لهذه الأسباب أتقدم بتهنئة كبيرة لأوردغان
بمناسبة فوزه في انتخابات الأمس:
أولا : أهنئه لأنه استطاع وفي سنوات معدودة
أن يقفز بتركيا قفزات نوعية على كافة الأصعدة (الاقتصادية ، الاجتماعية ، السياسية
، الثقافية..)، وهي بالتأكيد ليست كالقفزات النوعية التي نتحدث نحن عنها هنا في
هذا البلد. ما حققه أوردغان لتركيا يجب أن لا يكون مثار جدل بين خصومه وأنصاره هنا
في موريتانيا، فهو حقيقة واضحة جلية، ومن المخجل جدا أن يتجرأ أي إنسان عاقل على إنكاره.
ثانيا: يبقى هناك جدل مبرر إلى حد ما حول
حقيقة دعم أردوغان للقضية الفلسطينية (قضية العرب والمسلمين الأولى)، وفي هذه
المسألة فإني أقول :
1 ـ إن النهضة التي أحدثها أوردغان في
تركيا هي حسب وجهة نظري تشكل دعما للقضية الفلسطينية، فلنفترض جدلا بأن أردوغان لا
يهتم أصلا بأمر فلسطين، كما يدعي البعض، ولكن ستبقى من حسنات أردوغان بأنه جعل من
تركيا دولة قوية لها تأثير قوي في المنطقة، وبالتالي فإنه عندما يأتي لتركيا من
بعد أردوغان رئيس يدعم حقا القضية الفلسطينية فإنه سيجد أمامه دولة لها القدرة على
التأثير في المنطقة، ولها القدرة على مواجهة إسرائيل سياسيا، ودبلوماسيا،
واقتصاديا، ولِمَ لا عسكريا ..إن الخطوة الأولى لدعم فلسطين تتمثل في بناء دولة
عربية أو إسلامية قوية قادرة على مواجهة إسرائيل مستقبلا، وفي هذه نجح أردوغان، أن
يكون هو من سيقود تلك المواجهة أو أن
ننتظر رئيسا تركيا آخر فتلك مسألة أخرى..أما أولئك الرؤساء الذين يخربون بلدانهم
بأيديهم ثم يقولون من بعد ذلك بأنهم يدعمون القضية الفلسطينية، فأولئك هم أخطر على
فلسطين من العدو الصهيوني.
2 ـ يمكننا أن نشكك في الدور الرسمي الذي
قدمه أردوغان للشعب الفلسطيني، ولكن هناك حقيقة لا يمكن لنا التشكيك فيها، وهي أن
أردوغان قد تمكن في السنوات الأخيرة من خلق مزاج شعبي تركي داعم للقضية
الفلسطينية، ويمكن أن نلتمس ذلك من خلال المسيرات الضخمة، ومن خلال القوافل، وكذلك من خلال حملات التبرع
الواسعة التي ينظمها الشعب التركي من حين لآخر لصالح الفلسطينيين.
ثالثا : أما السبب الثالث الذي أهنئ عليه
أردوغان هو أنه استطاع أن يبعد العسكر عن السياسية بقرارات وبخطوات مدروسة
ومتصاعدة وفي غاية الذكاء، وهو الشيء الذي فشل فيه رئيسنا السابق (سيدي ولد الشيخ
عبد الله)، وكذلك الرئيس المصري المنقلب عليه (محمد مرسي).
رابعا : تمكن أردوغان من أن يقدم نموذجا
متميزا للإسلام السياسي، وهو الشيء الذي
فشل فيه كثيرون من قبله.
ويبقى موقف أردوغان من الربيع العربي من
القضايا الشائكة التي يحتج بها خصوم الرجل، وتلك قضية ربما أخصص لها تدوينة لوحدها
لأنها تحتاج لتوضيح أكثر.
شكرا لأردوغان لأنه قدم تجربة حكم ناجحة، وسيبقى
العبد لله، وهو قطعا ليس من الناجحين، يكره الفاشلين، ويحب الناجحين ويشيد بهم، أينما
كانوا، وفي أي مجال من المجالات نجحوا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق