في هذه الأيام الحبلى بالأخبار البائسة والحزينة يكون
أهم شيء يمكن فعله، هو تخصيص جزء من الوقت للتنقيب عن الأخبار السارة، فمن يدري،
فربما نجد خبرا سارا هنا، أو بشارة خير هناك، فنزفها إلى الشعب الموريتاني
المتعطش منذ ما يزيد على نصف قرن لسماع أي خبر سار.
اليوم وجدتُ ضالتي بعد طول بحث، فوجدت خبرا سارا
ومفرحا لم أكن أتوقعه، ولذلك فقد ارتأيتُ أن أسارع بزفه إليكم. إنه هديتي لكم
بمناسبة عيد الفطر المبارك، وأنا أعلم مسبقا بأن هذه الهدية ستعجبكم لا محالة،
وكيف لا تعجبكم وأنتم بطبعكم ترغبون في الحوار، وتتمنون جميعا أن ينطلق هذا الحوار
اليوم من قبل الغد.
الرائع في هذه الهدية ـ يا سادة يا كرام ـ هي أنها
ستأتيكم في وقت قد بدأتم تيأسون فيه من إمكانية انطلاق الحوار بين المعارضة
والسلطة.
فيا أيها الموريتانيون : لا داعيَّ لليأس، فالحوار
سينطلق قريبا، وإليكم ما يؤكد هذه البشرى.
بدءا اسمحوا لي أن أحدثكم قليلا عن الزمان والمكان
والشخص الذي جاءت من عنده هذه البشرى.
الزمان : لقد كان زمان هذه البشرى هو ليلة السابع
والعشرين من رمضان، وهي الليلة التي يُعتقد بأنها ليلة القدر.
المكان : مقر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بمقاطعة "توجنين"،
وهو المقر الذي شهد اختتام عملية إفطار الصائم، تلكم العملية التي يمكن القول
بأنها من أهم ما قام به حزب حاكم في كل تاريخ الأحزاب الحاكمة في هذه البلاد.
أما الشخص الذي جاءت منه هذه البشرى فلم يكن إلا رئيس
الحزب الحاكم، وهو بالمناسبة الشخص الثاني في وفد الحكومة المحاور.
لقد قال رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وبمناسبة
اختتام عملية إفطار الصائم، وبالحرف الواحد: "إننا في الحكومة
والأغلبية قبلنا بجميع الشروط والممهدات باستثناء "الحكومة الموسعة"
التي قبلنا إدراجها في جدول أعمال الحوار". هذا الكلام لم أنقله من أي موقع، بل جئتُكم به من موقع حزب
الاتحاد من أجل الجمهورية، والذي لا يمكن ـ بأي حال من الأحوال ـ أن نشكك في مصداقية ما ينقله من كلام على لسان
رئيسه.
يمكنكم أن تلاحظوا بأن رئيس الحزب الحاكم قد قال في
كلمته : "إننا في الحكومة والأغلبية"، وهذا يعني بأن هذا الكلام يمثل
الحكومة والأغلبية معا، ولرئيس الحزب الحاكم الحق في أن يتحدث بهذه الطريقة، فهو
من جهة يرأس أهم حزب في "الأغلبية"، وهو من جهة ثانية يمكن أن يتحدث
باسم الحكومة التي يعتبر أغلب وزرائها أعضاء في الحزب الذي يرأسه، وهو من جهة
ثالثة يمثل الشخص الثاني في وفد السلطة المحاور.
إن هذا الشخص المهم في الأغلبية وفي الحكومة وفي وفد
السلطة المحاور قد قال، وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان بأنهم في الأغلبية قد
قبلوا بجميع الشروط والممهدات باستثناء "الحكومة الموسعة" التي قبلوا بإدراجها
في جدول أعمال الحوار.
يمكنني أن أقول لكم بأن المنتدى الوطني للديمقراطية
والوحدة لا ينتظر لدخول الحوار، إلا أن يوثق وفد السلطة المحاور هذه الجملة
القصيرة، وأن يجعل منها تعهدا مكتوبا يمكن الرجوع إليه في أي وقت.
لقد قال رئيس الحزب الحاكم بأنهم قد قبلوا بجميع
الشروط والممهدات فماذا ينتظر المنتدى للقبول بالبدء في الحوار؟ يمكنني أن أجيبكم
بأن المنتدى لا ينتظر أي شيء سوى توثيق هذا الكلام، ولا تسألونني من فضلكم عن
"الحكومة الموسعة" فما دام الطرف الثاني يقبل بأن تدرج الحكومة الموسعة
في الحوار، فإن المنتدى لن يعرقل الحوار بسبب عدم تشكيل حكومة موسعة من قبل انطلاق
الحوار.
وللتذكير
فإن وثائق المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، والتي تبقى هي المرجع الأول
للمنتدى كانت قد تحدثت عن الحكومة التوافقية بالصيغة التالية: "حكومة
ذات صلاحيات واسعة تحترم قوانين الجمهورية، برهنت كل التجارب الأخيرة بأنها هي الضامن
الأمثل للحياد التام للإدارة، وبأنها تمنع توظيف المصالح والخدمات العمومية
في المنافسة السياسية."
ولذلك
فإن المنتدى، وحسب وثائقه، لا يعتبر الحكومة التوافقية شرطا لابد منه للمشاركة في
الانتخابات، وإنما يعتبرها هي الضامن الأمثل لحياد الإدارة، وإذا ما عرض وفد
الحكومة المفاوض خلال الحوار ضامنا جديا آخر غير الحكومة الموسعة لحياد الإدارة
فإن المنتدى لن يرفض أن يحاور حول ذلك الضامن أو الضمان المعروض من طرف الحكومة
لفرض حياد الإدارة.
ختاما:
يمكنني أن أقول بأن الحوار سينطلق بعد عيد الفطر المبارك، وإن الشيء الوحيد الذي
سيمنعه من أن ينطلق هو أن يكون رئيس الحزب الحاكم لم يكن صادقا في حديثه في ليلة
السابع والعشرين من رمضان، وأنا لا أريد أن أتهم رئيس الحزب الحاكم بعدم الصدق في
ليلة السابع والعشرين من رمضان.
تقبل الله صيامنا وصيامكم وقيامنا وقيامكم...
حفظ الله موريتانيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق