تكثر الحفر على
الطرق، وكثيرا ما تؤدي هذه الحفر إلى حوادث سير مميتة، ولذلك فلم يكن غريبا أن
تنظم حملة مهتمة بالحد من حوادث السير عمليات ردم لبعض تلك الحفر المميتة.
إن عمليات الردم التي
تقوم بها حملة "معا للحد من حوادث السير " مع كل موسم تجد ترحيبا كبيرا
من طرف جمهور واسع، ولكنها تجد في الوقت نفسه بعض الانتقادات. ولأن القلة التي
تنتقد عمليات الردم هذه تسوق بعض الحجج التي قد تبدو وجيهة في ظاهرها، فكان لزاما
علينا تقديم ردود على تلك الحجج.
(1)
من أبرز حجج
المنتقدين أن عمليات الردم التي تقوم بها جهات غير مختصة قد يكون ضررها أكثر من
نفعها، وهي في أحسن الأحوال لن تأتي بنتيجة، وذلك لأن الحفر التي يتم ردمها من طرف
نشطاء الحملة لن تعمر، ولن تصمد عندما يمر من فوقها عدد كبير من الشاحنات. للرد
على أصحاب هذه الحجة أقول بأن عمليات ردم وترميم الحفر التي نقوم بها في الحملة
تتم تحت إشراف مهندس متخصص، ويتم خلالها استخدام مادة معينة تزيد من صلابة الاسمنت
وتمنحه قدرة كبيرة على المقاومة لا تقل عن مقاومة الإسفلت.
هذه المادة التي
نضيفها للأسمنت هي مادة تصنعها شركة عالمية، ولذلك فعلى المنتقدين أن يطمئنوا
فالحفر التي نردمها ستبقى متماسكة لفترة طويلة، وقد قدمنا على ذلك دليلا ملموسا،
فالحفرة التي ردمناها ورممناها عند الكلم 29 في يوم 7 أغسطس 2016 عند الإعلان عن
انطلاق الحملة صورناها بعد عام وهي لا تزال متماسكة وعلى حالها، وظلت كذلك إلى إن
وصلتها عملية الترميم التي شهدها مقطع (نواكشوط واد الناكة).
(2)
يحتج البعض الآخر
بالقول بأن ردم الحفر هو من اختصاص الدولة، وأن دورنا في الحملة يجب أن يقتصر على التوعية
وعلى الاحتجاج للفت انتباه السلطة إلى واقع الطرق المتهالكة حتى تقوم هي بردمها
وترميمها. لأصحاب هذه الحجة أقول بأننا على قناعة تامة بأن ردم الحفر وترميم الطرق
هو من اختصاص السلطة، وبأنه ليست هناك أي جهة أخرى يمكن أن تقوم بذلك الدور، لا
خلاف على ذلك، وما نقوم به نحن في هذا المجال هو مجرد عمليات رمزية، نهدف من
خلالها إلى لفت انتباه السلطة إلى واقع الطرق، وإلى تذكير الوزارة المعنية بتخليها
عن دورها في هذا المجال. إن عمليات الردم التي نقوم بها هي مجرد عمليات رمزية للفت
انتباه الوزارة إلى واقع الطرق، وهي أبلغ وأكثر تأثيرا من أي وقفة احتجاجية
للتنديد بواقع الطرق.
لقد اخترنا عن وعي أن
نردم الحفر لأننا على قناعة بأن ذلك سيكون أشد إحراجا للسلطة من أي فعل آخر، هذا
إن كان هناك ما يمكن أن يحرج السلطة. ولقد اخترنا عن وعي أن نردم الحفرة التي
تسببت بشكل مباشر في فاجعة "الغشوات"، وأن تكون عملية الردم في يوم
الأحد الموافق 15 يوليو، وكنا نهدف من ذلك أن يشاهدنا الكثير من كبار الأطر في
الدولة، ونحن نرمم الحفر بدلا من الوزارة المعنية، وذلك عندما يمرون بنا وهم في
طريقهم لاستقبال الرئيس في بوكي، فأي شيء أكثر إحراجا من ذلك؟
لقد مر بنا في ذلك
اليوم عدد كبير من الموظفين وهم ذاهبون لاستقبال الرئيس، ولقد شاهدونا ونحن نرمم
الحفر بوسائل بسيطة..شاهدونا ونحن نرمم الحفر على المقطع الأكثر حيوية من الطريق
الأكثر أهمية في البلاد، وذلك بعد عشر سنوات من التغني بالإنجازات العملاقة على
مستوى البنية التحتية!
(3)
يرى البعض الآخر بأنه
لا أهمية لردم حفرة واحدة، وترك عدد لا يحصى ولا يعد من الحفر على الطرق، ويرى
هؤلاء بأن من لا يستطيع ردم عشرات أو مئات أو آلاف الحفر الموجودة على الطرق عليه
أن يترك هذه المهمة، فردم حفرة واحدة وترك الباقي هو عمل عبثي وبلا جدوى.
في هذا القول شيء من
التثبيط وشيء من السلبية، وفي الانشغال بترميم حفرة واحدة من آلاف الحفر شيء من
الإيجابية. فترميم حفرة واحدة قد ينجي من حادث سير قاتل، وقد ينقذ بالتالي نفسا
بريئة.
إننا في الحملة نعتقد
بأن ردمنا لحفرة واحدة هو عمل في غاية الأهمية، وذلك لأنه قد يساهم في إنقاذ نفس
من الموت. ونحن إن تمكنا من إنقاذ نفس واحدة من موت محقق نكون بذلك قد أدينا عملا
عظيما، يقول جل من قائل ((وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ
جَمِيعاً)) صدق الله العظيم.
إننا في الحملة نقوم بأنشطة
توعوية وتحسيسية للحد من حوادث السير، وذلك هو صميم عملنا، ولكننا نقوم أيضا بأنشطة
أخرى نسعى من خلالها إلى إحراج السلطة حتى تقوم بدورها في مجال إصلاح وترميم الطرق.
لقد تعودنا في الحملة بأننا كلما قمنا بعملية ردم للحفر انتبهت الوزارة للحفر، وهو
الشيء الذي جعلها تقوم الآن بعمليات ردم للحفر..وأذكر بأننا لما نظمنا في الحملة في العام 2016عمليات تحسيس عند نقطة تفتيش "تيفيرت"،
وكنا نوزع خلال تلك العمليات إرشادات على السائقين، قامت الوزارة حينها باستحداث
إدارة أوكلت إليها مهمة التحسيس عند نقاط التفتيش، وقد حاولت هذه الإدارة أن تطردنا
من نقطة تفتيش الدرك، ولكن القائمين على هذه النقطة وبعد استشارة قادتهم أصروا على
بقائنا، وذلك موقف نبيل لن ننساه للقائمين على نقطة تفتيش "تيفيريت".
ولما وضعنا لافتة كبرى عند نقطة تفتيش الشرطة تحذر من السرعة المفرطة تم إسقاطها
من طرف إحدى الآليات التابعة للوزارة وقامت الوزارة من بعد ذلك بوضع لافتة قريبة
من المكان تحذر من استخدام الهاتف أثناء القيادة.
لقد ظلت الوزارة ترفض
دائما أن تتعامل معنا في الحملة باعتبار أننا نشطاء في المجتمع المدني نقوم بدور
مكمل لعملها، وذلك على الرغم من أننا أبدينا استعدادا كبيرا للتعاون معها وعبرنا
عن ذلك الاستعداد في أكثر من مرة وفي أكثر من رسالة. لقد صنفتنا الوزارة ـ بشكل تلقائي ـ على أننا أعداء لها، ولقد
حاولنا أن نستثمر هذا التصنيف إيجابيا من خلال إحراجها، وذلك بالقيام ببعض أدوارها،
وكنا كلما قمنا بدور من أدوار الوزارة تنبهت الوزارة لذلك وحاولت أن تستعيد ذلك
الدور الذي كانت قد تخلت عنه.
الآن تنبهت الوزارة
للحفر، وأخذت في ردمها وترميمها بعد طول نسيان..نتمنى أن تستمر الوزارة في هذا
العمل الهام، ونتمنى أن تتواصل عملية الردم والترميم على هذا المقطع الحيوي من
طريق الأمل، والذي ما كان يجب أن تظهر فيه حفرة واحدة إلا وتم ردمها وترميمها بشكل
فوري.
إن هناك عشر نقاط خطرة
على هذا المقطع، وفي بعض هذه النقاط توجد حفر يجب ترميمها وردمها على وجه
الاستعجال، وأتمنى أن تسارع الوزارة في ردمها وترميمها، ومن قبل أن يتم ذلك فليس
أمامنا إلا أن ندعو سالكي الطريق إلى أن يأخذوا حذرهم عند الكلم 60 والكلم 63
والكلم 79 والكلم 82 والكلم 93 والكلم 96 والكلم 98، وعند المرتفعات الأكثر خطورة
بالكلم 125 والكلم 140.
تنبيه للسائق :
للتعرف على هذه النقاط الخطرة فأنت تحتاج لتشغيل عداد السيارة، فالوزارة عاجزة حتى
عن وضع علامات ترقيم على الطريق.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق