساد مرتكزا أساسيا في برنامجه الانتخابي( طموحي للوطن)، وهو البرنامج الذي نال بموجبه أكثر من 56% من أصوات الشعب الموريتاني.

وحتى إن اقتصرنا على خطاب فخامة الرئيس في يوم التنصيب، فسنجد أن ما جاء في هذا الخطاب من مفردات يكفي لوحده لتقديم درس متكامل حول خطورة الفساد.

لقد صنف الرئيس في خطاب التنصيب الحرب على الفساد بأنها "حرب مصيرية"، ومن المعروف أن الحرب عندما تصنف في بلد ما بأنها حرب مصيرية، فذلك يعني أن مصير ذلك  البلد أصبح مرتبطا بنتائج تلك الحرب.

ويقول الرئيس في نفس الخطاب :" فلا تنمية، ولا عدل، ولا إنصاف مع الفساد، ومن ثم فلا تسامح معه مطلقا." وتعني هذه الفقرة من الخطاب بأن جهودنا في التنمية وإقامة دولة العدل والإنصاف ستبقى جهودا ضائعة، وعديمة الفائدة، إذا لم نحارب الفساد.

ويقول في فقرة أخرى من الخطاب نفسه بأن الحرب على الفساد هي حرب الجميع، وأنه لا سبيل للنصر فيها إلا بتضافر جهود الجميع، ومن المؤكد أن المدرسة وطواقم التدريس، وآباء التلاميذ، وكل من له صلة بالعملية التربوية، يدخل ضمن دائرة هذا "الجميع" الذي تحدث عنه الرئيس، والذي يعتبر الحرب على الفساد حربه، وهي الحرب التي لا يمكن الانتصار فيها بشكل حاسم ـ حسب ما جاء في خطاب الرئيس ـ  إلا بمشاركة هذا "الجميع".

إن أي درس تعليمي حول خطورة الفساد يتم تحضيره على أساس هذه المرتكزات الثلاثة التي جاءت في خطاب التنصيب سيكون درسا عميقا، فيكفي أن نقول في هذا الدرس أن الحرب على الفساد هي حرب مصيرية للبلد، وأنه لا تنمية ولا عدل في بلادنا من دون محاربة الفساد، وأنه لا بد من مشاركة الجميع لكسب هذه الحرب، فنحن عندما نقول ذلك لأبنائنا التلاميذ في المدارس الابتدائية والثانوية نكون قد قلنا لهم أهم ما يمكن أن يُقال حول مخاطر الفساد وضرورة محاربته.

لا تخفى أهمية تربية التلاميذ على مخاطر الفساد، فإذا كنا قد خسرنا الآباء في موريتانيا، والذين أصبحوا يمجدون الفساد والمفسدين،  وينظرون إلى المفسد المعلوم الفساد بنظرات التقدير والاحترام، فإذا كنا قد خسرنا الآباء فعلينا أن لا نخسر الأبناء، وعلينا أن نبذل كل الجهود الممكنة لتنشئتهم على أن ممارسة الفساد تعدُّ من أرذل الأفعال وأقبحها وأسوئها، وأنها من أشد الجرائم حرمة في الشرع والقانون.

لا أريد أن أختم هذا المقال المقترح من قبل أن أقول بأني لا اتفق مع الذين يقولون بأننا في هذه البلاد قد خسرنا نهائيا الكبار في مجال التوعية حول خطورة الفساد، فأنا من الذين يؤمنون بأن مجتمعنا هو مجتمع سهل الانقياد إلى ما هو صالح وإلى ما هو فاسد، وهناك أمثلة على ذلك لا يتسع المقام لبسطها، فمجتمعنا عندما يظهر له أن هناك إرادة قوية وصارمة على أعلى مستوى لمحاربة الفساد والمفسدين، فإنه سيتحول تلقائيا ـ عن قناعة أو تماشيا مع الإرادة السياسية الصارمة ـ إلى مجتمع مناهض للفساد.

حفظ الله موريتانيا..