رسائل
عديدة وواضحة وغير مشفرة أبرقتها الجماهير الغفيرة التي خرجت في الحادي عشر من
مارس في واحدة من أضخم المسيرات التي نظمتها المعارضة الموريتانية في السنوات
الأخيرة. هذه الرسائل التي أبرقتها مسيرة الحشد الأكبر توجد الآن في صناديق بريد
مختلفة، ويبقى السؤال : هل سيتم تجاهل هذه الرسائل أم أنها في هذه المرة ستحظى
بالقراءة وبالرد المناسب؟
رسالة في صندوق بريد الرئيس
لعل الرسالة الأهم من بين هذه الرسائل هي تلك
التي وضعت في صندوق بريد الرئيس، وهي الرسالة التي تقول بلغة سياسية فصيحة وصريحة
جدا بأن الشعب الموريتاني يرفض العبث بدستوره، ويرفض ـ وبكل مكوناته وأعراقه ـ
تغيير علمه الوطني.
اللافت في مسيرة الحشد الأكبر أن حجم الحضور كان
مميزا من حيث الكم والكيف، ولاشك أن المخابرات التي كانت تبرق الرسائل من داخل
المسيرة قد أبرقت في هذه المرة رسالة تقول بأنها لاحظت وجود مشاركين في هذه
المسيرة لم تتعود رؤيتهم في مثل هذه المسيرات. إن التهديد بتغيير العلم الوطني قد
استقطب جمهورا جديدا إلى ساحات الاحتجاج، كما أنه قد استقطب جمهورا آخر وجره أكثر إلى
قضايا الشأن العام. يمكنكم أن تلاحظوا بأنه في الأيام الأخيرة قد عبر فقهاء
وشخصيات ثقافية وفنية بالإضافة إلى شخصيات سياسية كانت ـ وما زالت ـ تحسب على
الموالاة عن رفضها لتغيير العلم، وتعبير هؤلاء عن رفضهم لتغيير العلم بالإضافة إلى
خروج جماهير غفيرة في مسيرة حاشدة في يوم حار للتعبير عن رفضها لتغيير العلم، إن
كل ذلك ليؤكد بأن التعديلات الدستورية قد تم رفضها شعبيا، وبأن الشعب الموريتاني
قد قال كلمته الحاسمة في هذا الموضوع، وبأنه لم تعد هناك أي حاجة لتنظيم استفتاء
شعبي من أجل معرفة رأي الشعب الموريتاني حول التعديلات الدستورية.