أصبتُ للمرة الثانية بالحمى الغامضة، وما أقسى أن تصاب
بهذه الحمى لمرتين، وفي فترتين متقاربتين..أول شيء تذكرته بعد الإصابة بهذه الحمى
الغامضة هو أن بلادنا حققت في السنوات الأخيرة، و لأكثر من مرة، وعلى لسان كل
وزراء الصحة الذين تعاقبوا على الوزارة خلال السبع العجاف قفزات نوعية في المجال
الصحي، وتذكرت أيضا بأن الرئيس يمنح لقطاع الصحة "أولوية قصوى" هذا ما
كنتُ أسمعه في كل حين من وزراء الصحة ومن كبار الموظفين بهذه الوزارة.
سمعتُ كل ذلك، ولكن ورغم ذلك، فقد اكتشفت بأن
موريتانيا، وفي العام 2015 لا تمتلك مخبرا للكشف عن حقيقة هذه الحمى، وأنها تحتاج
لدولة مجاورة نحن أحسن منها حالا للكشف عن طبيعة ونوعية هذه الحمى الغامضة.
سأصدق الوزراء ومناضلي الحزب الحاكم وشباب أنتم الأمل،
وسأكرر مع الجميع بأننا أحسن حالا من السنغال، ولكن لماذا نحن نحتاج لمخابر السنغال
وهم لا يحتاجون لمخابرنا؟ ولماذا يحتاج مرضانا لمستشفيات السنغال ولصيدلياته ولا
يحتاج مرضاهم هم لمستشفياتنا ولصيدلياتنا؟ ولماذا يحتاج طلابنا للجامعات والمعاهد
السنغالية ولا يحتاج الطلاب السنغاليون لجامعاتنا ومعاهدنا؟
تصوروا مثلا لو أن الله كان قد أنعم على السنغاليين بما
أنعم به علينا من سمك ومن حديد ومن ذهب ومن نحاس ومن ثروة حيوانية، وتصوروا مثلا
لو كان حالنا كحال السنغال من حيث شح الثروات والموارد الطبيعية، لو أن مثل ذلك
حدث لكان حال بلادنا أكثر سوءا، ولكان حال السنغال أفضل مما هو عليه الآن.
نحن أحسن حالا من الدول المجاورة، ولكن ورغم ذلك فإن
عاصمتنا هي العاصمة الوحيدة في المنطقة التي لا يوجد بها صرف صحي في العام 2015 !!
نحن أحسن حالا من الدول المجاورة، ولكن على كل واحد
منا أن يسدد مليون دولار هي نصيبه من الديون المستحقة على بلادنا ...في مرات عديدة
أتساءل كيف لي أن أسدد هذا المبلغ الضخم وأنا عاطل عن العمل، ولا أملك مترا مربعا
واحدا على الأراضي الشاسعة للجمهورية الإسلامية الموريتانية..عموما فإن حالي أفضل
من 71% من الموريتانيين تعيش بأقل من دولارين لليوم حسب إحصائيات منظمة الأمم
المتحدة للأغذية والزراعة (هذا المعدل هو الأكثر خطورة في شمال إفريقيا).
حتى الدولة لم تعد تمتلك ما تسدد بها ديونها بعد أن تم
بيع كل ممتلكاتها بما في ذلك المدارس، وهناك حديث عن إمكانية بيع الجنود و بيع "اسنيم"!!
إن على السلطة القائمة أن تسارع إلى استحداث وزارة
دولة تسمى بوزارة بيع الأملاك العامة على أن تتولى هذه الوزارة عملية بيع وتصفية
كل الممتلكات العامة، فالسلطة لم يعد لديها من شغل إلا بيع الممتلكات العامة. كما
أنه على هذه الوزارة أن تتولى مهمة بيع الشعب الموريتاني ـ بالتقسيط أو بالجملة ـ
لحكومات الدول المجاورة، فربما يجد هذا الشعب بعد بيعه لحكومات الدول المجاورة رعاية
أفضل مما كان يحصل عليه على أراضي الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
ومن المؤكد بأننا سنكون أحسن حالا من الدول المجاورة
في مجال التجارة، فنحن شطار في التجارة، ومن شطارتنا أننا نبيع الكهرباء للسنغال
وذلك رغم أن عاصمتنا يلفها ظلام دامس في كثير من الأوقات.
إننا نصدر ونبيع الكهرباء التي نعاني من عجز فيها (على
الأقل ظاهريا)، وتلك واحد من شطارتنا في التجارة.
واصلوا بيع هذه البلاد، فتلك هي أفضل نصيحة يمكن أن
يقدمها لكم مواطن مصاب بالحمى، ومطالب بتسديد مليون دولار، ولا يملك قطعة أرضية
يمكن أن يبيعها في هذا الزمن الذي يباع فيه كل شيء.
وتبقى كلمة : أطلقوا سراح الشباب المعتقلين فهؤلاء هم
من حمل هم آلاف المرضى، وهم من ذكر بمعاناة ضحايا الحمى ..الحرية للمعلوم ولد أوبك؛
سيدي الطيب؛ عبد الوهاب؛ أحمد ابيه؛ سيدي
عبد الله.
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق