سأخصص بعض هذه القصاصات، لبعض القصص التي كان أبطالها أجانب، وهي قصص تعكس مدى تدني الحس الوطني لدينا نحن الموريتانيين، حيث يكون الأجانب أكثر رأفة منا بوطننا.
(1)
حدثني صديق لي، وهو دكتور في الصيدلة، كان يعمل في صيدلية خصوصية، وقال لي بأنه في يوم من أيام عمله، باع بعض الأدوية لفرنسي، وناوله كيسا بلاستيكيا ليضع فيه تلك الأدوية، ولكن الفرنسي رفض أخذ الكيس بحجة أنه لا يريد أن يساهم في تلويث البيئة الموريتانية، حتى ولو اضطر لأن يحمل أدويته مبعثرة، وحتى ولو تساقطت كلها في الطريق.
أتذكر الآن، وأنا أحكي لكم هذه القصة مشهدا غريبا عجيبا في سلوك المواطن الموريتاني،لم أجد له تفسيرا، ويتكرر دائما عند الأمكنة المخصصة لوضع القمامة. فكثيرا ما أشاهد امرأة أو رجلا يأتي بالقمامة من منزله، وفي بعض الأحيان يكون منزله يبعد عن الحاوية بعشرات الأمتار، ولكنه عندما يصل للحاوية المخصصة للقمامة، يتصرف تصرفا غريبا ومحيرا، فبدلا من أن يخطو خطوة أخيرة حتى يضع القمامة داخل الحاوية، فإنه بدلا من ذلك يرمي القمامة جنب الحاوية، ثم يأتي آخرون ويفعلون نفس الشيء، حتى تصبح عملية وضع القمامة داخل الحاوية، لمن أراد فعلا أن يفعل ذلك، عملية شبه مستحيلة نظرا لأكوام القمامة التي تحيط بالحاوية من كل الجهات.
في النهاية يكون المشهد كالتالي : حاوية فارغة تماما، محاطة بسور مرتفع من القمامة، وهو ما ينتج عنه:
ـ منظر سيء على شارع عام.
ـ إرهاق عمال النظافة وتكليفهم بجهود إضافية، فوق جهودهم المتعبة أصلا .
ـ جعل المكان بؤرة للجراثيم والميكروبات، والتي ستؤثر حتما على صحة كل أولئك الذين قاموا بذلك السلوك الغريب.
ـ هذا المشهد قد يعطي انطباعا سيئا للزائر الأجنبي، وربما يجعله يعتقد بأننا الشعب الأكثر غباءً في العالم، مع أننا من أكثر شعوب العالم ذكاءً، إلا أننا نستخدم ذكاءنا ـ في كثير من الأحيان ـ استخداما سيئا.
المؤكد أن كل من يرمي القمامة ليس بأحول حتى يقول الأجنبي بأن حِوَلَه هو الذي حال بينه وبين الحاوية، وقطعا فهو لم يفعل ذلك رحمة بالحاوية وخوفا عليها من أن تتسخ من الداخل، حتى يقول الأجنبي بأننا بلغنا مرحلة متطورة من النظافة حتى أصبحنا نشفق على الحاويات.
فلماذا نحن من بين كل شعوب الأرض نتصرف بهذه الطريقة الغريبة العجيبة؟؟؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق