لا شك أن الديمقراطية
الموريتانية تعيش أزمة عميقة، ولا شك أن تلك الأزمة ليست إلا نتيجة لأزمات أخرى،
لعل من أبرزها الأزمة التي تعيشها المعارضة الموريتانية، ولذلك فإننا سنركز في هذا
النداء على مخاطبة المعارضة الموريتانية (بشقيها المقاطع والمشارك)،وذلك لاعتقادنا
الجازم بأنه لن يكون بالإمكان إنقاذ الديمقراطية في موريتانيا من قبل أن تتجاوز
المعارضة الموريتانية أخطاءها، ومن قبل أن تجتمع هذه المعارضة (وبشقيها المقاطع
والمشارك) على خطة واضحة المعالم، تكون لها القدرة على فرض التناوب السلمي على
السلطة عن طريق صناديق الاقتراع.
إن التناوب على السلطة
لن يأتي في الغالب إلا من خلال ثلاث وسائل:
ـ الانقلابات: وهذه لا
يمكن التحكم فيها، ولا ينتظر منها خيرا، خاصة في بلد كبلدنا والذي عرف الكثير من
الانقلابات التي لم تأت بأي نتيجة، ولذلك فنحن لم نعد بحاجة إلى انقلاب جديد.
ـ ثورة شعبية : وهذه لا
يمكن التخطيط لها، ولا يمكن فرضها على الشعب، وإنما تأتي بشكل مفاجئ، وهي غير
مأمونة، خاصة في بلد ما تزال مكوناته وشرائحه ينقصها الكثير من الانسجام والتلاحم،
كما هو الحال بالنسبة لبلدنا. وعموما فإن الثورات لا يمكن التحكم في مسارها، ولنا
في تونس، ومصر، وليبيا، وسوريا أكثر من عبرة.
ـ التناوب عن طريق
صناديق الاقتراع: وهذه هي الوسيلة الأسلم والأفضل و الأنجع، ولكنها لا يمكن أن
تحدث إلا في ظل وجود معارضة قوية لها مشروع واضح المعالم لتحقيق ذلك. إن هذه
الوسيلة الثالثة ستبقى هي الأكثر أمانا، وستبقى هي الأقرب والأنسب، خاصة إذا ما
التقطنا بعض الرسائل الإيجابية التي قدمتها لنا انتخابات 23 من نوفمبر، والتي أكدت
بأن الشعب الموريتاني قد أصبح بمستوى من النضج يكفي لإسقاط مرشحي السلطة. ومن
الأمثلة على ذلك، ما حدث في مقاطعة شنقيط التي رفضت التصويت لنائب رئيس الجمعية،
وكذلك ما حدث في مقاطعة كرو حيث فشل ثلاثة وزراء في فرض فوز مرشح السلطة في الشوط
الأول، وكذلك ما حدث في دوائر أخرى عديدة حيث لم يستطع بعض الوزراء أن يفرضوا
فوزهم في الشوط الأول ( وزيرة الوظيفة العمومية في بلدية لكصر، وزير التجارة في
بلدية روصو..). ويضاف إلى ذلك كله ما أظهرته بعض المكاتب الخاصة بقواتنا المسلحة،
والتي أثبتت بأنه لم يعد بالإمكان التحكم حتى في أصوات العسكريين.
إن كل تلك الرسائل
الإيجابية لتؤكد بأن التغيير عن طريق صناديق الاقتراع لم يعد مستحيلا، بل أصبح
أقرب مما نتخيل، ولا ينقصه إلا أن تتجاوز المعارضة خلافاتها، وأن تجتمع بشقيها
المقاطع والمشارك على مشروع للتغيير واضح المعالم ينطلق من جملة من التعهدات
والالتزامات لعل من أهمها:
أولا: أن تعلن الأحزاب
المشاركة في انتخابات 23 من نوفمبر عن انسحابها من تلك الانتخابات من قبل تنظيم
الشوط الثاني.
ثانيا: أن تتعهد كل
أحزاب المعارضة بقبولها لمبادرة الرئيس مسعود، ولرفضها لأي انتخابات لا تستلزم
بتجسيد كل بنود تلك المبادرة، خاصة منها البند المتعلق بحكومة توافق وطني، وذلك
بعد أن أثبتت انتخابات 23 من نوفمبر أن غياب مثل تلك الحكومة سيتيح الفرصة لتدخل
وزراء النظام للتأثير على تصويت الناخب الموريتاني.
ثالثا: حل اللجنة
الحالية المشرفة على الانتخابات، وإبدالها بلجنة جديدة تكون أكثر كفاءة وأكثر
نزاهة مع المطالبة بفتح تحقيق مستقل في عمل اللجنة الحالية، وذلك لتكون عبرة للجنة
القادمة حتى لا تنحرف هي بدورها عن المهمة التي أوكلت لها. إن مهام اللجان المشرفة
على الانتخابات يتطلب أن تمنح تلك اللجان صلاحيات واسعة جدا، ولكن يبقى الخوف
دائما من أن تستغل تلك اللجنة الصلاحيات التي منحت لها للانحراف بالعملية
الانتخابية لصالح السلطة الحاكمة، ومن هنا تظهر أهمية المطالبة بتحقيق مع اللجنة
الحالية حتى تكون عبرة لأي لجنة قادمة.
رابعا: رفض المشاركة في
أي انتخابات لا يسبقها التطبيق الكامل لمبادرة الرئيس مسعود، ولا حل اللجنة
الحالية وإبدالها بلجنة جديدة للإشراف على الانتخابات، هذا مع العمل على إفشال أي
انتخابات لا تستجيب بشكل كامل لتك الشروط.
خامسا: في حالة موافقة
السلطة القائمة على تنظيم انتخابات وفقا لمبادرة الرئيس مسعود، فإنه على أحزاب
المعارضة في هذه الحالة أن تلتزم بأن يدعم بعضها البعض في الشوط الثاني من
الانتخابات التشريعية، كلما واجه أحد مرشحيها منافسا من الأحزاب الموالية للسلطة.
وفي حالة حصول أحزاب
المعارضة على الأغلبية في البرلمان، وهو احتمال وارد جدا، إذا ما تم تنظيم
انتخابات شفافة، وإذا ما تقدمت المعارضة بمرشحين مؤهلين للنجاح، فإن المعارضة في
هذه الحالة تتعهد بما يلي:
1ـ ترشيح الرئيس مسعود لرئاسة البرلمان القادم.
2ـ تشكيل حكومة توافقية تشارك فيها كل أحزاب المعارضة على أن يكون
اختيار الوزير الأول لها من نصيب حزب التكتل.
3ـ منح رئاسة مجلس الشيوخ لحزب تواصل.
4ـ منح مقعد النائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية لاتحاد قوى التقدم،
وكذلك النائب الأول لرئيس مجلس الشيوخ.
5ـ تلتزم أحزاب المعارضة في حالة فوزها في الانتخابات التشريعية
بتقديم مرشح مستقل وتوافقي من خارج أحزابها للترشح باسمها للانتخابات الرئاسية،
على أن يكون ذلك المرشح شخصية وطنية مستقلة يُشهد لها بالكفاءة والاستقامة، وتتمتع
بعمق اجتماعي ووزن شعبي كبير.
إذا كنتَ موافقا على
هذا النداء، فرجاءً وقع هنا:
نواكشوط بتاريخ : 4
ديسمبر 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق