في تصفيات كأس العالم
بأمريكا في العام 1994، وفي مباراة كولومبيا مع أمريكا سجل اللاعب الكولومبي
"أندريس أسكوبار" هدفا ضد فريقه، وبذلك خرجت كولومبيا من تصفيات كأس
العالم من قبل أن تتجاوز الدور الأول، وذلك على الرغم من أن الكولومبيين كانوا
يتوقعون لمنتخبهم أن يتجاوز الدور الأول، وأن يحقق نتائج إيجابية، فالتحضير كان
جيدا، والمبالغ المالية التي أنفقت على المنتخب من أجل تحقيق نتائج إيجابية كانت
مبالغ ضخمة.
بعد مرور عشرة أيام
على تسجيل الهدف الخطأ، وبينما كان اللاعب "أندريس أسكوبار" خارجا من
مطعم من مطاعم مدينة "ميدلين" الكولومبية فإذا به يفاجأ بثلاثة رجال
وسيدة عجوز ينهالون عليه ضربا، حاول اللاعب الهروب إلى سيارته، ولكن أحد
الرجال الثلاثة أخرج مسدسا وأطلق 12 رصاصة في اتجاه اللاعب، وذلك من بعد أن خاطبه
قائلا : " شكرا على الهدف الذي سجلته في مرماك".
في الرياضة كما في
السياسة يحدث أن يسجل لاعب هدفا ضد فريقه عن طريق الخطأ، وفي الرياضة كما في
السياسة يمكن أن يتسبب ذلك الهدف في خسائر كبيرة للاعب في مساره الرياضي إن كان
رياضيا، أو في مساره السياسي إن كان سياسيا. من المؤكد بأن المدافع "أندريس
أسكوبار" كان يتمنى النصر لفريقه، ولكنه تصرف بشكل خاطئ عند الدقيقة الرابعة
والثلاثين من المباراة، وذلك لما تصدى لكرة المهاجم الأمريكي "جون هاركس" وأراد
أن يحولها إلى ضربة ركنية، ولكنه أخطأ فأودعها في مرمى فريقه.
ومن المؤكد أيضا بأن عمدة
بلدية "كرو" ـ وهو من المدافعين عن مرمى النظام القائم ـ كان يريد
بمبادرته وبحديثه الحماسي الذي تكررت فيه عبارة
"ألا عزيز" أن يسجل هدفا لصالح الرئيس، ولكن العمدة بتلك المبادرة وبذلك
الحديث قد تسبب في تسجيل هدف ضد فريقه السياسي.
لقد التقط المدونون ـ
وهم الذين كانوا يبحثون منذ وقت عن وسم جذاب ـ عبارة "ألا عزيز" وجعلوا منها
وسما ناجحا، وقد استقطب هذا الوسم الكثير من المدونين، وأتاح لهم أن يذكروا من
جديد بالأخطاء العديدة التي ارتكبها الرئيس ولد عبد العزيز منذ فجر السادس من
أغسطس 2008 بل ومن قبل ذلك، وإلى يوم الناس هذا، ولم تغب كرة القدم عن هذه الحملة
التدوينية التي قادها المدونون ضد الرئيس ولد عبد العزيز، فكان من بين التغريدات
التي نُشرت تحت وسم "#ألا_عزيز"
تغريدة تقول : من هو الرئيس الذي أوقف
مباراة في كرة القدم في الدقيقة 65؟
لقد تضرر الرئيس الذي
أوقف مباراة في كرة القدم في الدقيقة 65 من هذا الهجوم الكاسح الذي شارك فيه
العديد من المدونين، والذي كانت شرارته قد جاءت من مبادرة العمدة، ومن حديثه
الحماسي، ولقد كان الرئيس في غنى عن هذه المبادرة التي عرضته لهجوم كاسح، كما أن
العمدة نفسه كان في غنى عن هذه المبادرة التي جلبت له الكثير من الضرر، حتى وإن
كانت سترفعه مكانا عليا في سجل المطبلين بهذه البلاد.
ومع أن مبادرة العمدة
كانت عملا تطبيليا خالصا لوجه النظام، إلا أنها وعلى الرغم من ذلك فقد حملت في
ثناياها سخرية كبيرة من الرئيس. لقد سخر العمدة من الرئيس عندما قال على لسان
الفقراء بأن الرئيس قد جمع صدق الصديق
وعدالة الفاروق رضي الله عنهما. فبأي منطق يمكن للرئيس وهو من حكام هذا الزمان أن يجمع
بين خصلتين لم تجتمعا ـ حسب مضمون حديث العمدة ـ في أبي بكر ولا في عمر رضي الله
عنهما؟
ولو أن العمدة في
حديثه لم يجمع خصال أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في شخص "رئيس الفقراء" لهان
الأمر، فقديما قالت العرب بأن بعض الشر أهون من بعضه، أما حديثا فيمكن القول بأن "ومن
التطبيل ما قتل سياسيا".
فلو أن العمدة اكتفى
بعبارة "ألا عزيز" لكان يكفي في هذه الحالة أن يتم تذكيره بحادثة مشابهة
حصلت مع وزير سابق في عهد سابق كان قد
دفعه الحماس ذات مهرجان انتخابي لأن يكرر أمام الجماهير ولعدة مرات : "الدرجه
ألمن". هذه العبارة التي قيلت منذ ما يزيد على ربع قرن لا تزال حتى اليوم تلاحق
صاحبها والذي لا شك بأنه كان أحسن حظ من العمدة، وذلك لأنه كان قد قال عبارته من
قبل أن تظهر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن قبل أن تكون هناك إمكانية لتوثيق مثل
هذه العبارات بالصوت والصورة، وتوزيعها من بعد ذلك على أكبر عدد ممكن من المتابعين.
لم يتمكن الوزير وإلى غاية يومنا هذا من أن يوقف الخسائر التي لا يزال
يتكبدها بسبب عبارة "الدرجه ألمن"، وذلك على الرغم من مرور ربع قرن على
التلفظ بتلك العبارة، فإذا كان ذلك هو حال الوزير فكيف سيكون حال العمدة الذي تلفظ
بعبارته في زمن يتم فيه توثيق مثل هذه العبارات المشينة بالصوت والصورة ؟
لقد ترك معاوية السلطة منذ ما يزيد على عقد من الزمان ، ولكن عبارة "الدرجة
ألمن" ظلت تلاحق قائلها، وسيترك الرئيس ولد عبد العزيز السلطة طوعا أو كرها،
وستبقى عبارة "ألا عزيز" تلاحق العمدة لسنوات قادمة لن تكون بالتأكيد بالقليلة.هذا
عن مستقبل العمدة، أما عن حاضره فإنه قد استحق على كل معارضي نظام ولد عبد العزيز أن
يتقدموا إليه بالشكر وبالتهانئ وذلك لأنه سجل هدفا في مرمى فريقه.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق