جئتك يا كويت معزيا، جئتك وقد عرفتك صاحبة المواقف الرائدة والمبدئية اتجاه فلسطين، والتي تعيش اليوم جريمة حرب إبادة تعدُّ هي الأبشع والأشنع والأفظع في العقود الأخيرة. لقد عرفتك ـ يا كويت ـ بمواقفك الثابتة الداعمة للشعب الفلسطيني، والتي لم تتزحزح أبدا، فلم يراود أي حكومة من حكوماتك في أي يوم من الأيام أن ترتكب جُرم التطبيع، وما تخلف مجلس أمتك في أي يوم من الأيام عن اتخاذ مواقف جريئة داعمة للشعب الفلسطيني. وما قصر شعبك وبكل قواه الحية في تقديم الدعم ـ وبمختلف أشكاله ـ للشعب الفلسطيني.
جئتك يا كويت معزيا، وما كان لي أن أبدأ الحديث عنكِ في هذا الظرف العصيب إلا بفاتحة فلسطين، وبمواقفك الداعمة لها.
جئتك يا كويت معزيا، وقد عرفتك بعيدة كل البعد عن سياسة خلق المحاور وتغذية الصراع التي أنهكت جسد هذه الأمة، فكانت علاقاتك حسنة مع الجميع. عرفتك يا كويت لا تتدخلين في الصراعات العبثية التي عصفت بأمتنا، لا تتدخلين فيها إلا إذا كانت لديك وساطة بين الأشقاء تدفعين بها، أو مبادرة تجمع ولا تفرق تطلقينها.
نعم عرفتك يا كويت بلد المساعي الحميدة، الذي لا يتاجر بمواقفه، بل على العكس من ذلك، فهو كثيرا ما يزهد في تسويق تلك المواقف إعلاميا ودبلوماسيا.
جئتك يا كويت معزيا، وقد عرفتك بلدا منشغلا بالثقافة، فمجلة العربي هي التي حببت إليَّ المطالعة في الصغر، وهي التي جعلتني أطمح من بعد ذلك لأن أكون كاتبا، وهي فوق ذلك كله منحت بلدي من خلال أحد محرريها وفي أحد استطلاعاتها الذائعة الصيت لقبا جميلا، لا تقدر قيمته بأي ثمن، إنه لقب بلاد المليون شاعر، والذي لا تزال بلادنا تُعرف به، حتى يوم الناس هذا.
جئتك يا كويت معزيا وقد عرفتك بلدا يقدم الدعم بسخاء لكل من يحتاج الدعم من الأشقاء، ويقدمه كذلك لغير الأشقاء، ولذا فلم يكن غريبا أن يرتبط اسمك وأسماء قادتك بكل ما له صلة بالعمل الإنساني.
جئتك يا كويت معزيا، وإذا كنتُ قد جئتك ذات زيارة لأقول لك إني من الذين يفرحون لفرحك، فقد جئتك اليوم في زيارة أخرى لأقول لك إني من الذين يحزنون لحزنك.
جئتك يا كويت معزيا، وذلك بعد أن شرفني فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بعضوية الوفد الرئاسي الذي أدى واجب التعزية، وذلك حرصا منه على أن يُمَثل المجتمع المدني في هذا الوفد.
أسأل الله تعالى أن يتغمد الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يحفظ صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وأن يوفقه لكل ما فيه الخير للكويت ولقضايا العرب والمسلمين، وعلى رأس ذلك القضية الفلسطينية.
حفظ الله الكويت ...
قصر بيان : 18 دجمبر 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق