هناك قواسم مشتركة بين ولد بوبكر
المرشح الرئيسي المتوقع للمعارضة، وولد الغزواني مرشح النظام، وهذه القواسم
المشتركة يمكن إجمالها في النقاط التالية:
(1)
يشترك غزواني وولد بوبكر في كون
الجهة المعنية بترشيحهما، قد ترددت كثيرا في ترشيحهما، فالرئيس ولد عبد العزيز لو أنه
وجد شخصية في نظامه يسهل تسويقها وقادرة على حسم المعركة الانتخابية بشكل مضمون
لما رشح غزواني، والمعارضة لو أنها وجدت شخصية يمكن تسويقها غير ولد بوبكر، لما
كان ولد بوبكر هو الأكثر حظوظا في الترشيح لديها.
لقد أُجبِر ولد عبد العزيز على ترشيح
غزواني، كما أجبرت ـ أو كما ستُجبر ـ المعارضة على ترشيح ولد بوبكر.
(2)
منطقيا، لقد كان من المفترض أن يكون
الوسط المقرب اجتماعيا من ولد عبد العزيز هو أول داعم لغزواني، ولكن الحاصل سيكون هو العكس، أي أن غزواني
ربما يجد صعوبة كبيرة في تسويق نفسه داخل الدائرة الضيقة لولد عبد العزيز، وسيبقى احتمال أن يدعم بعض
هؤلاء ـ سرا أو جهرا ـ مرشح المعارضة، سيبقى ذلك الاحتمال واردا. في المقابل فإن
المرشح المتوقع للمعارضة، أي ولد بوبكر، سيجد هو أيضا صعوبة كبيرة في تسويق نفسه
داخل أوساط الشباب المعارض، وسيبقى احتمال أن يدعم بعض الشباب المعارض مرشح النظام
احتمالا واردا. سيكون التحدي الأكبر أمام ولد بوبكر هو التمكن من اختراق الشباب
المعارض، فإن تمكن من إقناع الشباب المعارض، فإنه سيكون منافسا قويا وجديا لمرشح
النظام، وإن لم يتمكن من ذلك فإنه لن يكون منافسا جديا لمرشح النظام.
فهل سيتمكن غزواني من إقناع المقربين
اجتماعيا من ولد عبد العزيز، وهل سيتمكن ولد بوبكر من إقناع الشباب المعارض؟
لا أملك إجابة على أي من السؤالين،
ولكن ما يمكن قوله هنا هو أن الحياد في المعارك الانتخابية الكبرى غير ممكن، فعلى
سبيل المثال، فإن ما يقوم به الآن بعض الشباب المعارض من حملات تدوينية ضد ولد
بوبكر ليؤكد بذلك بأنه غير معني لا بترشيح ولد بوبكر ولا بترشيح ولد غزواني، إن
مثل تلك الحملات ستتحول ـ بشكل أو بآخر ـ إلى دعم
مجاني لمرشح النظام، أي أن أصحابها سيتحولون تلقائيا إلى ناشطين في حملة غزواني.
(3)
سيجد غزواني نفسه أمام تناقض كبير،
فهو سيتم تقديمه على أنه مرشح النظام، ولكن سيكون من مصلحته انتخابيا أن لا يتحمل
تركة النظام، فبأي طريقة سيتمكن غزواني من أن يقدم نفسه على أنه مرشح النظام دون أن
يتحمل تركة النظام وما يوجد بتلك التركة من إخفاقات كبيرة؟ وهل سيكون بإمكان غزواني
أن يقدم نفسه على أنه كان مجرد قائد للجيوش، وأنه لا يمكن أن يُحاسب إلا على أدائه
كقائد جيوش، وأنه غير مسؤول عن القطاعات الأخرى؟ إن أداء المؤسسة العسكرية خلال
العقد الأخير كان أداءً جيدا، وسيكون في صالح حملة غزواني، إن ركزت الحملة على ذلك
الأداء، وتبرأت في الوقت نفسه من إخفاقات النظام في القطاعات الأخرى. هذا عن
التناقض الذي سيواجهه غزواني في الحملة، أما عن التناقض الذي سيواجهه ولد بوبكر في
الحملة، فهو يتمثل في كون الرجل سيقدم نفسه على أنه مرشح المعارضة، وذلك في الوقت
الذي كان قد شغل فيه منصب وزير أول ورئيس الحزب الحاكم في عهد معاوية ولد الطايع.
إن الجمع بين ترشيح المعارضة وإرث نظام ولد الطايع هو أمر في غاية الصعوبة، فهل
سيستطيع ولد بوبكر أن يخرج من جلباب نظام ولد الطايع، وأن يقدم نفسه على أنه كان
الوزير الأول في عهد الإصلاحات السياسية الكبرى ( أغسطس 2005 إلى إبريل 2007)؟
خلاصة هذه الفقرة هي أن لكل من ولد
بوبكر وغزواني جانبه المضيء وجانبه المظلم، فبالنسبة للأول فإن جانبه المضيء يتمثل
في أدائه خلال المرحلة الانتقالية الأولى ( 2005 إلى 2007)، أما جانبه المظلم
فيتمثل في كونه أحد رموز نظام ولد الطايع.
أما بالنسبة للثاني فإنه جانبه المضيء فيتمثل في أدائه كقائد للجيوش خلال
العقد الماضي، أما جانبه المظلم لديه فيتمثل في أنه شريك ولد عبد العزيز في
انقلابه على أول رئيس منتخب، وهو شريك بالتالي في كل مساوئ نظام ولد عبد العزيز.
(4)
من القواسم المشتركة التي تجمع بين غزواني
وولد بوبكر هي أنهما بنفس العمر (غزواني أكبر من ولد بوبكر بعدة أشهر فقط)، وأنهما
رغم وجودهما في واجهة نظامين باطشين إلا أنهما استطاعا أن يحتفظا بشيء من القبول
حتى لدى ضحايا الأنظمة التي احتلا واجهتها، وأنهما من أبناء الدولة الموريتانية،
فأحدهما هو ابن المؤسسة العسكرية المدلل وقد تقلد فيها وظائف عديدة، والثاني هو الابن
المدلل للجهاز التنفيذي للدولة (الحكومة) وقد تقلد فيه وظائف عديدة.
في الخلاصة هناك قواسم مشتركة كثيرة
تجمع بين الرجلين، حتى وإن كان أحدهما سيتم تقديمه في الحملة الانتخابية القادمة
على أنه مرشح النظام، والثاني سيتم تقديمه على أنه مرشح المعارضة.
تلكم كانت مجرد وجهة نظر تحليلية،
ولا تعبر سياسيا عن موقف كاتب هذه السطور، فموقف كاتب هذه السطور سيعلن عنه ـ إن
شاء الله ـ في التوقيت المناسب.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق