يقال بأن الكتاب من
عنوانه، وعلى هذا المنوال فإنه يمكننا أن نقول بأن الجمهوريات من بيانها التأسيسي،
وإذا كان الأمر كذلك، فعليكم أن تعلموا بأنه قد أظلكم زمان الإساءة إلى المقاومة
وإلى كل القيم النبيلة التي تمثلها روح المقاومة.
دعونا نتتبع مسار
الإرهاصات الأولى في تأسيس "جمهورية المقاومة"، وإذا ما فعلنا ذلك،
فسنجد بأن هذا المسار قد بدأ بحوار أحادي، وتوسط بتجاوز للدستور، وبعنف وتنكيل غير
مسبوق بزعماء المعارضة، وبتزوير فاق ما كان يحدث في عهد ولد الطايع، أما الختام،
وهو لم يكن مسكا، فقد كان تلاوة بيان التأسيس ل"جمهورية المقاومة" بلغة
المستعمر.
أهلا بكم في جمهورية
الإساءة إلى المقاومة، وأرجو منكم في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ موريتانيا أن
تترحموا على أرواح المقاومين، وأن تترحموا كذلك على المادة السادسة من الدستور الموريتاني
التي تقول بأن " اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية.
اللغة الرسمية هي العربية."
بدأ رئيس لجنة
الفضائح والتزوير خطابه الفرنسي بالقول " واسمحوا لي بهذه المناسبة أن أعرب
عن كامل الارتياح للظروف التي اكتنفت تنظيم هذا الاقتراع."
بالله عليكم هل كانت
الظروف التي اكتنفت تنظيم هذا الاقتراع بالظروف العادية أو المريحة؟ ألم تكن هي
أسوأ ظروف تجري فيها انتخابات في العقود الأخيرة؟ ألم تشهد تنكيلا غير مسبوق بقادة
المعارضة؟ ألم تشهد إقصاء للصوت المعارض من كل مؤسسات الإعلام الرسمي؟ ألم تشهد انخراطا
غير مسبوق للإدارة وللجيش في العملية الانتخابية؟
لقد بدأنا "جمهورية
المقاومة" بكذبة كبيرة لرئيس لجنة الفضائح والتزوير، ومن المعروف بأن الكذب
وشهادة الزور لم يكن أبدا من القيم التي كانت تدافع عنها المقاومة.
في يوم الأربعاء
الموافق 13 يونيو 2012 أقسم رئيس لجنة الفضائح والتزوير، كما أقسم بقية "الحكماء"
أمام المجلس الدستوري بقسم جاء فيه: " أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي
وظائفي بإخلاص وعلى الوجه الأكمل، وأن أزاولها بحياد تام مع مراعاة قوانين
الجمهورية الإسلامية الموريتانية".
بالله عليكم هل أدى
رئيس لجنة الفضائح والتزوير وبقية "حكمائها" مهامهم بإخلاص وعلى الوجه
الأكمل؟ وهل زاولوا تلك المهام بحياد أم بانحياز فاضح للإدارة ولداعمي التعديلات
الدستورية؟
من الواضح بأن
"الحكماء" قد خانوا القسم، ولم يكن من بينهم رجل رشيد وذلك على الرغم من
اقتراب موعد تقاعدهم من الوظيفة ومن الحياة حسب متوسط أمد الحياة في موريتانيا،
ومن الواضح كذلك بأن "جمهورية المقاومة" قد بدأت بخيانة قسم، وقريبا
ستسمعون بخيانة قسم آخر، ويتعلق الأمر هذه المرة بالرئيس المؤسس لجمهورية
المقاومة، ومن المعروف بأن خيانة القسم لم تكن في أي يوم من الأيام من القيم التي
كان يدافع عنها المقاومون.
أهلا بكم في جمهورية
الكذب وشهادة الزور..
أهلا بكم في جمهورية
الإساءة إلى اللغة الرسمية للبلاد..
أهلا بكم في جمهورية
خيانة القسم..
أهلا بكم في جمهورية
إقصاء الصوت المعارض..
أهلا بكم في "جمهورية
المقاومة"..
إننا نعيش في زمن
الشعارات الجوفاء، وقد بدأ الأمر بشعار محاربة الفساد وبرئاسة الفقراء وبالتغيير
البناء، ومن الراجح بأنه لن ينتهي بشعار "موريتانيا الرحيمة" و
"موريتانيا الممتنة" وموريتانيا التي تمجد المقاومة وأبناء الشهداء. ولأننا
نعيش في زمن الشعارات الجوفاء الذي تقلب فيها المفاهيم والقيم رأسا على عقب، لأننا
نعيش في هذا الزمن، فاعلم يا أخي المواطن بأنك:
عندما تقف في وجه
الكذب وشهادة الزور ...فأنت تقاوم.
وعندما تقف في وجه
التطبيل والتملق ...فأنت تقاوم
وعندما تقف ضد النهب
والفساد...فأنت تقاوم..
وعندما تقف في وجه
الدكتاتورية وحكم الفرد وتأليه الحاكم ...فأنت تقاوم
وعندما تقف في وجه
العبث بالديمقراطية والدستور...فأنت تقاوم
وعندما تقف في وجه
الإساءة إلى لغاتك الوطنية ولغتك الرسمية...فأنت تقاوم
إنك بممارستك لمثل
هذه الأفعال فأنت تقاوم، وأنت بذلك هو من يمثل حقا ـ لا زورا ـ روح المقاومة. أما
من يمارس الكذب والتزوير وخيانة القسم والتملق للحاكم والإساءة إلى الدستور وإلى
اللغة الرسمية، فهو من يمثل روح المستعمر، حتى وإن رفع زورا وبهتانا شعار المقاومة
وتمجيد الشهداء.
ويبقى السؤال: ما العمل؟
هذا سؤال طالعته في
صفحات العديد من رافضي التعديلات الدستورية، وذلك بعد أن تبين أن السلطة الحاكمة
ماضية في فرض تعديلاتها اللادستورية، والتي كانت بدايتها حوار أحادي، وواسطتها عنف
وتنكيل بالمعارضين، وخاتمتها تزوير وغش وبيان بلغة المستعمر ..
إن الإجابة على هذا
السؤال تتطلب من المعارضة الموريتانية أن تتمسك في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ
البلاد بأمرين أساسيين، وفي غاية الأهمية :
أولهما : أن ترفض
الفوضى وأن تبتعد عنها، وأن لا تقبل بأي حال من الأحوال أن يجرها النظام القائم
إلى فوضى يريدها ويسعى إليها من أجل البقاء في الحكم وتشريع الدكتاتورية.
ثانيها : أن لا تقبل بنتائج
الاستفتاء اللادستوري، وأن ترفض وبنفس القوة الاستسلام للأمر الواقع الذي تريد
السلطة الحاكمة أن تفرضه.
وفي اعتقادي بأن رفع "العلم
المشبوه" قد يجمع بين الأمرين، ويمكن للمعارضة في هذه الفترة أن تطلق مشروع
رفع مائة ألف علم خلال شهر، وأن تقوم بحملة كبرى لتوزيع العلم ولإقناع المواطنين
برفع العلم فوق منازلهم ومحلات عملهم، وعلى سياراتهم..
مثل هذه الحملة في
حالة إطلاقها ستبين ميدانيا حجم التزوير في النتائج المعلنة، وستعبر بشكل حضاري
وسلمي عن مستوى رفض الشعب الموريتاني لنتائج الاستفتاء اللادستوري.
ويبقى سؤال أخر خاص
بحزب التحالف الشعبي التقدمي : أين ذهبت أصوات مناضليكم؟ ألم تطلبوا منهم أن يصوتوا
ب"لا" لتغيير العلم، وب "نعم" للتعديلات الأخرى؟ فلماذا زاد
عدد المصوتين ب "نعم" على تغيير العلم في النتائج النهائية على عدد المصوتين
ب"نعم" على التعديلات الأخرى؟ فأين ذهبت أصوات مناضليكم؟ أَوَ لا
تعتقدون بأن هناك تزويرا ما قد حصل جعل تصويت مناضليكم يأتي بنتائج سلبية؟ أوَ لا
تعتقدون بأن مسؤولية كشف هذا التزوير تقع على حزبكم الذي جاء بفكرة التصويت
ب"لا" و "نعم" في نفس الوقت؟
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق