بعد ثمانين يوما تُرِك فيها السيناتور ولد غدة وحيدا في السجن، مكشوف
الظهر، وبدون أي مؤازرة ولا تضامن..بعد هذه الثمانين يوما، دعونا نتخيل المشهد
التالي:
السيناتور ولد غدة يقرر بعد طول تأمل وتفكير وتحليل للواقع أن يترك فسطاط
المعارضة، وأن يلتحق بركب "التغيير البناء"، لو أن مثل ذلك حدث ـ وهو
أمر مستبعد جدا لمعرفتي بالرجل ـ لاستيقظ الكثير من المعارضين،
ولامتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمناشير تنتقد الرجل، وتقول فيه ما لم يقل مالك في الخمر.
ولامتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بمناشير تنتقد الرجل، وتقول فيه ما لم يقل مالك في الخمر.
حينها سيتحدث الكثير من مدوني المعارضة، ممن لم يتضامن ـ ولو للحظة
ـ مع الرجل خلال الثمانين يوما التي تُرِك
فيها وحيدا، مكشوف الظهر لنظام باطش وظالم لا يتورع عن فعل أي شيء، كأن يجلب سجينا
مقيدا بالسلاسل إلى المحكمة، أو كأن يمنع أما من زيارة ابنها السجين، وذلك رغم
امتلاكها لإذن زيارة، ورغم بقائها لسبع ساعات تحت لهيب الشمس في انتظار تلك
الزيارة.
لقد فكرتُ في هذا الأمر كثيرا، ووصلتُ إلى استنتاج أتمنى أن لا يكون
صحيحا، يقول هذا الاستنتاج بأن أهل هذا الأرض يمتلكون مواهب عالية في جلد الناس
بسياط النقد، ولكنهم، وفي نفس الوقت، من أفشل خلق الله في تقديم المؤازرة
للمظلومين.
للتذكيرـ وأرجو أن تكون الذكرى تنفع السياسيين ـ فإن السيناتور ولد غدة
قد سُجِن لأسباب ولشعارات يرفعها جل الموريتانيين، فهو قد سُجِن لأنه وقف ضد
استفتاء يرفضه أغلب الشعب الموريتاني، وترفضه كل المعارضة، وهو قد سُجِن لأنه كشف
ووعد بكشف ملفات فساد، ومن المعروف بأن الفساد تندد به غالبية الشعب الموريتاني،
وتندد به المعارضة بكاملها، وهو قد سُجِن لأنه أعاد فتح ملف رصاصات أطويلة، وهو
الملف الذي يتساءل أغلب الشغب الموريتاني عن حقيقته، وتتساءل المعارضة عن بكرة
أبيها عن حقيقته.
تلكم هي الأسباب والملفات التي أدت إلى سجن السيناتور ولد غدة، ولما سُجِن
هذا السيناتور، فإذا بكل أولئك الذين كانوا يقفون ضد الاستفتاء، وضد الفساد،
ويطالبون بكشف ملف أطويلة، فإذا بهم جميعا يختفون عن الأنظار، وكأن الأرض قد ابتلعتهم
فجأة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق