كنتُ من الذين رفعوا
في وقت سابق شعار التعليم أولا، ولكن عندما فكرتُ بعمق في هذا الشعار وجدتُ بأنه
لا يمكن إصلاح التعليم ولا إصلاح أي قطاع آخر من قبل أن تسبق عملية الإصلاح تلك حربٌ
جدية على الفساد والمفسدين.
لا يمكن أن نصلح
التعليم من قبل أن نحارب الفساد..
لا يمكن أن ننهض بالصحة من قبل أن نحارب الفساد..
لا يمكن أن ننهض بالصحة من قبل أن نحارب الفساد..
لا يمكن أن نقيم العدل من قبل أن نحارب الفساد..
لا يمكن أن نطور الزراعة من قبل أن نحارب الفساد..
لا يمكن أن نستفيد من ثروتنا السمكية ولا المعدنية ولا الحيوانية من قبل أن نحارب الفساد..
لا يمكن أن نخفض من
نسبة البطالة أو الفقر أو الأمية من قبل أن نحارب الفساد..
بكلمة واحدة : لا
إصلاح، لا تغيير ، ولا استقرار من دون حرب جدية على الفساد والمفسدين.
لنتصور مثلا أن النظام
قرر أن يُضاعف ميزانية التعليم عشرات المرات، فهل سيؤدي ذلك إلى تحسن وضع التعليم إذا لم يُحارب الفساد من قبل ذلك؟ لن يتحسن
حال التعليم في هذه البلاد ـ ولن يتحسن حال أي قطاع آخر ـ حتى وإن ضُخت فيه كل
موارد الدولة، إذا لم يُحارب من قبل ذلك الفساد، بل ربما يحدث العكس، فقد يزداد
التعليم انهيارا إذا تمت زيادة ميزانيته في دولة يسود فيها الفساد، ذلك أن زيادة
الميزانية ستزيد من استقطاب هذا القطاع للمفسدين، وبالتالي زيادة الفساد فيه، وهو
ما سيأتي بنتائج عكسية. لقد ابتلعت الزراعة مئات المليارات، ولقد تم نهب القرض الزراعي
دون أن يتحسن القطاع، ولعل المثال الأبرز في هذا المجال هو أن نسبة القضاء على
الأمية قد تراجعت بعد إنشاء وزارة لمحو الأمية، وبعد إطلاق حملات واسعة لمحاربتها
في آخر عهد ولد الطايع!!
لنحارب الفساد أولا،
وذلك من قبل التفكير في أي إصلاح، وإذا انتصرنا في الحرب على الفساد، فمن المؤكد
بأن الأوضاع ستتحسن في كل القطاعات. أما إذا لم نحارب الفساد، أو إذا ما حاربناه
بشكل غير جدي، فإن كل القطاعات ستظل في انهيار مستمر.
هناك فرصة ثمينة
متاحة الآن لأن نبدأ حربا جدية على الفساد، فعلينا أن لا نضيع هذه الفرصة التي قد
لا تتكرر في المستقبل المنظور.
إن تشكيل لجنة تحقيق
برلمانية من المنتظر أن يصدر تقريرها خلال الأيام القادمة يعتبر خطوة هامة في
محاربة الفساد. وهذه الخطوة تستحق الدعم من طرف الجميع، وخاصة من طرف الجهات
الأكثر تضررا من الفساد، أي المعارضة والشباب. وللأسف الشديد فإن الدور الذي لعبته
المعارضة والشباب في مؤازرة هذه اللجنة ما زال محدودا. المؤسف أكثر أن الشباب
الموريتاني لم يستغل ـ حتى الآن ـ هذه الفرصة، ولم يتمكن من التنسيق فيما بينه
لتقديم الدعم والمؤازرة لهذه اللجنة، وإذا ما أنهت هذه اللجنة عملها على أحسن وجه،
فسيكون بإمكان الشباب أن يضغط من أجل تشكيل لجان جديدة للتحقيق في ملفات فساد
أخرى، أو يضغط من أجل وقف تدوير المفسدين،
واعتماد الكفاءة في التعيين.
إن من فَوَّتَ اليوم
فرصة تحقيق المتاح، لن يتمكن غدا ـ وبكل تأكيد ـ من تحقيق ما هو غير متاح. أما من
استغل الفرصة لتحقيق ما هو متاح، فإن ذلك سيساعده كثيرا في تحقيق ما قد يبدو في
الوقت الحالي بأنه غير متاح.
حفظ الله موريتانيا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق