سأفترض جدلا بأن انتخابات 23 من نوفمبر كانت انتخابات جادة وشفافة، ولم تكن بالمهزلة كما يدعي البعض، ولتأكيد هذا الافتراض اسمحوا لي أن أقدم لكم عشرة أدلة تؤكد بأن انتخابات 23 لم تكن بالمهزلة الانتخابية، وإنما كانت انتخابات جادة وشفافة، وقد شكلت قفزة نوعية وتطورا كبيرا في ديمقراطيتنا الناشئة.
والأدلة العشرة هي:
1 ـ لم تغلق مكاتب التصويت عند تمام الساعة السابعة من يوم الاقتراع كما جرت بذلك العادة، بل إن التصويت ظل مستمرا ليومين في بعض المكاتب، وذلك قد يكون دليلا قويا على جدية عملية الاقتراع، حيث تم منح الناخب وقتا كافيا للإدلاء بصوته.
2 ـ لقد كانت نسبة المشاركة مرتفعة جدا في انتخابات 23 من نوفمبر، وذلك لدرجة أن عدد المصوتين في بعض المكاتب زاد كثيرا على عدد المسجلين أصلا في تلك المكاتب. ونسبة المشاركة هذه، والتي زادت في بعض الأحيان على عدد المسجلين، قد تكون هي أقوى دليل على جدية انتخابات 23 من نوفمبر، وعلى اقتناع المواطن بجديتها مما جعل إقباله على مكاتب التصويت يفوق في بعض الأحيان إقباله على مكاتب التسجيل.
3 ـ لم تكن عملية الفرز سريعة كما جرت بذلك العادة، بل إنها استمرت لعدة أيام، وهو ما يمكن أن نعتبره دليلا على جدية عملية الفرز، وبالتالي على جدية انتخابات 23 من نوفمبر.
4 ـ وعموما فيمكن القول بأن التأني وعدم التسرع كانا من أقوى الأدلة على جدية انتخابات 23 من نوفمبر، ولقد ظهر عدم التسرع في كل المراحل، حتى أن موعد الشوط الثاني المحدد سلفا لم يسلم هو بدوره من ذلك التأني، حيث تم تأجيله عن موعده بأسبوعين كاملين، وكانت تلك سابقة من نوعها.
5 ـ هذه أول مرة نسمع عن شوط ثالث في انتخابات تشريعية وبلدية، وذلك قد يكون أيضا دليلا إضافيا على جدية انتخابات 23 من نوفمبر، والتي لم تكتف بشوطين فقط كما جرت بذلك العادة، وإنما أضافت شوطا ثالثا ربما تعقبه ركلات الترجيح إذا لم يتم الحسم النهائي خلال الشوط الإضافي.
6 ـ ظلت النتائج تتغير من وقت لآخر مما يعكس جدية الانتخابات فقد يصبح المترشح في انتخابات 23 من نوفمبر نائبا حسب اللجنة المستقلة للانتخابات، ويمسي في نفس اليوم خاسرا، وذلك من قبل أن تعلن نفس اللجنة في رواية ثالثة لها عن تأهله للشوط الثاني أو ربما لشوط الثالث، وهذا التغير المستمر في النتائج قد يكون في وجهه الآخر دليلا إضافيا على جدية انتخابات 23 من نوفمبر.
7 ـ صحيح أن العديد من الأحزاب السياسية قد قدمت طعونا، ولكن هناك بعض الأحزاب الكبيرة والمحترمة التي لم نسمع أنها قد قدمت طعنا واحدا وهو ما قد نعتبره دليلا إضافيا على جدية انتخابات 23 من نوفمبر. فعلى سبيل المثال لم يتقدم حزب تكتل القوى الديمقراطية بأي طعن في نتائج انتخابات 23 من نوفمبر، ولم يتقدم كذلك اتحاد قوى التقدم كذلك بأي طعن للمجلس الدستوري.
8 ـ صحيح أن الاحتجاجات ضد نتائج انتخابات 23 من نوفمبر كادت أن تعم مدن وقرى الوطن، ولكن هناك مقاطعات ودوائر لم نسمع أنها قد شهدت أي احتجاجات أو أي تذمر من أي نوع، ويمكن أن نذكر على سبيل الحصر مقاطعة الشامي. ولو كانت انتخابات 23 من نوفمبر غير شفافة لاحتج ضدها الإنس والجن في مقاطعة الشامي، تلك المقاطعة الأكثر عصرنة، والأكثر حداثة، وبالتالي فهي الأكثر قدرة على اكتشاف عمليات التزوير.
9 ـ لا
يمكن لأي مشكك في هذه الانتخابات بأن يأتي بأدلة قوية على التزوير من خلال
المحاضر، وبالطبع فلا أهمية لأدلة غير موثقة. أعرف أن بعضكم قد يقول بأن المحاضر
لم يتم إعدادها أصلا حتى نثبت من خلالها بأن التزوير قد حصل، ذلك قول لا يهم،
فالمهم أنه ليس بإمكانكم أن تقدموا أدلة على التزوير من خلال المحاضر.
10 ـ وكدليل
عاشر على حرص اللجنة المشرفة على انتخابات 23 من نوفمبر على الشفافية وعلى الجدية،
فإن هذه اللجنة قد حاولت أن تعتمد النسبية في مقاطعة المذرذرة، وأن تقسم نائبا
واحدا إلى شطرين متساويين، شطر لتواصل، وشطر لحزب الوئام. بالطبع لقد تراجعت اللجنة
عن ذلك، وذلك لأن وعي الشعب الموريتاني ونضجه لم يصل إلى المستوى الذي يقبل فيه
تقسيم نائب إلى شطرين، إلا أن تفكير اللجنة في ذلك، يكفي لوحده لتأكيد جديتها
وحرصها على الشفافية.
إن كل
تلك الأدلة لتؤكد بأن انتخابات 23 من نوفمبر، لم تكن بالمهزلة، وإنما كانت
انتخابات جادة وشفافة. ومهما يكن من أمر فإنه لا يليق بنا كموريتانيين، على الأقل
من الناحية الأخلاقية، أن نصف انتخابات أشرف عليها سبعة من الحكماء الكبار في السن،
بأنها كانت مجرد مهزلة.
فيا أيها
الموريتانيون عودوا لأخلاقكم، ووقروا كبار السن في بلدكم، واحترموا حكماءه السبعة،
فليس من اللائق بكم أن تصفوا عملا أشرف عليه أولئك الحكماء السبعة بالمهزلة، حتى
ولو كان مجرد مهزلة.
حفظ الله
موريتانيا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق