(1)
يُقال بأن وزير الدفاع سيكون هو المرشح القادم
للنظام، ويُقال أيضا بأن الجيش هو من يقف ضد التمديد والمأمورية الثالثة ..هذه
الأقوال تفترض أن يقف وزير الدفاع وقادة الأركان ضد المبادرة الانقلابية التي
قادها عدد من النواب من أجل مأمورية جديدة للرئيس الحالي. ما حدث على أرض الواقع
هو أن وزير الدفاع ومدير الأمن وقائد الحرس ومدير الجمارك وغيرهم من كبار القادة
العسكريين مارسوا كل أشكال الضغط على نواب الموالاة الرافضين للانقلاب الدستوري من
أجل أن يوقعوا مع النواب الانقلابيين مع تعهد شفهي بأن المحاولة الانقلابية سيتم
إيقافها من قبل وصولها إلى الجمعية الوطنية..شيئ آخر أغلب النواب المحسوبين على
وزير الدفاع وعلى القادة العسكريين كانوا في صف النواب المطالبين بالانقلاب على
الدستور.
(2)
يُقال بأن رئيس الجمعية الوطنية ورئيس الحزب
الحاكم يقفان ضد ترشيح وزير الدفاع، ويقال بأنهما من أنصار التمديد ومن الراغبين
في بقاء الرئيس محمد ولد عبد العزيز في الرئاسة، حتى من بعد انتهاء مأموريته
الثانية.
هذه الأقوال تفترض بأن يقف رئيس الجمعية
الوطنية ورئيس الحزب الحاكم في صف نواب المحاولة الانقلابية الفاشلة على الدستور.
ما حدث على أرض الواقع هو أن رئيس الجمعية الوطنية رفض أن يوقع مع النواب، وكل
النواب المحسوبين عليه رفضوا كذلك التوقيع، كما هو الحال بالنسبة لنائب وادان
ونائب أفديرك ونائب ازويرات. أكثر من ذلك فإن رئيس الجمعية قد استدعى بعض نواب
المعارضة وأكد لهم بأنه هو والرئيس ولد عبد العزيز يقفان ضد التمديد مما يتطلب
ضرورة تثمين بيان الرئاسة من طرف المعارضة، خاصة وأن أصحاب المبادرة الانقلابية لم
يتخلوا عنها بشكل كامل. فيما يخص رئيس الحزب الحاكم فإنه لم يتخذ موقفا صريحا
داعما للنواب الانقلابيين، وإن كان قد دعمهم فقد دعمهم سرا.
(3)
يُقال بأن حزب التحالف
الديمقراطي الذي يقوده الدكتور يعقوب ولد أمين هو من أحزاب المعارضة، حتى وإن كان
هذا الحزب لم يسجل موقفا معارضا منذ الإعلان عن تأسيسه. رفع هذا الحزب لشعار
المعارضة يلزمه أن يقف بقوة وحزم ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة، وذلك هو أضعف
درجة من درجات المعارضة. ما حدث على أرض الواقع هو أن هذا الحزب كان هو الحزب
الوحيد الذي اتخذ موقفا رسميا داعما للعملية الانقلابية الفاشلة، حتى الحزب الحاكم
وكل أحزاب الموالاة تورعوا عن اتخاذ مثل ذلك الموقف البائس.هنا أجدني مضطرا لفتح
قوس من أجل التذكير من جديد بما طالبت به في مقالي السابق الذي كان تحت عنوان"
لنتحرك الآن من أجل فرض إعادة تشكيلة لجنة الانتخابات". لقد طالبتُ في ذلك
المقال بضرورة ممارسة كل أشكال الضغط من طرف
المعارضة من أجل فرض إعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات، ويجب أن يبدأ ذلك
الضغط اليوم ومن قبل الغد، مع تحديد سقف زمني، لأنه لا معنى ولا فائدة
ترجى من إعادة تشكيل اللجنة المستقلة في اللحظات الأخيرة، وبعد أن يكون المسار
الانتخابي قد اقترب من الوصول إلى آخر محطاته.
ليس من المقبول أن تبقى المعارضة ـ وبمفهومها الواسع ـ ممثلة في تشكيلة اللجنة المستقلة للانتخابات
بحزب واحد هو حزب التحالف الشعبي التقدمي، فحزب الوئام ذاب في الحزب الحاكم، وحزب
التحالف الديمقراطي تحول من حزب سياسي يرفع شعار المعارضة إلى حزب انقلابي يتجرأ
على اتخاذ مواقف انقلابية لم يتجرأ الحزب الحاكم على اتخاذها.
(4)
لنغلق القوس ولنختم هذا المقال بمجموعة من الأسئلة التي تزيد
المشهد غموضا :
ـ إذا كان ولد غزواني هو مرشح النظام فلماذا وقف ـ على الأقل
ظاهريا ـ مع النواب المطالبين بالتمديد؟
ـ إذا كان النظام سيرشح بالفعل ولد غزواني، فلماذا يقبل بأن
تخاض حملة لتشويه مرشحه من طرف شخصيات محسوبة عليه؟
ـ إذا كان ولد بايه يساند التمديد ويقف ضد ترشيح ولد غزواني
فلماذا لم يتخذ موقفا داعما للنواب الانقلابيين؟
ـ إذا كانت المؤسسة العسكرية تقف ضد الانقلاب على الدستور،
فلماذا وقف قادتها في صف النواب الانقلابيين؟ وما هي الجهة التي تعبر عن موقف
المؤسسة العسكرية من القضايا السياسية؟
ـ لماذا أوقف الرئيس مسار الانقلاب على الدستور ببيان رئاسي
تم إصداره على وجه الاستعجال ومن قبل عودته إلى أرض الوطن؟
ـ من ذا الذي ضغط على الرئيس وأجبره على إصدار ذلك البيان،
فهل الضاغط هو المؤسسة العسكرية؟
ـ كيف تكون المؤسسة العسكرية هي الضاغطة، وأغلب قادتها كانوا
ظاهريا على الأقل في صف النواب الانقلابيين؟
كل هذه الأسئلة تقول بأن هناك حلقة مفقودة أو جزئية غائبة عن التحليل، فما هي تلك الجزئية؟
حفظ الله موريتانيا..
بارك الله فيك وصلت الفكره
ردحذف