لقد تحركنا بشكل جيد عندما تم الإعلان عن أول إصابة بكوفيد 19 في
موريتانيا يوم 13 مارس 2020..صحيحٌ أنه
كانت هناك أخطاء عديدة، ولكن في المجمل، فإنه يمكن القول بأن تعامل الحكومة
والساسة ورجال الأعمال ونشطاء المجتمع المدني والصحافة والمدونين والمواطنين
العاديين مع الوباء كان تعاملا جيدا، وهو ما أدى في المحصلة إلى أن تم الإعلان في
يوم 19 إبريل 2020 عن تعافي كل المصابين بكوفيد ـ 19 في بلادنا.
بعد ذلك الإعلان أُصِبْنا ـ حكومة وشعباـ بشيء من التراخي والتهاون،
فتوقفت تلاوة القرآن في الكثير من المساجد، وانسحبت منظمات المجتمع المدني من
الميدان، وخَفَّ التدوين عن الوباء، وتم التساهل في بعض الأحيان مع المتسللين،
ونست الحكومة أن تنشغل بالتحضير الجيد لما هو قادم.
لم تلتقط الحكومة الرسالة التي وصلتها من مقاطعة الرياض عبر البريد
السريع والمضمون، و تمثلت تلك الرسالة غير المشفرة في إصابة سيدة لم تسافر إلى
الخارج بعد عشرة أيام فقط من "إعلان خلو بلادنا من كورونا".
مَنَحَ الوباء ـ وما هو بالكريم ـ أسبوعين ثمينين للحكومة، وذلك من
قبل أن يطل من جديد بوجهه الشاحب من مقاطعة تفرغ زينة، حيث تم الإعلان عن حالة
وفاة ثانية، ليبدأ من بعد ذلك عداد الإصابات يسير بسرعة مقلقة.
لقد كان من المفترض أن تطلق الحكومة صفارة إنذار من بعد اكتشاف حالة
في الرياض، وأن تستغل الأسبوعين الثمينين اللذين فصلا بين حالة الرياض وحالة تفرغ
زينة، أن تستغلهما في التحضير الجيد لما هو قادم.
أطل الوباء هذه المرة بشراسة وعنف، فحصل ارتباك واضح على مستوى
الفحوصات، وكذلك على مستوى الحجر الصحي في الجامعة، وكان يمكن أن يتم تفادي ذلك
الارتباك لو أن الحكومة استغلت الأسبوعين اللذين فصلا بين حالتي الرياض وتفرغ زينه
في إعداد آلية سريعة للفحص وفي تجهيز الحجر الجامعي بشكل جيد.
هذا الارتباك الحاصل صاحبته للأسف الشديد حملة إشاعات غير مسؤولة،
بلغت ذروتها يوم الأربعاء 20 مايو، ففي هذا اليوم تم الحديث بشكل واسع في مواقع
التواصل الاجتماعي عن تسجيل 90 إصابة بدلا من العشر إصابات التي تم تسجيلها بالفعل.
وقد كان من الواضح بأن هناك محاولات منظمة أو غير منظمة لاستغلال الأخطاء التي تم
تسجيلها والإشاعات التي تم إطلاقها، استغلالها في تصفية بعض الحسابات السياسية وفي
خلق المزيد من الارتباك في مواجهة الوباء.
ما حدث يوم الأربعاء 20 مايو يستدعي تسجيل جملة من الملاحظات لعل من
أهمها:
1 ـ لقد ارتكبت الحكومة ـ
بالفعل ـ بعض الأخطاء خاصة في الأيام
الأخيرة، وعليها أن تصحح تلك الأخطاء في أسرع وقت، ولكن ذلك لن يمنع من القول بأن
أداءها في المجمل كان مقبولا، فموريتانيا حتى الآن ـ ولله الحمد ـ هي الأقل إصابات
من بين كل دول المنطقة.
2 ـ إن نشر الإشاعات الكاذبة في زمن الأوبئة والكوارث يعد جرما كبيرا وخيانة
للوطن، ومن يقوم بذلك الفعل يستحق أن يفضح ويشهر به في مواقع التواصل الاجتماعي.
3 ـ لقد بات من الضروري جدا أن تكون هناك رقابة وصرامة أكبر من طرف
الحكومة، وذلك لفرض المزيد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية، وخاصة ما يتعلق
منها بالتسلل من دول الجوار أو التسلل بين الولايات.
4 ـ يجب اتخاذ
إجراءات عاجلة وصارمة حتى لا يتحول عيد الفطر المبارك من مناسبة للفرح إلى مناسبة
للحزن، فمن المعروف بأن الزيارات تكثر في الأعياد، وبأن حركة الأطفال تزداد، وهم
الذين يصنفون بأنهم أكبر ناقل للمرض دون أن تظهر عليهم الأعراض. فكيف سنتعامل مع
عيد الفطر المبارك؟ هذا سؤال علينا أن نجيب عليه الآن، وعلينا أن لا نستبعد فكرة
حظر كلي خلال أيام العيد الثلاثة.
5 ـ أثار ملف التكفل
بالمصابين نقاشا واسعا، وحسب وجهة نظري المتواضعة فما دام عدد المصابين في حدود
معقولة فعلى الدولة أن تتكفل بهم جميعا، ولكن في حالة ازدياد العدد لا قدر الله،
فهنا يجب أن نفرق بين طائفتين من المصابين:
ـ طائفة من المصابين تنحدر من أسر غنية أو متوسطة تمتلك منزلا من عدة غرف ولها القدرة على أن توفر تغذية ورعاية جيدة للمصاب من أفرادها...هذا الصنف من الأسر عليه أن يوفر رعاية لمن أصيب من أفراد أسرته مع التزام الدولة بتوفير عنصر أمن وزيارة طبية يومية أو على الأقل كلما استدعت وضعية المصاب زيارة طبية. وهنا علينا أن نذكر بأنه في أغلب الدول ـ إن لم نقل كلها ـ يتم تكفل الأسر بمن يصاب من أفرادها إذا لم تظهر عليه أعراض المرض.
ـ طائفة من المصابين تنحدر من أسرة فقيرة لا تمتلك سكنا لائقا وليس بمقدورها أن توفر الحد الأدنى من الرعاية لمن يصاب بالمرض من أبنائها...هذه الطائفة من المصابين يجب أن تتكفل بها الدولة بشكل كامل. فليس من المنطقي أن نطلب من أسرة تمتلك منزلا من بيتين أو لا تمتلك إلا "كزرة" متواضعة، أن نطلب منها أن تعزل مصابها وتتكفل به، فمثل ذلك الطلب سيعني المزيد من تفشي المرض بين أفراد تلك الأسرة وفي صفوف الجيران.
وتبقى كلمة أخيرة : لا تنسوا التقيد بالبقاء في المنازل مع الإكثار من الدعاء لرفع الباء.
ـ طائفة من المصابين تنحدر من أسر غنية أو متوسطة تمتلك منزلا من عدة غرف ولها القدرة على أن توفر تغذية ورعاية جيدة للمصاب من أفرادها...هذا الصنف من الأسر عليه أن يوفر رعاية لمن أصيب من أفراد أسرته مع التزام الدولة بتوفير عنصر أمن وزيارة طبية يومية أو على الأقل كلما استدعت وضعية المصاب زيارة طبية. وهنا علينا أن نذكر بأنه في أغلب الدول ـ إن لم نقل كلها ـ يتم تكفل الأسر بمن يصاب من أفرادها إذا لم تظهر عليه أعراض المرض.
ـ طائفة من المصابين تنحدر من أسرة فقيرة لا تمتلك سكنا لائقا وليس بمقدورها أن توفر الحد الأدنى من الرعاية لمن يصاب بالمرض من أبنائها...هذه الطائفة من المصابين يجب أن تتكفل بها الدولة بشكل كامل. فليس من المنطقي أن نطلب من أسرة تمتلك منزلا من بيتين أو لا تمتلك إلا "كزرة" متواضعة، أن نطلب منها أن تعزل مصابها وتتكفل به، فمثل ذلك الطلب سيعني المزيد من تفشي المرض بين أفراد تلك الأسرة وفي صفوف الجيران.
وتبقى كلمة أخيرة : لا تنسوا التقيد بالبقاء في المنازل مع الإكثار من الدعاء لرفع الباء.
حفظ الله موريتانيا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق