في هذا المقال سأحاول أن أقدم للقراء الكرام بعض الانجازات الهامة التي
رصدتها من خلال متابعتي لخطاب الرئيس في العاصمة الاقتصادية، وهي انجازات لم أكن على علم بها من قبل الاستماع لهذا
الخطاب المثير.
لقد بين الخطاب بأن موريتانيا حققت في مساء يوم الثالث عشر من مارس
انجازات عظيمة، لعل من أبرزها انتصارها المدوي
في حربها على الفساد، والدليل على ذلك الانتصار العظيم هو أن خطاب الرئيس قد أثبت
بالأدلة الدامغة بأن مشكلتنا اليوم لم تعد في سرقة ونهب المال العام، بل أصبحت
تكمن في سرقة الأفكار، والتي ربما تتطور في المستقبل القريب إلى سرقة للخواطر
وللمشاعر.
لم يعد بإمكان المفسدين في بلدنا أن يسرقوا المال العام، ولذلك فنحن
لم نعد نسمع في مجلس الوزراء عن تجريد موظف ، ولا عن سجن آخر. لقد انتصرنا على
الفساد المالي، وأصبحت مشكلتنا مع الفساد الفكري، ويمكن القول بأن أخطر عملية سرقة
أفكار يتم كشفها حتى الآن، هي تلك العملية المثيرة التي تحدث عنها الرئيس في خطاب
الثالث عشر من مارس.
لقد كشف الرئيس عن أكبر عملية سرقة للأفكار يقوم بها مفسدو المعارضة، حيث
تمكنوا من سرقة أعظم فكرة لدى رئيسنا، وهي الفكرة التي تقول بأن التعليم في
موريتانيا لا يتلاءم مع متطلبات التنمية!!!
ومن المؤكد بأننا سنقضي قريبا على آخر مظاهر الفساد، أي على سرقة الأفكار
ونهبها، ليس لأننا نملك وسائل متطورة لكشف لصوص الأفكار، بل لأنه لا توجد أصلا
لدينا أفكار يمكن سرقتها، فنحن من البلدان الأقل إنتاجا للأفكار في العالم، وذلك
لا يعود لقلة ذكاء فطري، وإنما يعود لكون الموريتاني لا يخصص وقتا للتفكير، خاصة
عندما ما يتعلق الأمر بالتفكير في الهم العام.
لقد كانت لدينا فكرة واحدة وتمت سرقتها لذلك فلن يجد لصوص الأفكار، بعد
الثالث عشر من مارس فكرة أخرى يسرقونها،
حتى ولو فتشوا عنها في أدمغة 14 % من
أصحاب التخصصات العلمية، أما 86% والتي قال الرئيس بأن تخصصاتها أدبية، فسيكون من العبث أن نبحث في أدمغتها عن أفكار.
وليس انتصارنا على الفساد المالي والفكري هو البشرى الوحيدة التي زفها لنا
خطاب الثالث عشر مارس، فهناك أيضا انجازات عظمى حققناها في هذا الخطاب، ولعل من
أبرزها نجاحنا في تجديد الطبقة السياسية.
لقد اضطر الرئيس في خطاب الثالث عشر من مارس لأن يطلب علنا من
الشباب أن يترشحوا لمجلس الشيوخ حتى يصبحوا شيوخا. لقد اكتشف الرئيس بأنه قد اخطأ
عندما جدد كل طبقته السياسة الداعمة له، ولم يعد في أغلبيته "عجائز" نشطون
لمواجهة "عجائز" المعارضة الثائرين، والحقيقة أن أغلبية الرئيس بشيوخها
وبشبابها كلها "عجائز" في مستوى فكرها، وفي تعاطيها مع الشأن العام، بدءًِا بالاتحاد الجنائزي وانتهاء بالحراك
العجائزي.
ولقد انتصرنا أيضا في خطاب الثالث عشر من مارس على الجفاف، وتمكنا من
طرده ومحاصرته في جيوب ضيقة جدا، ولم يعد موجودا على أرض موريتانيا إلا في جيوب "عجائز"
المعارضة المقاطعة للحوار، والتي يعتبر عددها قليل جدا، حسب إحصائيات "جنائز"
الاتحاد، و"عجائز" الحراك.
ومن انجازاتنا الكبرى في خطاب الثالث عشر من مارس تحول مثلث الفقر في
لحظة خاطفة من مثلث للفقر إلى مثلث للأمل، وهذا التحول العظيم لم تشهده البلاد إلا
مرة واحدة في تاريخها، وذلك عندما تحول "المنفقع" إلى
"الراظي" في خطاب كخطاب الثالث عشر من مارس، وفي زيارة "بائدة"
تتشابه كثيرا مع زيارة الثالث عشر من مارس،
والتي رحلت بموجبها المدن الموريتانية، بمن فيها، وبما فيها لتستقبل الرئيس
في "نواذيبو". كما رحلت بعض الدول المجاورة إلى هذه المدينة، ورفعت أعلامها في الوقت الذي
نسينا نحن فيه أن نرفع علمنا، واكتفينا برفع لافتات حجبت الرؤية عن الرئيس ومنعته
من رؤية عدد الملتحين، وعدد غير الملتحين في الجماهير الحاشدة التي استقبلته
لمقارنة نسبهما.
ولعل أعظم انجاز حققناه في خطاب الثالث عشر من مارس هو أنه قد أصبح
في حكومتنا وزير مهمش، وهذا لا
يعني ـ بأي حال من الأحوال ـ بأن غيره من الوزراء في الحكومة لا يعانون من التهميش،
ولا يعني بأن الشعب كله لا يعاني من التهميش. كل ما في الأمر هو أن خطاب الثالث
عشر من مارس قد كشف بأن في الحكومة وزيرا منحدرا من مثلث الفقر، عفوا، من مثلث
الأمل، مما يعني بأن بقية الوزراء ليسوا منحدرين من مثلث الأمل، وربما يكونون قد
جاؤوا من دوائر الإحباط، أو من مربعات البؤس، أو من مستطيل التراكمات.
ولقد تغيرت خريطة البلاد تغيرا كبيرا، حسب خطاب الثالث عشر من مارس، ولعل
التغيير الأبرز في تلك الخريطة، هو اختفاء صفقات التراضي نهائيا، نهائيا ،نهائيا
من خريطة موريتانيا، مثلما اختفى العطش، واختفى الظلام، والذي ربما يختفي أيضا عن
بعض الدول المجاورة التي سنصدر لها الكهرباء في المستقبل القريب حسب ما جاء في
خطاب الثالث عشر من مارس.
تصبحون على انجازات واقعية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق