إذا كانت لخطابات
الرئيس مضامين تستحق أن تشرح وتفسر للمواطن البسيط، فإن لغضبه أيضا مضامين تستحق
أن تشرح وتفسر لذلك المواطن البسيط.
فلماذا لم يشرح لنا الإعلام الرسمي ـ المغضوب
عليه من طرف الرئيس ـ مضامين الغضب
الرئاسي الأخير؟ وأين هو خلق الاتحاد من أجل الجمهورية؟ وأين بياناته الغاضبة؟ وأين هم الوزراء المغضوب
عليهم من طرف الرئيس والشعب؟ ولماذا لا يقومون بزيارات غاضبة للولايات الداخلية
ليشرحوا خلالها للمواطن العادي أسباب غضب الرئيس عليهم؟ وأين مقالات الدكتور
الوزير السابق؟ ولماذا انقطعت كل هذه المدة؟ ولماذا لا يكتب لنا مقالا تحليليا عن
"الغضب النير" أو "الغضب السامي" لفخامة رئيس الجمهورية؟ وأين
هم خبراء النسب المئوية؟ ولماذا لم يقيسوا لنا غضب الرئيس في اجتماع مجلس الوزراء
الأخير؟ وهل وصلت نسبة غضب الرئيس إلى 70% من مخزون الغضب الرئاسي، عفوا، من
البرنامج الانتخابي للرئيس؟ وهل ما فجره الرئيس من غضب على الحكومة في السنوات
الثلاث الأخيرة يعادل كل ما تفجر في موريتانيا من غضب خلال العهود السابقة التي
حكمت البلاد منذ استقلاها، وحتى فجر السادس من أغسطس 2008؟
تلك أسئلة لا أستطيع
أن أجيب عليها، وذلك لسبب بسيط جدا، وهو أني لست خبيرا في شرح مضامين خطابات
الرئيس، ولا مضامين غضبه، والحقيقة أني لم أكتب هذا العنوان إلا لاستجداء
المتخصصين في المجال، وللفت انتباههم إلى أهمية شرح مضامين الغضب الرئاسي الأخير للمواطنين
البسطاء من أمثالي .
لست خبيرا في شرح
مضامين الغضب الرئاسي، ولكني مع ذلك لا أنكر بأني فرحت كثيرا بمناسبة الغضب
الرئاسي الأخير، رغم أنه جاء متأخرا جدا عن موعده الافتراضي، والذي كان يجب أن يكون
بعد الأسبوع الأول من تشكيل هذه الحكومة، أي قبل ثلاث سنوات على الأقل، خاصة أن
هذه الحكومة أظهرت ـ ومنذ أول أيامها ـ بأنها حكومة تستحق أن يغضب عليها الجميع:
الرئيس، المعارضة، المواطن البسيط، المواطن الغير بسيط، الصحافة، خلق الحزب
الحاكم، العاطلون، الموظفون، المتقاعدون، المعوقون، المتسولون..
ومن المؤكد بأني لست
بحاجة لأن أستعرض معكم ـ في هذا المقال ـ المظاهر الميدانية لفشل الحكومة، فتلك المظاهر
أصبحت واضحة وجلية للجميع، ولكني ـ في المقابل ـ سأقدم لكم اليوم وجها جديدا لفشل
هذه الحكومة، لم أطلع عليه إلا في وقت قريب، وعن طريق الصدفة البحتة، وربما تكونوا
أنتم أيضا لم تطلعوا عليه من قبل.
لقد دفعني الفراغ لأن
أزور ـ ولأول مرة في حياتي ـ موقع الوزارة الأولى على الانترنت، وأن تصفحه، وأن
أبحث فيه عن انجازات افتراضية للوزارة الأولى، وللوزارات التابعة لها نظريا، وذلك بعد
أن فشلت في العثور ميدانيا على أي انجاز مقنع لتلك الوزارة ولا للوزارات التابعة
لها نظريا.
ولقد كنت أتوقع بأن حال الحكومة في العالم
الافتراضي سيكون أفضل من حالها ميدانيا، فإذا بي أفاجأ بأن الحكومة على الإنترنت
هي أكثر سوءا من الحكومة في الميدان، رغم أني لم أكن أتخيل ـ من قبل زيارتي لموقع
الوزارة الأولى والوزارات التابعة لها نظريا ـ بأن هناك شيئا أكثر سوءا من الحكومة
على الميدان.
زرت موقع الوزارة الأولى
لأكتشف أن آخر خبر تمت إضافته للموقع هو: بيان
مجلس الوزراء الصادر بتاريخ : 19/07/2012، أي أن الوزارة الأولى، لم تقم بأي انجاز يستحق النشر منذ ما يزيد على
الشهر.
وبحثت في الموقع عن
أي شيء مفيد، فوجدت رابطا لمقال اليوم، فقلت في نفسي ربما أجد ضالتي في هذا
المقال، فضغطت على الرابط فظهر لي خبر مكتوب بلغة بائسة تحت العنوان التالي: "رئيس الجمهورية يحضر حفل وضع الحجر
الأساس لمشروع سد فيلو الهيدروكهربائي بولاية خاي المالية".
تركت
الصفحة الرئيسية لموقع الوزارة الأولى، وأنا أشعر بغضب أشد من الغضب الرئاسي على تلك
الوزارة، ولكني من قبل أن
أتركها بشكل نهائي، قررت أن أزور الوزارات التابعة لها نظريا من خلال الروابط
الموجودة في موقع الوزارة الأولى، وكانت النتائج كالتالي:
الرابط الأول كان
لوزارة العدل، ولما ضغطت عليه، جاءتني عبارة تقول بأن الموقع قيد الإنشاء (بالفرنسية)،
ولم أستغرب ذلك لأني اعلم بأن العدل في موريتانيا هو قيد الإنشاء منذ تأسيس الدولة
الموريتانية وحتى اليوم.
وأعلم أيضا بأن حالته
قد ساءت كثيرا مع الحكومة الحالية، وعموما فأنا لازلت أنتظر نصيبي من العدل الذي
وعدني به الرئيس الغاضب ذات يوم من أيام أغسطس "المجيد".
الرابط الثاني الذي
يقدمه موقع الوزارة الأولى، هو رابط وزارة الخارجية، ولما ضغطت عليه جاءني الرد
سريعا: يستحيل إظهار الصفحة (بالفرنسية طبعا).
ولما جاءني ذلك الرد أشفقت
على الجاليات الموريتانية، وعلى طلابنا في الخارج. كما أشفقت على كل محبي
موريتانيا من الأجانب، والذين سيصدمون إذا ما قرروا يوما أن يزوروا موقع وزارة
الخارجية على الانترنت من قبل أن يزوروا موريتانيا.
الموقع الثالث الذي
يقدمه موقع الوزارة الأولى، هو موقع وزارة الدفاع، والذي كان أول موقع يظهر لي
عندما ضغطت على رابطه، ولكن الصدمة كانت في آخر خبر يقدمه هذا الموقع، فهو خبر من
العام الماضي، وكان عنوانه: "وزير الدفاع الوطني يستقبل سفير فرنسا المعتمد لدى موريتانيا بتاريخ: 29/11/2011".
الموقع
الرابع كان لوزارة المالية، وكان شكل صفحته الرئيسية غريبا، فهي لا تشغل إلا جزءا
صغيرا جدا من المساحة المتاحة، وكان أحدث شيء على الموقع، هو إعلان بيع
"أبلوكات"!!، وذكرني ذلك الإعلان بجشع الحكومة المغضوب عليها رئاسيا
وشعبيا، وبتحمسها لكل شيء يمكن أن تجبي منه مالا. كما ذكرني الإعلان أيضا بأن ساحة
"ابلوكات" لا تزال جرداء رغم أنه قد قيل لنا عند عملية البيع بأن
التشييد يجب أن يبدأ في العام الأول، وأن العمارات يجب أن تكتمل قبل نهاية العام
الثالث، ومما تجدر الإشارة إليه هو أن عملية البيع قد مر عليها عام ونصف عام
تقريبا.
الموقع
الخامس كان لوزارة التهذيب الوطني، وهو موقع كارثة، وآخر خبر على الموقع عن ثانوية
الامتياز، وهو خبر غير مؤرخ، وعندما ضغطت عليه لم أجد شيئا. والمؤلم حقا أن صفحة موقع وزارة التهذيب الوطني بالعربية أكثر
سوءا من صفحتها بالفرنسية، والتي هي في منتهى السوء. وازدراء اللغة العربية في
مواقع الوزارات لم يقتصر فقط على موقع وزارة التهذيب، بل تشاركها وزارات أخرى في
الاستهزاء باللغة الدستورية للبلاد، كوزارة الصيد التي لا يوجد لها أصلا أي موقع
باللغة العربية، ووزارة الصناعة والمعادن والتي تشكل صفحتها بالعربية أكبر مسخرة
حكومية على الانترنت.
الموقع
السادس كان لوزارة الشؤون الإسلامية، وكان آخر خبر على الموقع هو: "رئيس الجمهورية
يستقبل مسيرة الأئمة والعلماء ويؤكد حزم الدولة إزاء إهانة الشرع الإسلامي".
وكان ذلك بمناسبة حادثة حرق الكتب الفقهية. أي أن الوزارة توقفت عن العمل نهائيا
منذ يوم حرق الكتب الفقهية، وهو ما يعني أيضا بأن موقع الوزارة لم يأخذ خبرا بحلول
شهر رمضان لهذا العام، ولا بعيد الفطر المبارك، ولا بخطابي رئيس الجمهورية اللذين
ألقاهما بمناسبة بدء الصيام، وبمناسبة عيد الفطر المبارك.
الموقع
السابع في اللائحة فهو لوزارة التشغيل والتكويـن المهنـي، وكان آخر خبر منذ الشهر
الماضي، وهو يتعلق بتفقد الوزير لسير الإعمال الجارية في الكابل البحري، وأتمنى أن
ينعكس اكتمال الأعمال المتعلقة بالكابل
البحري على مواقع الوزارات على الانترنت، وعلى أدائها، خاصة منها موقع الوزارة
المعنية بتنفيذ الأشغال.
وحتى لا أطيل عليكم فيمكن القول بأن كل
مواقع الوزارات بائسة، فبعضها لا وجود له في الانترنت، كوزارة الإسكان والاستصلاح
الترابي، ووزارة التنمية الريفية، والخارجية، والعدل. أما تلك التي لها مواقع، فتمتاز بوجود صورة
دعائية للوزير على الواجهة مما يعني بأن القائمين على تلك المواقع سيجدون صعوبة كبيرة
في إزالة صور الوزراء عندما تتم إقالة الحكومة الحالية.
كما أن هناك وزارات لا رابط لها أصلا في موقع
الوزارة الأولى، وهناك روابط لوزارات لم تعد موجودة في الهيكلة الوزارية، كالوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالمغرب العربي.
أما وزارة الاتصال والتي اخترت أن أختم بها،
فكان آخر خبر على موقعها يتعلق بعودة وزير
الاتصال من تركيا في منتصف الشهر الماضي.
تصبحون على حكومة لا تثير الغضب.
بالتوفيق
ردحذفhttp://prokr.com/cleaning-company-riyadh/
شكرا لمجهودك
ردحذفالبنات جيمز