حسب المتاح من الإحصائيات الرسمية فإنه يمكن القول
بأنه في كل 42 ساعة (أقل من يومين) يتوفى مواطن موريتاني بسبب حادث سير، وأنه في
كل ثلاث ساعات ونصف الساعة يصاب مواطن آخر بجروح بسبب حادث سير، وأنه في كل ساعة
وست دقائق يقع حادث سير على الأراضي الموريتانية.
إنها أرقام مقلقة تسببت منذ العام 2003 وإلى غاية العام
2015 في وفاة 2667 مواطن موريتاني، وفي إصابة 37509 مواطن موريتاني بجروح (عدد من
هؤلاء الجرحى سيتوفى فيما بعد بسبب مضاعفات جروحه، وعدد آخر منهم سيعيش بقية حياته
وهو يعاني من عاهة مستديمة).
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن النصف الأول من
العام 2016 قد شهد 4337 حادث سير، تسببت في جرح 1492 شخص، وفي وفاة 104، وإذا ما تمت مقارنة حوادث السير في
النصف الأول من العام 2016 بمثيلاتها في النصف الأول من العام 2015 فسنجد بأن عدد
الحوادث قد تناقص قليلا في النصف الأول من العام 2016 عما كان عليه الحال في النصف
الأول من العام 2015، ولكن هذا التناقص لم ينعكس إيجابا على عدد الضحايا الذين
زادوا قليلا في العام 2016، وهو ما يعني بأن حوادث السير في النصف الأول من العام
2016 كانت أكثر بشاعة من حوادث السير في النصف الأول من العام 2015، والتي كانت قد
بلغت 4458 حادث سير، توفي فيها 101 شخص، وأصيب فيها 1401 شخص بجروح.
وفي المجمل فإنه تم تسجيل 103301حادث سير في الفترة
ما بين (2003 إلى 2015)، ومع كل حادث سير من هذه المائة ألف وزيادة كانت هناك خسائر
مادية أو بشرية، خفيفة أو ثقيلة.. كانت هناك دموع، وأحزان، وقصص أليمة.. كانت هناك
آثار نفسية يصعب تجاوزها، وكانت هناك ذكريات أليمة يصعب نسيانها. فكم من طفل في
أقصى الشرق الموريتاني وصله نعي والده بدلا من ملابس العيد التي كان ينتظرها مع قدوم
ذلك الوالد، فتهور سائق أو ترك حفرة على الطريق بدون ردم، أو حمولة زائدة، أو غير
ذلك من الأخطاء والمخالفات كان كافيا لتحويل انتظار ملابس العيد لدى ذلك الطفل إلى
كابوس دائم. وكم من أسرة أعدت العشاء لابنها القادم من مكان عمله بعد طول غياب،
ولكنها فوجئت بعد أن برد العشاء وبعد أن طال الانتظار بشخص غريب يتصل عليها من
هاتف الابن ليقول لها بأن صاحب هذا الهاتف يوجد الآن في مستشفى المدينة كذا وهو في
وضعية صحية حرجة؟ وكم من أسرة رحلت بكاملها عن دنيانا الفانية بسبب حادث سير، ولم
يبق من أفرادها إلا ابن أو أخ لا يعرف إن كان من الأفضل له أن يكون قد رحل مع الراحلين
أو بقى حيا ليتذكر فاجعة رحيل الأهل في كل حين؟ وكم من مواطن فقير لم يكن يملك إلا
سيارة هي مصدر رزقه، فإذا بسيارته تتحول ـ في غمضة عين ـ إلى عجين، وإذا به هو يبحث عن ثمن الدواء لعلاج
الجروح التي أصيب بها في الحادث الذي فقد فيه سيارته؟
تتعدد قصص حوادث السير وتتنوع، ولكن تبقى الأحزان
والآلام والمعاناة هي الحاضر الأول مع كل حادث سير.
إن هذه الأرقام المفزعة لم يعد بالإمكان تجاهلها، ولذلك
فقد تم إطلاق حملة "معا للحد من حوادث السير" في السابع من أغسطس من هذا
العام ( وهو اليوم الذي سنعمل من أجل أن يصبح يوما وطنيا للتحسيس والتوعية ضد
حوادث السير)، وهذه الحملة ستتواصل بإذن الله، وهي بحاجة ماسة إلى دعم ومشاركة كل
من تقلقه مثل هذه الأرقام المفزعة.
ومن الأنشطة التي ستطلقها الحملة في الأيام
القادمة:
1 ـ الاتصال بهيئة الفتوى والمظالم وبالعلماء من
أجل تفعيل دورهم في هذه القضية، وخاصة في مجال تحديد موقف الشرع من القيادة بسرعة
جنونية، ومن المخاطرة بأرواح الأبرياء.
2 ـ الاتصال بالوزارة الوصية وبالإدارات المعنية
من أجل حثها على القيام بدورها في هذا المجال.
3 ـ إعداد لائحة بأسماء الشخصيات الوطنية التي
توفيت بسبب حوادث السير منذ منتصف السبعينيات وحتى اليوم، على أن يتم ذكر تاريخ
الحادث ومكان حدوثه.
4ـ إعداد لائحة ثانية بأبشع حوادث السير التي تم
تسجيليها في البلاد، ووضع لافتات عند أمكنة تلك الحوادث تحمل معلومات عن الحادث (
تاريخه، عدد ضحاياه، أسبابه...). وفيما يخص إعداد اللائحتين فنحن بحاجة إلى مشاركة
الجميع، وذلك نظرا لغياب أي جهة محددة يمكن الاعتماد عليها في هذا المجال..فلا
تبخلوا علينا بالمراسلة بأي معلومات قد تفيد في إعداد اللائحتين، ولا بأي فكرة
يمكن أن تساهم في الحد من حوادث السير.
5 ـ مواصلة الأنشطة التحسيسية والتوعوية التي تقوم
بها الحملة، وسيتم تخصيص عطلة هذا الأسبوع لطريق نواكشوط روصو.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق