في كل يوم يمر من أيام الحرب المعلنة على الفساد ينفق
وسيط الجمهورية 200.000 أوقية، ودون أن
يؤدي أي خدمة مقابل ذلك المبلغ الكبير، أما المجلس الدستوري فإنه يبتلع يوميا
274.387 أوقية، في حين أن المجلس الإسلامي الأعلى يهدر يوميا 185.000 أوقية من أموال
هذا الشعب المغلوب على أمره، ودون أن يؤدي
أي خدمة مقابل ذلك المبلغ الكبير، حتى مجلس جائزة شنقيط، والذي توقفت جائزته منذ
ثلاث سنوات فإنه يكلف يوميا 184,000 أوقية، أي أنه يكلف سنويا 67 مليون أوقية.
ومما نأسف له في "ضحايا ضد الفساد" هو
كون هذه المجالس والهيئات والتي تكلف سنويا الشعب الموريتاني أموالا طائلة لا تجد من يزعجها لا في البرلمان، ولا في
الصحافة الوطنية. كما أنها ظلت بعيدة عن أي احتجاجات شعبية، ولم تجد من يحتج ـ حتى
الآن ـ أمام مكاتبها ليطالبها بتأدية مهامها المحددة لها، أو بالرحيل إذا ما كانت
عاجزة عن تأدية تلك المهام.
فمن مهام وسيط الجمهورية على سبيل المثال: استقبال
شكاوي المواطنين المتعلقة بنزاعات لم تتم تسويتها في إطار علاقاتهم مع إدارات
الدولة.
وصياغة رأيه بشأن النزاعات
بين المواطنين و الإدارة، و إرسال هذا الرأي للرئيس إذا ما طلب منه الرئيس إبداء
الرأي، و تقديم تقرير سنوي عن حصيلة نشاطه.
ومن المعلوم بأن وسيط الجمهورية الذي تتجاوز
ميزانيته السنوية 73 مليون أوقية لم يقم
بأي مهمة من تلك المهام منذ تعيين أول وسيط في عهد ولد الطايع، وحتى آخر وسيط.
والحال لا يختلف بالنسبة للمجلس الاقتصادي
والاجتماعي، والذي من مهامه إبداء الرأي،
أو إجراء دراسة عن أي مشكلة تمس الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. كما أنه بمقدور
المجلس ـ طبقا للمهام المحددة له ـ أن
يتخذ المبادرة بتدارس المسائل الاقتصادية والاجتماعية، والقيام من أجل ذلك بما
يلزم من دراسات ومسوح وتحقيقات، والاعتماد على نتائجها لإصدار آراء أو اقتراح الإصلاحات
التي يرى أنها قد تعزز النمو الاقتصادي والاجتماعي
للبلاد، وهو فوق ذلك يمكن أن يضطلع بمهمة التوسط لحل النزاعات الاجتماعية.
ومن المعلوم أيضا بأن المجلس الاقتصادي
والاجتماعي لم يقم بأي مهمة من تلك المهام منذ الإعلان عن تأسيس أول مجلس في عهد ولد الطايع، وحتى اليوم،
بل إن هذا المجلس وبتشكلته الحالية ليست له القدرة أصلا لإعداد دراسات أو للقيام باستشارات إن هو أراد فعلا
القيام بذلك,
وما ينطبق على وسيط الجمهورية، وعلى المجلس
الاقتصادي والاجتماعي ينطبق على الهيئات والمجالس الأخرى، ولن يختلف مصير المجلس
الأعلى للفتوى والمظالم عن مصير غيره من المجالس والهيئات.
لقد آن الأوان لأن تتجه الأنظار إلى تلك الهيئات
والمجالس، والتي تمارس "النهب الآمن" لأموال الشعب الموريتاني دون أي
حساب، بل ودون أي استنكار مهما كانت طبيعته، وغياب مثل ذلك الاستنكار هو الذي
جعلنا في حملة "نأسف على الإزعاج" نجعل على رأس أولوياتنا العمل على إزعاج تلك المجالس والهيئات التي تنهب
أموالا طائلة دون تقديم أبسط خدمة تشرع بها نهب تلك الأموال.
نواكشوط: 20 ـ 09 ـ 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق