يعتقد الحمالون ـ وهم مخطئون في ذلك ـ بأن رئيس الفقراء، وحكومة الفقراء، وأغلبية الفقراء، ونخب الفقراء، ورجال أعمال الفقراء، وفقراء الفقراء، وفقراءَ فقراءِ الفقراء، سيسمحون لهم بأن يزيدوا الأسعار بنصف أوقية للكيلوغرام. وذلك الاعتقاد الخاطئ هو الذي جعل الحمالين يطالبون بزيادة 500 أوقية، أو أكثر، على حمولة كل طن، مما كان سيتسبب لا محالة في زيادة تلقائية بنصف أوقية لكل كيلوغرام يباع على أرض الفقراء، وتحت سماء الفقراء، وفي عصر الفقراء الذهبي. الشيء الذي يتناقض ـ بشكل صارخ واستفزازي ـ مع البرنامج الانتخابي لرئيس الفقراء الذي وعد فيه بخفض الأسعار، فكيف يقبل بزيادتها حتى ولو كانت زيادة بنصف أوقية لا غير. فيا أيها الحمالون إن اعتقدتم بأن تلك الزيادة ستقبل، فأنتم واهمون.. واهمون .. واهمون. فكيف تعتقدون ـ ولو للحظة ـ بأن رئيس الفقراء، وحكومة الفقراء، وتجار الفقراء، وفقراء الفقراء سيسمحون لكم بأن تزيدوا سعر كيلو الأرز بنصف أوقية. وهو الذي لا تستغني عنه أسركم وعائلاتكم التي تأكله أبيض ناصعا في أكثر الأحيان. أيها الحمالون اعلموا أن رئيس الفقراء، أكثر شفقة على أسركم منكم، واعلموا أنكم إذا حاولتم أن تزيدوا أسعار المواد الأساسية على زوجاتكم وأبنائكم وعماتكم وأعمامكم وخالاتكم وأخوالكم وبني خالكم وبنات خالاتكم و جيرانكم، فإن رئيس الفقراء لن يقبل بذلك. لن يقبل به، ولن تقبل به كذلك حكومة الفقراء، ولا رجال أعمال الفقراء، ولا فقراء الفقراء، ولا حتى فقراءَ فقراءِ الفقراء. أيها الحمالون الفقراء عليكم أن تعلموا ـ كذلك ـ بأن أغلبية رئيس الفقراء أكثر شفقة عليكم من أنفسكم. ألم تسمعوا بنائب من "المشفقين الجدد" قال في العاصمة الاقتصادية بأن احتجاجاتكم هي احتجاجات سياسية، وهي ستضركم قبل غيركم، لأنها ستزيد عليكم الأسعار وأنتم فقراء لا تتحملون زيادتها. أيها الحمالون إنكم لا تستطيعون أن تشككوا في شفقة ذلك النائب على الفقراء. فهو وحتى وإن كان قد قبل بزيادة الضرائب على الأرز الذي يأكلونه، إلا أنه كفَّر عن ذلك الذنب العظيم برفض زيادتها على السجائر التي قد يدخنها بعضهم !!! رغم أن ذلك الاعتراض يتناقض مع مكانته البرلمانية فهو رئيس فريق مكافحة التدخين في البرلمان. فطوبى لمقاطعة تيشيت بهذا النائب المشفق، وطوبى لفقراء موريتانيا به، وشكرا لأهل تيشيت الذين انتخبوه لنا فقد كنا في أمس الحاجة إليه. فتصوروا أن برلماننا لم يكن فيه مثل هذا النائب العظيم الذي انحاز للفقراء. والذي كان له الشرف، بأنه هو أول شخصية من الأغلبية، أعلنت وبشكل صريح رفضها للمحاولات الدنيئة التي يقوم بها الحمالون من أجل رفع الأسعار.( إن شعبا ينتخب مثل هذا النائب لابد أن يكون له مستقبل "ناصع" مع الفقر والتخلف). أيها الحمالون عليكم أن تعودوا لرشدكم، وتتوقفوا عن هذه المطالب التي تتناقض مع فلسفة موريتانيا الجديدة، ومع جغرافيتها، وتاريخها، وأعرافها، وتقاليدها، وعاداتها، وتراثها.(تراث موريتانيا الجديدة يبدأ مما قبل 3 أغسطس من عام 2005 رغم أنها لم تولد إلا بعد 6 من أغسطس 2008). إن تظاهركم قد يوحي لأعداء موريتانيا الجديدة، وللمشككين فيها، بأن هناك بعض الفقراء لا زالت لديه مطالب لم يتم تحقيقها، في الأشهر التسعة التي تحققت فيها "المعجزات" وتحقق فيها ما لم يتحقق في سنوات، والكلام على ذمة وزير الصحة. وتظاهركم قد يتناقض مع جنان الفقراء التي يتحدث عنها فقراء الأغلبية، وفقراء البرلمان، وفقراء الحكومة، وفقراء المفسدين، وفقراء الإعلام الرسمي. إن حكومة الفقراء تعمل جاهدة لإسعاد كل الفقراء، بما في ذلك فقراء دول إفريقيا الغربية. وهذا ما يفسر تركها للأجانب ينافسون فقراء البلد في حمل الأثقال، لأنهم هم أيضا يستحقون الرأفة والشفقة من رئيس الفقراء، ومن حكومة الفقراء، ومن رجال أعمال الفقراء. فكيف بالله تصدقون أن حكومة تهتم بفقراء الدول المجاورة ستقصر في حق فقرائها الذين هم من لحمها وعظمها؟؟؟ ( لا أستطيع أن أقول من دمها، فهناك تصرفات كثيرة توحي بأن حكومتنا لا دم فيها، ولا حياء لها، وأقرؤوا إن شئتم مقال وزير الصحة الذي لم يعد لديه شيء يفعله في وزارته، فتفرغ لكتابة المقالات !!! ). واعلموا أيها الحمالون بأن هناك الكثير من الفقراء يحسدكم على ما أنتم فيه من نِعَم، فأنتم لا تعانون من الأرق، فمن كثرة تعبكم تنامون بمجرد وصولكم إلى "أكواخ الدجاج" التي تسكنون. ( التسمية لرئيس الفقراء بمناسبة أول زيارة للحي الساكن).أما غيركم من الفقراء فإنه لا يستطيع النوم فهو " لا يحظى" بتعبكم، وإن كان يشارككم في فقركم. إن احتجاج الفقراء "النائمين" قبل احتجاج الفقراء "اليقظين" يشكل ظاهرة لافتة يجب التوقف عندها. لن أضيف شيئا على هذه الجملة، وسأترك لكل قارئ الحرية في فهمها وتأويلها كيف ما شاء. أيها الحمالون إنكم مخطئون.. مخطئون .. مخطئون.فكيف قررتم أن تتظاهروا وأنتم تعلمون بأنكم لا تستطيعون مواصلة إضرابكم، فأنتم لستم كغيركم، لأنكم عندما تتوقفون عن العمل في يوم، فلن تجدوا ما تأكلونه في ذلك اليوم. وعندما تتوقفون ليومين فلن تأكلوا ليومين.. وهكذا. وكيف قررتم أن تتظاهروا وأنتم تعلمون بأنه لن يتعاطف معكم أي فقير من الأغلبية ولا من المعارضة، رغم أن الجميع يحب الفقراء ويشفق عليهم. فأنتم قد لا تصدقون حاليا بأن الأغلبية تهتم بكم. ولكن أريدكم فقط أن تنتظروا أول انتخابات قادمة لتعرفوا كم هم يحبونكم، فقد يأتيكم ساعتها فارس من رحم الأغلبية،لا تعرفونه ولا يعرفكم، يلبس ثوبا أكثر بياضا من أرزكم الذي تأكلون، وليست عليه آثار السهر ومع ذلك فقد يقول لكم بأنه لم يذق للنوم طعما منذ سنوات، لكثرة انشغاله بالتفكير بهمومكم. وقد لا تصدقون أيضا بأن المعارضة تهتم بكم، تلك المعارضة التي نظمت المسيرات عندما سُجِن بعض رجال أعمالها، ولم تتحرك عندما تم سجن عشرات الحمالين. اعذروا المعارضة أيها الحمالون، فهي تحتاج لمال الأغنياء أكثر من احتياجها لعرق الفقراء. وقد لا تصدقون بأن كتابنا ومثقفينا وصحافتنا ومجتمعنا المدني يهتمون بكم. ولكنهم في حقيقتهم يهتمون بكم، حتى وإن كان هذا الاهتمام أقل من اهتمامهم بتحركات الطلاب أو الأساتذة أو الأطباء. فهم قد يتحركون بحماس عندما يسجن صحفي، أو طالب، أو أستاذ. ولكنهم لا يتحركون عندما يعتقل عشرات الحمالين البسطاء الفقراء. وهم قد تشغلهم قضايا أرشيفية، وصراعات ثانوية عن همومكم. ولكن كل ذلك ليس دليلا على أنهم لا يهتمون بكم. إنهم يهتمون بكم، حتى وإن كان يصعب تقديم دليل على ذلك الاهتمام. أيها الحمالون لو كنتم على حق لما ضاعت حقوقكم على أرض الفقراء، وتحت سماء الفقراء، وعلى مرأى ومسمع من رئيس الفقراء. ولو كنتم على حق لما خذلتكم حكومة الفقراء، ولا معارضة الفقراء، ولا مثقفو الفقراء، ولا صحافة الفقراء، ولا المجتمع المدني للفقراء، ولا فقراء الفقراء. فيا أيها الحمالون إنكم لمخطئون، قليلو الحياء.ولو كنتم على حق لوجدتم أنصارا كثرا: فخطباؤنا بخير.. وحكومتنا بخير.. ومعارضتنا بخير.. ومثقفونا بخير.. وصحافتنا بخير.. وفقراؤنا المفسدون ـ كل فقرائنا المفسدين ـ بخير.. أما أنتم فلا تريدون أن تكونوا على خير، فلم لا تريدون أن تكونوا على خير؟؟ تصبحون على خير..
إني أحلم بأن أستيقظ ذات يوم على وطن حقيقي، يكون انتماء المواطن فيه للوطن من قبل أن يكون للقبيلة، أو للجهة ، أو للعرق، أو للشريحة.
الأربعاء، 19 مايو 2010
الأحد، 16 مايو 2010
من " حَمَّالٍ"... إلى رئيس الجمهورية
سيدي الرئيس، لقد وجدتني مضطرا لأن أكتب لكم في أقل من أسبوع رسالة مفتوحة أخرى وذلك لأسمعكم شيئا قليلا من أنين حَمَّالٍ يستيقظ باكرا في كل يوم .. ويقطع المسافات الطويلة في كل يوم .. ويحمل الأثقال في كل يوم، بثمن بخس، لكي يخفف ـ ولو قليلا ـ من أعباء الحياة، ومن همومها الثقيلة.. إنه في كل يوم يحمل الأثقال على كاهله من أجل أن يخفف من أثقال الحياة...وإنه ـ يا سيادة الرئيس ـ لا يستطيع أن يتوقف عن حمل تلك الأثقال، فبحمل تلك الأثقال وبحملها فقط ، يُطعم صغاره أبخس طعام يبقيهم على قيد الحياة ، ويكسوهم أخشن الثياب، ويسقيهم أسوأ ماء، ويعالجهم بأردأ دواء...وحلم هذا الحمَّال هو أن يجد في كل يوم بضائع وسلعا يحملها.. وعندما لا يحالفه الحظ في يوم من الأيام، ولا يجد ما يحمله، فإنه يعيش يومه ذلك كئيبا، مهموما، محبطا، حزينا وبائسا.لذلك فهو عندما يقرر بمحض إرادته أن يتوقف عن حمل الأثقال، دون أن يكون المرض هو سبب ذلك التوقف، فذلك يعني أن في الأمر شيئا ما يستحق التأمل.وبطبيعة الحال فسيكون دائما هناك من يقدم التفسيرات المبسطة، والتهم الجاهزة، لأنه لا يريدكم أن تهتموا بهموم الفقراء الذين انتخبوكم، والذين لهم عليكم حقان : حق التصويت لكم، وحق الاحتياج، فهم الأحوج للاهتمام لأنهم ظُلموا كثيرا، وعانوا كثيرا، وتجاهلهم الرؤساء كثيرا، عهدا بعد عهد، وتغييرا بعد تغيير.وقد يقول لكم بعض مستشاريكم، ومقربيكم، بأن الأمر لا يتعدى كونه مجرد محاولة مشبوهة، من جهات سياسية معارضة، لخلق قلاقل وأزمات في البلد.وسيقولون لكم بأن الحل الأمني هو الوسيلة المناسبة للتعامل مع مثل هذا النوع من الأزمات المفتعلة.والحقيقة أن تلك هي أسوأ طريقة للتعامل مع مثل هذا النوع من القضايا، فهي تمثل أساليب قديمة، جُربت من قبل، واستخدام نفس الأساليب يؤدي ـ دائما ـ إلى نفس النتائج.وربما تكون هناك جهة سياسية ما هي التي حركت الحمالين، أو على الأقل تحاول أن تكسب من تحركاتهم ... ذلك شيء لا أستطيع أن أثبته أو أنفيه .. وربما تكون تحركات الحمالين هي مجرد تحركات عفوية، فرضها الواقع البائس الذي يعيشونه .. ذلك أيضا شيء لا أستطيع أن أثبته أو أنفيه.. بل أكثر من ذلك، أقول لكم، بأن كل ذلك لا يستحق أن نفكر فيها إطلاقا. فالأسئلة التي يجب علينا أن نطرحها في هذا المقام، وأن نبحث لها عن أجوبة وحلول عادلة ومنصفة للجميع، يجب أن تكون أسئلة من نوع آخر:فهل الحمالون يستحقون ـ سواء تظاهروا أم لم يتظاهروا ـ أن تسمعهم الحكومة، وأن تفكر معهم من أجل البحث عن حلول عادلة لمشاكلهم المطروحة منذ مدة طويلة ؟وهل يحق للحمالين أو لأي شريحة أو فئة أو مجموعة أخرى، إذا ما ظلت أبواب الحكومة موصدة في وجهها، أن تلجأ لجهات سياسية وطنية من أجل إسماع أنينها، حتى ولو كانت تعلم بأن تلك الجهات السياسية قد تستغل ذلك الأنين وتتاجر به في مصالح حزبية ضيقة ؟سيدي الرئيس، بعد السادس من أغسطس أعلن حملة الشهادات العاطلين عن العمل تأييدهم لحركة التصحيح، رغم أن بعضهم كان لا يرغب في اتخاذ مواقف سياسية، قد تؤثر سلبا على وحدتهم وتماسكهم. ولقد كانت حجة المساندين هي أنهم بحاجة ماسة إلى شيء من العدالة كنتم قد وعدتم بتوزيعه على كل الشعب الموريتاني.وبعد مرور مدة من الزمن، ومع افتتاح الدورة البرلمانية الحالية، ظهر حملة الشهادات أمام البرلمان وهم يطلبون من رئيس البرلمان بأن يجعل من هذه الدورة دورة لمحاربة البطالة، كما طلبوا منه أن يسائل وزير التشغيل.فما الذي حدث وجعل حملة الشهادات يسعون بأنفسهم إلى جهات معارضة، قد تستغل معاناتهم وتستخدمها لأغراض سياسية، في وقت يعرف فيه البلد تجاذبات سياسية حادة؟هذا سؤال يجيب على كل الأسئلة التي طُرِحت من قبله.فلا يمكن القول بأن حملة الشهادات لا يدركون ما يقومون به، فهم متعلمون، وأصحاب شهادات عالية، ويعرفون جيدا بأن معاناتهم قد يتم استغلالها في الصراعات الدائرة حاليا بين المعارضة والموالاة.. إنهم يدركون ذلك.. ولكن المشكلة هي أن الحكومة أغلقت أبوابها أمام هؤلاء العاطلين عن العمل، وأجبرتهم بالتالي على أن يتظاهروا أمام البرلمان، وأن يناشدوا رئيسه لكي يهتم بمعاناتهم، حتى ولو أدى ذلك إلى تسييسها.سيدي الرئيس، لقد خصصت الرسالة السادسة من هذه الرسائل المفتوحة لحملة الشهادات العاطلين عن العمل. وقدمت لكم فيها مقترحات عملية لا تكلف الدولة شيئا مذكورا، وهي مقترحات لو تم الاستماع إليها لما اضطر العاطلون عن العمل للوقوف أمام البرلمان بحثا عن نصير.ولقد لاحظت كغيري ـ يا سيادة الرئيس ـ بأن الحكومة كثيرا ما تترك بعض القضايا التي كان يمكن أن يتم علاجها بفاتورة زهيدة، تتركها ـ بقصد أو عن غير قصد ـ تتفاقم، و تتأزم، وتزداد تعقيدا حتى تكون صالحة للتسييس.حدث هذا مع الحمالين، وقد يحدث مع حملة الشهادات العاطلين عن العمل.إن التغيير البناء ـ في اعتقادي ـ يتطلب تغييرا في طريقة التفكير، وتغييرا في أساليب الحكم، وفي أنماطه. فإذا كان الرؤساء من قبلكم، قد كانوا يضيعون أوقاتهم في طرح السؤال الخاطئ كلما كانت هناك احتجاجات ومطالب نقابية. وهو سؤال يربط تلك التحركات بجهات سياسية مشبوهة،. فإنه من الأجدر بكم أن تنظروا إلى الوجه الآخر للحقيقة، لكي تطرحوا السؤال المناسب : لماذا أغلقت الحكومة الأبواب في وجه الحمالين والعاطلين عن العمل، حتى اضطروا لأن يطرقوا أبواب المعارضة، والتي قد تستغل معاناتهم في صراعها الدائر حاليا؟؟؟في بعض الأحيان قد يكون أهم شيء نقوم به، هو طرح السؤال المناسب، في الوقت المناسب، وبالطريقة المناسبة.سيدي الرئيس، لقد كان بإمكانكم ـ تفاديا لاحتجاجات الحمالين ـ أن توجهوا دعوة للعشرات من هؤلاء الحمالين لحضور حفل عشاء في القصر، بمناسبة فاتح مايو، وتستمعوا لمعاناتهم وأنينهم دون وسيط. فهم أولى من غيرهم للتحدث عن معاناتهم، ولقد كان بالإمكان أن تجدوا حلا لبعض مطالبهم العادلة، وأن تعتذروا لهم عن البعض الآخر من المطالب المستحيلة، أو التي قد يصعب تحقيقها في الوقت الحالي. قد يقول البعض بأن هذه الدعوة غريبة، وغير مألوفة، وأنها قد لا تكون مناسبة لرئيس جمهورية. وقد يعترض البعض على مثل هذه الفكرة، وخاصة أولئك الذين يفكرون بشكل تقليدي، ويتعاملون مع الأزمات المزمنة، بنفس الأساليب التي أنتجتها.والحقيقة أن هناك أفكارا عديدة من هذا القبيل، قد تم استخدامها من طرف زعماء وقادة يهتمون بالفقراء، لذلك فقد كان من المنطقي أن ينظم رئيس الفقراء، مأدبة عشاء لصالح بعض الفقراء، الذين قد يموت أغلبهم، دون أن يملأ بطنه ولو لمرة واحدة من طعام لذيذ كالذي يأكله الرؤساء عادة.إن هؤلاء أولى بعشاء فاخر في القصر الرئاسي، ولو لمرة واحدة في العمر، من أولئك الذين تتكرر دعوتهم ـ بمناسبة وبغير مناسبة ـ رغم أنهم هم من رشف المحيط بكل حيتانه، وابتلع النفط بكل مشتقاته، وأكل الحديد بكل شوائبه، ونهب الزراعة بكل محاصيلها. ولو أنكم استقبلتموهم في القصر ولو لمرة واحدة لحققتم بذلك مكاسب كبيرة من بينها:1ـ أن تواجد بعض البسطاء في القصر الرئاسي، كان سيمنحكم لقطة دعائية في غاية الأهمية، أنتم اليوم في أمس الحاجة إليها، وذلك بعد أن انتهى العمر الاستهلاكي للقطات دعائية سابقة، تم استهلاكها بشكل كامل أثناء الحملة الانتخابية الماضية.2 ـ أن حفل العشاء لوحده، كان سيكفي لأن يجعل هؤلاء البسطاء الطيبين يتراجعون عن التظاهر، حتى لا يتم استغلال تحركاتهم ضد الرئيس الذي فتح لهم أبواب قصره..3ـ إن هؤلاء البسطاء الذين لا يطلبون إلا قليلا هم الذين يمكن أن يعول عليهم في ساعة العسرة. أما أولئك الذين يتقربون إليكم اليوم، كما تقربوا إلى من سبقكم، فإن كلفتهم باهظة جدا، وهم دائما يتوارون عن الأنظار في ساعة العسرة.وفقنا الله جميعا لما فيه خير البلد ، وإلى الرسالة الثانية عشر إن شاء الله...
السبت، 8 مايو 2010
خاص برئيس الجمهورية... أعيدوا لي "صوتي"!!!
سيدي الرئيس، سأحدثكم في هذه الرسالة عن سيدة فقيرة، قصتها مثيرة، تسكن في مقاطعة عرفات غير بعيد من ساحة التغيير البناء.
هذه السيدة الفقيرة بذلت جهدا كبيرا من أجل نجاحكم، وأنفقت من قوت عيالها على حملتكم الانتخابية. ورغم أنها لم تجد تعويضا من إدارة حملتكم على نفقات خيمتها التي ضربت، ورغم سخرية بعض جاراتها الداعمات لمنافسيكم من عدم التعويض لها، إلا أن ذلك كله لم يقلل من عزيمتها ولم يؤثر مثقال ذرة على ولائها لكم.
لقد كانت تلك السيدة تقول بأنه على الفقراء أن ينفقوا من جهدهم ووقتهم ومالهم من أجل نجاحكم الذي سيشكل قطعا نصرا للفقراء، وهزيمة نكراء لرموز الفساد الذين أهلكوا البلاد والعباد، خلال العقود الماضية. بل إنها فوق ذلك جعلت من المنافسة بينكم وبين المرشحين الآخرين منافسة بين الخير المطلق، والشر المطلق. و جعلتها وكأنها حربا بين المسلمين والكفار. ولقد كانت تدعو لكم في جوف الليل ـ كغالبية الفقراء والبسطاء ـ وتسأل الله أن ينصركم على خصومكم من المفسدين.
واليوم، وبعد مرور تسعة أشهر على تنصيبكم، لم يعد لتلك السيدة إلا أمنية واحدة، وهي أن تقابلكم لتطلب منكم أن تعيدوا لها " صوتها " الذي منحته لكم أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية.
لم تعد تلك السيدة تؤمن بالتغيير البناء، ولم تعد تبشر جاراتها بموريتانيا الجديدة، ولم تعد تحلم بأن يتحسن مستوى معيشتها. لقد تبخرت كل تلك الأحلام ولم يعد لتلك السيدة إلا حلم واحد وهو أن تتمكن من أن تستعيد "صوتها" لا أكثر ولا أقل.
فما الذي حدث في الأشهر التسعة الماضية وجعل تلك السيدة تشعر بإحباط مخيف بعد حماس مفرط؟ ذلك سؤال يستحق أن نبحث له عن إجابة محايدة.. إجابة لا تزيد من حجم الهموم لدوافع سياسية كما يفعل بعض معارضيكم . ولا تنقص في المقابل من تلك الهموم كما يفعل بعض مناصريكم لمصالح شخصية أو سياسية.
سيدي الرئيس، يمكن القول بأن الفقراء الذين يعود لهم الفضل المباشر في نجاحكم قد انقسموا ـ خلال الأشهر التسعة ـ إلى ثلاث طوائف:
الطائفة الأولى: وهي طائفة لا زالت تحلم بموريتانيا الجديدة ولازالت تعتقد بأن التغيير البناء قادم لا محالة. وهي تستشهد بجملة من الانجازات التي تحققت خاصة في مجال شق الطرق، وتوزيع القطع الأرضية ، وتعميم العلاوات والشفافية في توزيعها. وهذه الطائفة لا زالت تبذل جهودا جبارة لصالحكم، وأقصد هنا الدلالة اللغوية لكلمة جبارة لا دلالتها في الإعلام الرسمي، رغم أنها لا تجد من يعينها على ذلك فالخطاب الحكومي والخطاب الحزبي قد فشِلا فشَلاً غير مسبوق في "تسويق" ما تم انجازه.( وهذا ما سيتم الحديث عنه إن شاء الله وبشكل مفصل في البطاقة الحمراء الثانية).
الطائفة الثانية: وهي طائفة حائرة لم تستطع بعد تسعة أشهر أن تحسم خيارها النهائي، وهي تميل إلى الصمت حتى تنكشف الأمور، فهي لم تعد تملك من الحماس ما يكفي للدفاع عن التغيير البناء. كما أنها لم تفقد الأمل نهائيا في حصول التغيير المنشود.
الطائفة الثالثة: وهي التي تحولت مئة وثمانين درجة رغم أنها كانت هي الطائفة الأكثر تحمسا للتغيير البناء أثناء الحملة الانتخابية الماضية، وأصبحت اليوم هي الأكثر قنوطا من حصول ذلك التغيير، كما هو الحال بالنسبة للسيدة التي لم تعد تطالب إلا باستعادة "صوتها".
ومع أنه لا يمكن تحديد نسبة كل طائفة، إلا أنه رغم ذلك يمكن تقديم بعض الملاحظات التي يجب أخذها بعين الاعتبار، حتى لا تزداد نسب الطائفتين الثانية والثالثة، ومن هذه الملاحظات يمكن أن أذكر:
1ـ إن الفقراء والبسطاء هم الذين حسموا الانتخابات الماضية حيث صوتت غالبيتهم لصالحكم بينما انقسمت الشرائح والفئات الأخرى، بشكل متساوي تقريبا بينكم وبين منافسيكم . فلم يكن حظكم من الوجهاء أكثر من حظ غيركم. ولم يكن نصيبكم من النخب السياسية والاقتصادية والثقافية بأكثر من نصيب خصومكم. ولم يكن من دعمكم من المفسدين أكثر ممن دعم خصومكم. لذلك فالفقراء يعتقدون بأنهم هم من حسم الانتخابات، وبأنهم هم من يستحق أن تهتموا به، فالعدالة تقتضي ذلك، والوفاء السياسي والأخلاقي يقتضيان أيضا ذلك.
2 ـ إن أحاديثكم عن أوجاع الفقراء، وقدرتكم الفائقة على تشخيص المرض، وتحديد مكان الداء جلبت لكم الكثير من الأنصار قبل وأثناء الحملة الانتخابية. وتلك حقيقة لا يمكن إنكارها، ولكن هناك حقيقة أخرى لا يمكن كذلك إنكارها، وهي أن تلك الأحاديث لم تعد الآن تكفي للمحافظة على تلك الشعبية بعد أن أصبحتم رئيسا منتخبا للبلاد، وبعد أن أصبح المطلوب منكم هو التخفيف ميدانيا من تلك الآلام، لا الاكتفاء بالدقة في تشخيصها.
لقد تحدثتم بشكل صريح في مجلس الوزراء عن القمامة، وأعطيتم أوامر صارمة بضرورة تنظيف العاصمة. ورغم ذلك لا زالت العاصمة مدينة مليئة بالأوساخ والقمامة. ولقد زرتم المستشفيات والمراكز الصحية، وتحدثتم كثيرا عن مشاكل الصحة، ولكن تلك الأحاديث والزيارات لم تنعكس ـ حتى اليوم ـ على الخدمات الصحية التي تقدمها تلك المؤسسات.
ولقد زرتم شركة الماء، وشركة الكهرباء أكثر من مرة، وتحدثتم بشكل صريح عن سوء التسيير، ولكن المشكلة أن التسيير لم يتحسن، وأن خدمات الماء والكهرباء لم تتحسن حتى يومنا هذا، وإن كان سقف الوعود قد زاد من جديد بعد زيارتكم للدار البيضاء، وبعد زيارتكم الأخيرة لشركة المياه.
ولقد زرتم التلفزيون وتحدثتم بشكل صريح عن بعد هذه المؤسسة عن هموم المواطن العادي، ورغم ذلك فالتلفزيون لم يقترب من هموم المواطن بعد تلك الزيارة. ولو أنه اقترب من تلك الهموم لأسمعكم أنين الكثير من الفقراء، بما فيهم السيدة التي تطالب بأن يعاد لها صوتها.
ولقد تحدثتم قبل ذلك كله عن الأزمة الأخلاقية التي لم يعد يذكرها ذاكر، والتي يعمل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية من أجل تعميقها من خلال إشعال النعرات القبلية، والجهوية. ومن خلال التزوير والرشوة التي تم استخدامها بشكل واسع أثناء عمليات التنصيب الجارية في أيامنا هذه. ولو أن الحزب أعلن بصريح العبارة، قبل عملية الانتساب بأنه سيجمد عضوية كل من يثبت أنه مارس الرشوة، أو التزوير، أو الإغراء بممتلكات الدولة، أو تسبب في صراعات عرقية أو جهوية أو فئوية لكان بالإمكان أن يدعي بعد ذلك بأنه اتحادا من أجل الجمهورية، لا اتحادا من أجل إعادة موريتانيا إلى الوراء، وإلى أساليب الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي.
3 ـ لقد فقدت الحرب على الفساد ورموزه الكثير من المصداقية. ولم تعد قادرة على المحافظة على الأنصار بعد أن تم تعيين الكثير من المفسدين في فترة قياسية. وما تم تعيينه من المفسدين منذ تنصيبكم يفوق من حيث الكم والكيف ما تم تعيينه في عهد الرئيس السابق. كما أن أغلب التعيينات الأخرى التي تمت لم تلتزم بمعيار الكفاءة والوطنية والاستقامة وهو ما جعلها في غير مصلحة الفقراء. ويمكن هنا العودة إلى الكتاب الأبيض الذي كتبه أحد المستشارين في وزارة الخارجية عن التعيينات قبل الأخيرة. كما يمكن تقديم العديد من الأدلة الأخرى والتي من بينها قصة المهندس الذي تمت إقالته من إدارة الرقابة البيئية لأنه أراد أن يؤدي عمله على أحسن وجه وأن يحمي بيئة بلده من جشع الشركات الأجنبية.
4 ـ لقد قلتم يا سيادة الرئيس و أكثر من مرة، بأن موارد الدولة كافية لتوفير كل الحاجات الأساسية، ورغم ذلك فقد اتسعت الفجوة كثيرا بين الوعود وبين المنجزات أي بين أحلام الفقراء وواقعهم المعيشي. فقد وصلت الأحلام إلى مستويات عالية بفعل وعودكم السخية، في حين أن الظروف المعيشية لم تتحسن بشكل ملموس وهو ما كان له الأثر البالغ في رفع مستوى الإحباط لدى الكثيرين من أنصار التغيير البناء. وحتى لا يزداد مستوى الإحباط فقد أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة وعاجلة وصارمة لكي يحصل الفقراء على حقوقهم وهي بالمناسبة لن تضيع أبدا.
فلن تضيع حبة قمح ولا حبة أرز لأي مواطن. ولن يضيع قرص دواء، ولا جرعة ماء، ولا ساعة عدل. لن يضيع أي حق، لأي مواطن. فإما أن يحصل عليه الآن كاملا غير منقوص، وإما أن يحصل عليه بعد حين، وعلى صعيد آخر، حيث لا حرس، ولا ألقاب، ولا أغلبية تطبل.
وسيكون التسديد وقتها بالحسنات، وكم سيكون صعبا ومؤلما وفظيعا تسديد شربة ماء، لمواطن واحد في ذلك اليوم الذي ستدنو فيه الشمس من الرؤوس، وسيتصبب فيه العرق، حتى يلجم خلقا كثيرا.
سيكون من الصعب تسديد شربة ماء لمواطن واحد، فكيف إذا تعلق الأمر بما يزيد على مليون ونصف من الفقراء، الذين يعيشون تحت خط الفقر، حسب الإحصاءات الرسمية ؟؟؟ والذين سيطالب كل واحد منهم بكثير من وجبات الطعام و من جرعات الماء و من أقراص الدواء التي كان بالإمكان أن توفر له خلال فترة حكمكم للبلاد إلا أنها لم توفر له.
وفقكم الله لما فيه خير البلد ، وإلى الرسالة الحادية عشر إن شاء الله...
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org
هذه السيدة الفقيرة بذلت جهدا كبيرا من أجل نجاحكم، وأنفقت من قوت عيالها على حملتكم الانتخابية. ورغم أنها لم تجد تعويضا من إدارة حملتكم على نفقات خيمتها التي ضربت، ورغم سخرية بعض جاراتها الداعمات لمنافسيكم من عدم التعويض لها، إلا أن ذلك كله لم يقلل من عزيمتها ولم يؤثر مثقال ذرة على ولائها لكم.
لقد كانت تلك السيدة تقول بأنه على الفقراء أن ينفقوا من جهدهم ووقتهم ومالهم من أجل نجاحكم الذي سيشكل قطعا نصرا للفقراء، وهزيمة نكراء لرموز الفساد الذين أهلكوا البلاد والعباد، خلال العقود الماضية. بل إنها فوق ذلك جعلت من المنافسة بينكم وبين المرشحين الآخرين منافسة بين الخير المطلق، والشر المطلق. و جعلتها وكأنها حربا بين المسلمين والكفار. ولقد كانت تدعو لكم في جوف الليل ـ كغالبية الفقراء والبسطاء ـ وتسأل الله أن ينصركم على خصومكم من المفسدين.
واليوم، وبعد مرور تسعة أشهر على تنصيبكم، لم يعد لتلك السيدة إلا أمنية واحدة، وهي أن تقابلكم لتطلب منكم أن تعيدوا لها " صوتها " الذي منحته لكم أثناء الانتخابات الرئاسية الماضية.
لم تعد تلك السيدة تؤمن بالتغيير البناء، ولم تعد تبشر جاراتها بموريتانيا الجديدة، ولم تعد تحلم بأن يتحسن مستوى معيشتها. لقد تبخرت كل تلك الأحلام ولم يعد لتلك السيدة إلا حلم واحد وهو أن تتمكن من أن تستعيد "صوتها" لا أكثر ولا أقل.
فما الذي حدث في الأشهر التسعة الماضية وجعل تلك السيدة تشعر بإحباط مخيف بعد حماس مفرط؟ ذلك سؤال يستحق أن نبحث له عن إجابة محايدة.. إجابة لا تزيد من حجم الهموم لدوافع سياسية كما يفعل بعض معارضيكم . ولا تنقص في المقابل من تلك الهموم كما يفعل بعض مناصريكم لمصالح شخصية أو سياسية.
سيدي الرئيس، يمكن القول بأن الفقراء الذين يعود لهم الفضل المباشر في نجاحكم قد انقسموا ـ خلال الأشهر التسعة ـ إلى ثلاث طوائف:
الطائفة الأولى: وهي طائفة لا زالت تحلم بموريتانيا الجديدة ولازالت تعتقد بأن التغيير البناء قادم لا محالة. وهي تستشهد بجملة من الانجازات التي تحققت خاصة في مجال شق الطرق، وتوزيع القطع الأرضية ، وتعميم العلاوات والشفافية في توزيعها. وهذه الطائفة لا زالت تبذل جهودا جبارة لصالحكم، وأقصد هنا الدلالة اللغوية لكلمة جبارة لا دلالتها في الإعلام الرسمي، رغم أنها لا تجد من يعينها على ذلك فالخطاب الحكومي والخطاب الحزبي قد فشِلا فشَلاً غير مسبوق في "تسويق" ما تم انجازه.( وهذا ما سيتم الحديث عنه إن شاء الله وبشكل مفصل في البطاقة الحمراء الثانية).
الطائفة الثانية: وهي طائفة حائرة لم تستطع بعد تسعة أشهر أن تحسم خيارها النهائي، وهي تميل إلى الصمت حتى تنكشف الأمور، فهي لم تعد تملك من الحماس ما يكفي للدفاع عن التغيير البناء. كما أنها لم تفقد الأمل نهائيا في حصول التغيير المنشود.
الطائفة الثالثة: وهي التي تحولت مئة وثمانين درجة رغم أنها كانت هي الطائفة الأكثر تحمسا للتغيير البناء أثناء الحملة الانتخابية الماضية، وأصبحت اليوم هي الأكثر قنوطا من حصول ذلك التغيير، كما هو الحال بالنسبة للسيدة التي لم تعد تطالب إلا باستعادة "صوتها".
ومع أنه لا يمكن تحديد نسبة كل طائفة، إلا أنه رغم ذلك يمكن تقديم بعض الملاحظات التي يجب أخذها بعين الاعتبار، حتى لا تزداد نسب الطائفتين الثانية والثالثة، ومن هذه الملاحظات يمكن أن أذكر:
1ـ إن الفقراء والبسطاء هم الذين حسموا الانتخابات الماضية حيث صوتت غالبيتهم لصالحكم بينما انقسمت الشرائح والفئات الأخرى، بشكل متساوي تقريبا بينكم وبين منافسيكم . فلم يكن حظكم من الوجهاء أكثر من حظ غيركم. ولم يكن نصيبكم من النخب السياسية والاقتصادية والثقافية بأكثر من نصيب خصومكم. ولم يكن من دعمكم من المفسدين أكثر ممن دعم خصومكم. لذلك فالفقراء يعتقدون بأنهم هم من حسم الانتخابات، وبأنهم هم من يستحق أن تهتموا به، فالعدالة تقتضي ذلك، والوفاء السياسي والأخلاقي يقتضيان أيضا ذلك.
2 ـ إن أحاديثكم عن أوجاع الفقراء، وقدرتكم الفائقة على تشخيص المرض، وتحديد مكان الداء جلبت لكم الكثير من الأنصار قبل وأثناء الحملة الانتخابية. وتلك حقيقة لا يمكن إنكارها، ولكن هناك حقيقة أخرى لا يمكن كذلك إنكارها، وهي أن تلك الأحاديث لم تعد الآن تكفي للمحافظة على تلك الشعبية بعد أن أصبحتم رئيسا منتخبا للبلاد، وبعد أن أصبح المطلوب منكم هو التخفيف ميدانيا من تلك الآلام، لا الاكتفاء بالدقة في تشخيصها.
لقد تحدثتم بشكل صريح في مجلس الوزراء عن القمامة، وأعطيتم أوامر صارمة بضرورة تنظيف العاصمة. ورغم ذلك لا زالت العاصمة مدينة مليئة بالأوساخ والقمامة. ولقد زرتم المستشفيات والمراكز الصحية، وتحدثتم كثيرا عن مشاكل الصحة، ولكن تلك الأحاديث والزيارات لم تنعكس ـ حتى اليوم ـ على الخدمات الصحية التي تقدمها تلك المؤسسات.
ولقد زرتم شركة الماء، وشركة الكهرباء أكثر من مرة، وتحدثتم بشكل صريح عن سوء التسيير، ولكن المشكلة أن التسيير لم يتحسن، وأن خدمات الماء والكهرباء لم تتحسن حتى يومنا هذا، وإن كان سقف الوعود قد زاد من جديد بعد زيارتكم للدار البيضاء، وبعد زيارتكم الأخيرة لشركة المياه.
ولقد زرتم التلفزيون وتحدثتم بشكل صريح عن بعد هذه المؤسسة عن هموم المواطن العادي، ورغم ذلك فالتلفزيون لم يقترب من هموم المواطن بعد تلك الزيارة. ولو أنه اقترب من تلك الهموم لأسمعكم أنين الكثير من الفقراء، بما فيهم السيدة التي تطالب بأن يعاد لها صوتها.
ولقد تحدثتم قبل ذلك كله عن الأزمة الأخلاقية التي لم يعد يذكرها ذاكر، والتي يعمل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية من أجل تعميقها من خلال إشعال النعرات القبلية، والجهوية. ومن خلال التزوير والرشوة التي تم استخدامها بشكل واسع أثناء عمليات التنصيب الجارية في أيامنا هذه. ولو أن الحزب أعلن بصريح العبارة، قبل عملية الانتساب بأنه سيجمد عضوية كل من يثبت أنه مارس الرشوة، أو التزوير، أو الإغراء بممتلكات الدولة، أو تسبب في صراعات عرقية أو جهوية أو فئوية لكان بالإمكان أن يدعي بعد ذلك بأنه اتحادا من أجل الجمهورية، لا اتحادا من أجل إعادة موريتانيا إلى الوراء، وإلى أساليب الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي.
3 ـ لقد فقدت الحرب على الفساد ورموزه الكثير من المصداقية. ولم تعد قادرة على المحافظة على الأنصار بعد أن تم تعيين الكثير من المفسدين في فترة قياسية. وما تم تعيينه من المفسدين منذ تنصيبكم يفوق من حيث الكم والكيف ما تم تعيينه في عهد الرئيس السابق. كما أن أغلب التعيينات الأخرى التي تمت لم تلتزم بمعيار الكفاءة والوطنية والاستقامة وهو ما جعلها في غير مصلحة الفقراء. ويمكن هنا العودة إلى الكتاب الأبيض الذي كتبه أحد المستشارين في وزارة الخارجية عن التعيينات قبل الأخيرة. كما يمكن تقديم العديد من الأدلة الأخرى والتي من بينها قصة المهندس الذي تمت إقالته من إدارة الرقابة البيئية لأنه أراد أن يؤدي عمله على أحسن وجه وأن يحمي بيئة بلده من جشع الشركات الأجنبية.
4 ـ لقد قلتم يا سيادة الرئيس و أكثر من مرة، بأن موارد الدولة كافية لتوفير كل الحاجات الأساسية، ورغم ذلك فقد اتسعت الفجوة كثيرا بين الوعود وبين المنجزات أي بين أحلام الفقراء وواقعهم المعيشي. فقد وصلت الأحلام إلى مستويات عالية بفعل وعودكم السخية، في حين أن الظروف المعيشية لم تتحسن بشكل ملموس وهو ما كان له الأثر البالغ في رفع مستوى الإحباط لدى الكثيرين من أنصار التغيير البناء. وحتى لا يزداد مستوى الإحباط فقد أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة وعاجلة وصارمة لكي يحصل الفقراء على حقوقهم وهي بالمناسبة لن تضيع أبدا.
فلن تضيع حبة قمح ولا حبة أرز لأي مواطن. ولن يضيع قرص دواء، ولا جرعة ماء، ولا ساعة عدل. لن يضيع أي حق، لأي مواطن. فإما أن يحصل عليه الآن كاملا غير منقوص، وإما أن يحصل عليه بعد حين، وعلى صعيد آخر، حيث لا حرس، ولا ألقاب، ولا أغلبية تطبل.
وسيكون التسديد وقتها بالحسنات، وكم سيكون صعبا ومؤلما وفظيعا تسديد شربة ماء، لمواطن واحد في ذلك اليوم الذي ستدنو فيه الشمس من الرؤوس، وسيتصبب فيه العرق، حتى يلجم خلقا كثيرا.
سيكون من الصعب تسديد شربة ماء لمواطن واحد، فكيف إذا تعلق الأمر بما يزيد على مليون ونصف من الفقراء، الذين يعيشون تحت خط الفقر، حسب الإحصاءات الرسمية ؟؟؟ والذين سيطالب كل واحد منهم بكثير من وجبات الطعام و من جرعات الماء و من أقراص الدواء التي كان بالإمكان أن توفر له خلال فترة حكمكم للبلاد إلا أنها لم توفر له.
وفقكم الله لما فيه خير البلد ، وإلى الرسالة الحادية عشر إن شاء الله...
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org
السبت، 1 مايو 2010
بطاقة حمراء رقم (1)
تشهد المباريات الدائرة بين فريقي الأغلبية والمعارضة كثيرا من الخشونة في اللعب. وهي خشونة تكاد أن توقف المباراة التي كان من المفترض أن تمتد لخمس سنوات كاملة. ومن المؤسف حقا أن هذه المباراة قد شهدت في بدايتها الكثير من ألفاظ السب والقدح والشتم التي لا تتناسب ـ بأي حال من الأحوال ـ مع الروح الرياضية التي كان من المفترض أن يتحلى بها لاعبو كل فريق، وخاصة "اللاعبون الكبار".
ولأن الجمهور الرياضي المتابع للمباراة بدأ يشعر بشيء من الخيبة من سوء اللعب الذي يمارسه الفريقان. ولأنه بدأ يمل من متابعة المباراة التي أصبحت مقرفة جدا. فقد ارتأيت أن أنصب نفسي حكما افتراضيا، وأن أرفع بعض البطاقات الصفراء، والحمراء، في وجوه بعض اللاعبين، وذلك بهدف إعادة المباريات إلى شكلها الذي يتمناه الجمهور.
وأنا أعرف بأن الكثير من "المعلقين الرياضيين" قد ينتقد طريقتي في التحكيم. وأعترف صراحة بأني لا أستطيع أن أدافع عنها لأني لا أتقن التحكيم الرياضي. بل أني أكثر من ذلك، أجد صعوبة بالغة في إكمال متابعة مباريات كاملة، حتى ولو كانت شديدة الإثارة.
ستكون أول البطاقات الحمراء في هذه المباريات موجهة إلى الثنائي الشهير القائد لفريق المعارضة. وهي موجهة ـ أساسا ـ ضد كلامهما في"التسخينات" التي نظمها فريق بني معارض يوم السبت 17 ابريل، في الساحة المجاورة للمسجد العتيق، وبحضور آلاف المشجعين.
في ذلك اليوم تحدث قادة الفريق المعارض، بكلام مشفر، لم تعرفه الملاعب الرياضية من قبل، ونتمنى أن لا تعرفه من بعد. وهو كلام يدعو ـ بعد فك تشفيره ـ الجيش للتدخل من أجل حسم التصفيات. وهذه الدعوة الغريبة لم نسمع مثلها من الفريق المعارض، حتى أثناء تلك المباريات غير المتكافئة التي كانت تنظم في المواسم الرياضية التي سبقت الثالث من أغسطس من عام 2005.
لقد كانت تلك الدعوة دعوة صادمة، خاصة بالنسبة لمشجعي فريق بني معارض. وهو ما جعلني ـ بوصفي حكما افتراضيا ـ أرفع أول البطاقات الحمراء في وجه أصحاب تلك الدعوة.
وقد يكون من المناسب هنا ذكر بعض الأسباب التي جعلتني أرفع تلك البطاقة الحمراء، في وجه أشهر لاعبَيْن وطنِيَيْن عرفتهما الملاعب الرياضية منذ إطلاق أول موسم رياضي عام 1991 م :
1ـ لم يعد الجمهور الرياضي بشكل عام يرغب في تدخل النادي العسكري في التصفيات الرياضية التي تنظم بين الفرق المدنية. خاصة بعد تدخل أحد عشر لاعبا ـ عفوا أحد عشر ضابطا ـ يوم السادس من أغسطس من عام 2008 وهو التدخل الذي كادت البلاد إثره أن تنزلق نحو الهاوية.
2ـ يعتقد بعض قادة الفريق المعارض بأن تدخل النادي العسكري سيكون لصالحهم هذه المرة. ولقد فاتهم بأن العسكر عندما يتدخل لوقف المباريات، فإنه عادة ما ينظم مباريات جديدة تكون نتائجها محسومة مسبقا لأحد أندية فريق الأغلبية التي لم تكن على الواجهة. لذلك فإن أي تدخل عسكري لن يكون لصالح فريق بني معارض.
3 ـ إن الدعوة لتدخل لاعبين من العسكر تتناقض تماما مع تلك الدعوات التي كان يطلقها الفريق المعارض، والتي كان يطالب من خلالها من النوادي العسكرية بضرورة الابتعاد عن الملاعب الرياضية والتزام الحياد، وترك المنافسات التي تنظم بين الفرق المدنية دون أي تدخل عسكري.
4 ـ هذه الدعوة التي أطلقها بعض اللاعبين الكبار من فريق بني معارض ستعطي مبررا لفريق بنى السلطة لوصف الفريق المعارض بأنه فريق انقلابي يدعو للتدخل العسكري. رغم أن تلك الصفة كانت من ميزات فريق بني موالاة ، تماما كما حدث مع الفساد الذي هجر بعض رموزه مرابع الأغلبية، وولوا وجوههم شطر مضارب بني معارض.
لقد ترك فريق بني معارض اللاعبين المفسدين الذين كانوا من أشد خصوم المعارضة، والذين تربوا وترعرعوا وشابوا في فريق الأغلبية، تركهم يتسللون إلى فريقه، الذي ظل معروفا وإلى وقت قريب، باستقامة لاعبيه.
لذلك أصبح أغلب الجمهور الرياضي يعتبر فريق بني معارض مأوى للاعبين المفسدين. وربما يتحول هذا الفريق، في نظر الجمهور الرياضي ، وفي المستقبل القريب، إذا ما تواصلت دعوات قادته للتدخل العسكري، إلى فريق مفسد، وانقلابي كذلك. ولا داعي للعجب فهذا هو حال الدنيا.
5 ـ إن هذه الدعوة الغريبة قد يعتبرها الخصم حجة كافية تؤكد أن قادة الفريق المعارض لم يعد لديهم من "اللياقة البدنية " ما يكفي لمواصلة اللعب في مباريات طويلة. لذلك فإن اعتزالهم قد أصبح مطلبا ملحا وضروريا لتجديد الفريق المعارض الذي أصبح يحتاج إلى ضخ دماء جديدة، قادرة على المنافسة، دون أن تحتاج لدعوة النادي العسكري لحسم التصفيات.
6 ـ لقد كان من المفترض أن يركز قادة الفريق المعارض، على كشف أخطاء فريق الموالاة، بدلا من الدعوة لتدخل الفريق العسكري. ولقد كان بإمكانهم أن يكشفوا للجمهور الرياضي بأن الفريق الحاكم لم يغير طريقة اللعب كما وعد بذلك. وهو اليوم يلعب بنفس الخطة الخبيثة، التي كان يلعب بها النادي الجمهوري الذي سيطر على الملاعب الرياضية، إلى غاية 3 أغسطس من عام 2005.
لقد كان الجمهور الرياضي يتوقع أن فريق التصحيح، سيغير طريقة لعبه، فإذا به يعجز حتى عن تغيير اللاعبين. وإذا به يحتفظ في صفوفه باللاعبين الكبار الأربع الذين كانوا يتناوبون على قيادة النادي الجمهوري في الفترة مابين ( 1991 إلى 2005 ). كما أن نفس الطريقة البائسة، التي كان يستخدمها النادي الجمهوري في تسجيل مشجعيه، هي نفس الطريقة التي يستخدمها اليوم نادي الاتحاد من أجل الجمهورية لتسجيل وتنصيب جمهوره الرياضي.
ولقد كان الأولى بقادة الفريق المعارض، أن لا يقاطعوا المتاح من البرامج الرياضية في الإعلام الرسمي، وذلك لكي يبينوا للجمهور الرياضي أن فريق الأغلبية، الذي وعد قبل التصفيات الأخيرة بتقديم مباريات جماهيرية وشعبية شيقة لإمتاع جمهوره الرياضي في الأحياء الأكثر فقرا، لم ينجح ـ حتى الآن ـ في الوفاء بذلك الوعد.
7 ـ إن من أخطاء الثنائي القيادي للفريق المعارض، أنه لا يجيد فن الاستماع للحظة التاريخية، ولا يجيد استغلال الفرص النادرة التي يصعب أن تتكرر. فالجمهور الرياضي لا يزال يتذكر ذلك الخطأ الفادح الذي ارتكبه رئيس نادي التحالف، أثناء الشوط الثاني من مباريات 2007، حيث امتنع ذلك اللاعب الكبير من تسجيل الهدف القاتل في شباك الخصم، الذي كان مكشوفا، وبشكل كامل، في تلك اللحظة. ولقد اختار رئيس نادي التحالف أن يستدير بالكرة، في حركة غريبة، وأن يسددها في اتجاه مرمى فريق بني معارض، ليحقق بذلك فوزا ثمينا لخصومه. وهو الفوز الذي كان سببا في حصول الانتكاسة الرياضية، التي عرفتها البلاد فيما بعد.
تخيلوا كيف كان سيكون حالنا لو أن قائد فريق التحالف، سدد الكرة في ذلك اليوم، في اتجاه مرمى "الخصم".
لقد تسببت تلك الركلة المشينة، في فوز فريق الأغلبية الذي كان يقوده في ذلك الوقت "اللاعب المؤتمن". وهو اللاعب الذي ظلم نفسه كثيرا، عندما ترشح لقيادة الفريق، كما ظلمه كذلك كل من صوت له، وبالأخص قائد نادي التحالف، الذي كان سببا مباشرا في تسليم مقاليد الرياضة في البلد للاعب لم يبذل جهدا كبيرا لذلك، فقد ظل غائبا عن الملاعب الرياضية، وعن ممارسة الرياضة، خلال كل المواسم التي عرفتها البلاد منذ العام 1991.
ويكفي لمعرفة مدى ظلمنا للاعب المؤتمن، الذي فضلناه عن قائد نادي التكتل، أن نعود لتصريحه في قناة الجزيرة حيث قال بأن أول شيء فعله، بعد إجباره على الاعتزال يوم السادس من أغسطس عام 2008 هو أنه أخذ يقرأ الشعر في زنزانته، ثم نام بعد ذلك قرير العين وكأن شيئا لم يحدث!!!
لقد نام اللاعب الطيب، في ليلة سهر فيها أغلب الجمهور الرياضي، سواء منه مشجعو فريق الأغلبية ومشجعو فريق المعارضة، نظرا لجسامة ما حدث في صبيحة السادس من أغسطس.
ونفس الشيء حدث مع قائد نادي فريق التكتل، الذي لم يستمع جيدا لتلك اللحظة الفريدة، التي منحها له التاريخ يوم السادس من أغسطس. فبدلا من أن يقول لا، اختار أن يرحب بتدخل الفريق العسكري، والذي تسبب تدخله في تراجع كبير للمنافسات الرياضية.
وتخيلوا هنا أيضا كيف كان سيكون حالنا لو أن رئيس نادي التكتل قال يوم السادس من أغسطس لا للانقلاب.
وإنه لمن المؤسف حقا أن السمعة الرياضية، كالكرامة، تحتاج إلى سنين عديدة من العمل الدؤوب والشاق لبنائها، ولكنها لا تحتاج إلا لدقائق معدودة لنسفها.
لقد أضاع قائد التكتل مجدا كبيرا بناه في سنين عجاف، بالامتناع عن قول كلمة من حرفين فقط، يوم السادس من أغسطس. لقد رفض أن يقول كلمة لا، في ذلك اليوم، لذلك فهو يتحمل جزءا من مسؤولية ما تعيشه البلاد في أيامنا هذه. تماما كما يتحمل رئيس نادي التحالف، جزءا من المسؤولية، لأنه رفض أن يسدد الكرة في الاتجاه الصحيح، أثناء الشوط الثاني من التصفيات الرئاسية لعام 2007.
أقول هذا الكلام لأن هذا الثنائي يحاول أن يقول لنا اليوم، بأن " الجنرال" هو وحده الذي يتحمل مسؤولية ما تعيشه البلاد اليوم، وأن إزاحته هي المخرج الوحيد، للخروج من أزمتنا الرياضية.
وإنه لمن المناسب أن أعيد فقرات من رسالة مفتوحة، كنت قد كتبتها لرئيس نادي التكتل، بوصفي مشجعا منحازا، لا حكما محايدا. وهي الرسالة المفتوحة الوحيدة التي كتبتها للاعب من خارج فريق السلطة. فقد كان قائد التكتل ـ في تلك اللحظة ـ هو أشهر لاعب على الإطلاق لأنه لم يكن قد ارتكب هفوة كبيرة، عكس غيره. ولقد نشرت هذه الرسالة قبل السادس من أغسطس، بأيام معدودات، وفي العديد من الصحف الوطنية ( الفجر، الأمل، السفير، البديل..).
ولقد كنت كغيري أشعر حينها بأن هناك حدثا كبيرا سيقع، رغم أني لم أستطيع أن أحدد بالضبط ملامحه. ولقد كتبت في تلك الرسالة مخاطبا نجم المعارضة الشهير، والذي كان يعيش في تلك الأيام قمة عطائه : [ أنا واحد من 47% التي أدلت بأصواتها لكم. ولقد تمنيت نجاحكم في الانتخابات الرئاسية لأن عقدين من النضال، والكفاح، والعطاء، والتجوال من سجن في قلب العاصمة إلي سجن في قرية نائية، كانت تكفي ثمنا لتأشيرة دخول القصر الرئاسي (...)
واليوم من حقكم ـ ولا يحق لأحد أن يلومكم على ذلك ـ أن تشاركوا في إسقاط حكومة، كنتم أنتم أول من طالب بإسقاطها، ومن حقكم كذلك، وأنتم من يمثل المعارضة، أن تتحالفوا مع الأغلبية، من أجل إسقاط حكومة جاءت من رحم الأغلبية.
ومن حقكم أيضا أن تتحالفوا مع الأغلبية لسد الأبواب، أمام حزبين، هما أصدقاء الأمس، وأعداء اليوم ، وتركهما معلقين، لا إلي هؤلاء، ولا إلي هؤلاء، ولو إلي حين.
ومن حقكم، بالتعاون مع حلفائكم الجدد، أن تستفزوا رئيس الدولة، وأن تجبروه على حل البرلمان الذي يرأسه أحد خصومكم الكبار، ممن تسبب وبشكل مباشر في حرمانكم من دخول القصر لتحرموه أنتم من رئاسة برلمان لا يملك فيه إلا عددا محدودا من النواب (....) وما أستطيع أن أقوله الآن هو أن هذه " الرحلة الممتعة " في ظاهرها ستضعف هذا البلد كثيرا، وربما تؤدي في النهاية إلي " ذبح" الديمقراطية ب "سكاكين" ديمقراطية.
ولن يقبل " الجنرال " برئيس قوي مثلكم، ولن تقبلوا أنتم بأقل من الرئاسة، ولن أجازف أنا بمحاولة التنبؤ بنتائج هذا الصراع الذي لا بد من أن يحدث.
بالمقابل هناك رحلة أخرى، قد تبدو في ظاهرها شاقة، لكنها في النهاية ستعزز من أركان مؤسساتنا الديمقراطية، وستمنحنا فرصة فريدة لبناء مؤسسات مدنية قوية، وجيش جمهوري قوي.
علينا جميعا أن نتفق علي مقولتكم الشهيرة، التي تقول إن العمل السياسي لا يمكن أن يمارسه من لم ينزع بدلته العسكرية. وعلينا أن نعمل جميعا من أجل تحقيق ذلك، حتى ولو أجبرنا ذلك على أن نعمل ساقا بساق، ومنكبا بمنكب، مع خصوم كثر بزي مدني، كان بإمكاننا أن نتخلص منهم جميعا في "طرفة عين " . وأعتقد أن الوقت مناسب تماما لذلك. والقرار في هذه اللحظة الحرجة، هو بيدكم، وبيدكم أنتم وحدكم .
وهذا القرار ربما يكون له الأثر السلبي على " التكتل " في المدى القريب، ولكنه من الناحية الإستراتيجية سيخدم " التكتل " كثيرا. وهو بالتأكيد سيخدم في المدى القريب، والبعيد، بلدكم الذي طالما أعلنتم ـ ونحن نصدقكم في ذلك ـ أن طموحكم لأجله.] انتهى الاقتباس.
لذلك فنحن جميعا مسؤولون عما تعاني منه الرياضة في هذا البلد، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة طبعا. لذلك فإن أول شيء علينا أن نفعله من أجل تطوير الرياضة في بلدنا هو أن ننسى الماضي، وأن نكون رياضيين حقا. وأن لا نقبل بممارسة أي تصرف في الملاعب الرياضية، أو التفوه بما يخالف القيم الرياضية المعروفة. وهذا هو بالضبط ما جعلني أرفع أول بطاقة حمراء، ضد تصريحات الثنائي الشهير الذي يقود فريق بني معارض، وهي التصريحات التي دعت بشكل صريح إلى ممارسة " الخشونة "في الملاعب الرياضية.
وقبل أن أطلق صفارة النهاية، أعدكم بأن البطاقة الثانية ستكون أشد احمرارا، وسأرفعها في وجه لاعب من فريق الأغلبية، وهو تحديدا، رئيس نادي الاتحاد من أجل الجمهورية.
وإلى البطاقة الحمراء الثانية إن شاء الله، أقول لكم: تصبحون على مباريات نظيفة....
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org
ولأن الجمهور الرياضي المتابع للمباراة بدأ يشعر بشيء من الخيبة من سوء اللعب الذي يمارسه الفريقان. ولأنه بدأ يمل من متابعة المباراة التي أصبحت مقرفة جدا. فقد ارتأيت أن أنصب نفسي حكما افتراضيا، وأن أرفع بعض البطاقات الصفراء، والحمراء، في وجوه بعض اللاعبين، وذلك بهدف إعادة المباريات إلى شكلها الذي يتمناه الجمهور.
وأنا أعرف بأن الكثير من "المعلقين الرياضيين" قد ينتقد طريقتي في التحكيم. وأعترف صراحة بأني لا أستطيع أن أدافع عنها لأني لا أتقن التحكيم الرياضي. بل أني أكثر من ذلك، أجد صعوبة بالغة في إكمال متابعة مباريات كاملة، حتى ولو كانت شديدة الإثارة.
ستكون أول البطاقات الحمراء في هذه المباريات موجهة إلى الثنائي الشهير القائد لفريق المعارضة. وهي موجهة ـ أساسا ـ ضد كلامهما في"التسخينات" التي نظمها فريق بني معارض يوم السبت 17 ابريل، في الساحة المجاورة للمسجد العتيق، وبحضور آلاف المشجعين.
في ذلك اليوم تحدث قادة الفريق المعارض، بكلام مشفر، لم تعرفه الملاعب الرياضية من قبل، ونتمنى أن لا تعرفه من بعد. وهو كلام يدعو ـ بعد فك تشفيره ـ الجيش للتدخل من أجل حسم التصفيات. وهذه الدعوة الغريبة لم نسمع مثلها من الفريق المعارض، حتى أثناء تلك المباريات غير المتكافئة التي كانت تنظم في المواسم الرياضية التي سبقت الثالث من أغسطس من عام 2005.
لقد كانت تلك الدعوة دعوة صادمة، خاصة بالنسبة لمشجعي فريق بني معارض. وهو ما جعلني ـ بوصفي حكما افتراضيا ـ أرفع أول البطاقات الحمراء في وجه أصحاب تلك الدعوة.
وقد يكون من المناسب هنا ذكر بعض الأسباب التي جعلتني أرفع تلك البطاقة الحمراء، في وجه أشهر لاعبَيْن وطنِيَيْن عرفتهما الملاعب الرياضية منذ إطلاق أول موسم رياضي عام 1991 م :
1ـ لم يعد الجمهور الرياضي بشكل عام يرغب في تدخل النادي العسكري في التصفيات الرياضية التي تنظم بين الفرق المدنية. خاصة بعد تدخل أحد عشر لاعبا ـ عفوا أحد عشر ضابطا ـ يوم السادس من أغسطس من عام 2008 وهو التدخل الذي كادت البلاد إثره أن تنزلق نحو الهاوية.
2ـ يعتقد بعض قادة الفريق المعارض بأن تدخل النادي العسكري سيكون لصالحهم هذه المرة. ولقد فاتهم بأن العسكر عندما يتدخل لوقف المباريات، فإنه عادة ما ينظم مباريات جديدة تكون نتائجها محسومة مسبقا لأحد أندية فريق الأغلبية التي لم تكن على الواجهة. لذلك فإن أي تدخل عسكري لن يكون لصالح فريق بني معارض.
3 ـ إن الدعوة لتدخل لاعبين من العسكر تتناقض تماما مع تلك الدعوات التي كان يطلقها الفريق المعارض، والتي كان يطالب من خلالها من النوادي العسكرية بضرورة الابتعاد عن الملاعب الرياضية والتزام الحياد، وترك المنافسات التي تنظم بين الفرق المدنية دون أي تدخل عسكري.
4 ـ هذه الدعوة التي أطلقها بعض اللاعبين الكبار من فريق بني معارض ستعطي مبررا لفريق بنى السلطة لوصف الفريق المعارض بأنه فريق انقلابي يدعو للتدخل العسكري. رغم أن تلك الصفة كانت من ميزات فريق بني موالاة ، تماما كما حدث مع الفساد الذي هجر بعض رموزه مرابع الأغلبية، وولوا وجوههم شطر مضارب بني معارض.
لقد ترك فريق بني معارض اللاعبين المفسدين الذين كانوا من أشد خصوم المعارضة، والذين تربوا وترعرعوا وشابوا في فريق الأغلبية، تركهم يتسللون إلى فريقه، الذي ظل معروفا وإلى وقت قريب، باستقامة لاعبيه.
لذلك أصبح أغلب الجمهور الرياضي يعتبر فريق بني معارض مأوى للاعبين المفسدين. وربما يتحول هذا الفريق، في نظر الجمهور الرياضي ، وفي المستقبل القريب، إذا ما تواصلت دعوات قادته للتدخل العسكري، إلى فريق مفسد، وانقلابي كذلك. ولا داعي للعجب فهذا هو حال الدنيا.
5 ـ إن هذه الدعوة الغريبة قد يعتبرها الخصم حجة كافية تؤكد أن قادة الفريق المعارض لم يعد لديهم من "اللياقة البدنية " ما يكفي لمواصلة اللعب في مباريات طويلة. لذلك فإن اعتزالهم قد أصبح مطلبا ملحا وضروريا لتجديد الفريق المعارض الذي أصبح يحتاج إلى ضخ دماء جديدة، قادرة على المنافسة، دون أن تحتاج لدعوة النادي العسكري لحسم التصفيات.
6 ـ لقد كان من المفترض أن يركز قادة الفريق المعارض، على كشف أخطاء فريق الموالاة، بدلا من الدعوة لتدخل الفريق العسكري. ولقد كان بإمكانهم أن يكشفوا للجمهور الرياضي بأن الفريق الحاكم لم يغير طريقة اللعب كما وعد بذلك. وهو اليوم يلعب بنفس الخطة الخبيثة، التي كان يلعب بها النادي الجمهوري الذي سيطر على الملاعب الرياضية، إلى غاية 3 أغسطس من عام 2005.
لقد كان الجمهور الرياضي يتوقع أن فريق التصحيح، سيغير طريقة لعبه، فإذا به يعجز حتى عن تغيير اللاعبين. وإذا به يحتفظ في صفوفه باللاعبين الكبار الأربع الذين كانوا يتناوبون على قيادة النادي الجمهوري في الفترة مابين ( 1991 إلى 2005 ). كما أن نفس الطريقة البائسة، التي كان يستخدمها النادي الجمهوري في تسجيل مشجعيه، هي نفس الطريقة التي يستخدمها اليوم نادي الاتحاد من أجل الجمهورية لتسجيل وتنصيب جمهوره الرياضي.
ولقد كان الأولى بقادة الفريق المعارض، أن لا يقاطعوا المتاح من البرامج الرياضية في الإعلام الرسمي، وذلك لكي يبينوا للجمهور الرياضي أن فريق الأغلبية، الذي وعد قبل التصفيات الأخيرة بتقديم مباريات جماهيرية وشعبية شيقة لإمتاع جمهوره الرياضي في الأحياء الأكثر فقرا، لم ينجح ـ حتى الآن ـ في الوفاء بذلك الوعد.
7 ـ إن من أخطاء الثنائي القيادي للفريق المعارض، أنه لا يجيد فن الاستماع للحظة التاريخية، ولا يجيد استغلال الفرص النادرة التي يصعب أن تتكرر. فالجمهور الرياضي لا يزال يتذكر ذلك الخطأ الفادح الذي ارتكبه رئيس نادي التحالف، أثناء الشوط الثاني من مباريات 2007، حيث امتنع ذلك اللاعب الكبير من تسجيل الهدف القاتل في شباك الخصم، الذي كان مكشوفا، وبشكل كامل، في تلك اللحظة. ولقد اختار رئيس نادي التحالف أن يستدير بالكرة، في حركة غريبة، وأن يسددها في اتجاه مرمى فريق بني معارض، ليحقق بذلك فوزا ثمينا لخصومه. وهو الفوز الذي كان سببا في حصول الانتكاسة الرياضية، التي عرفتها البلاد فيما بعد.
تخيلوا كيف كان سيكون حالنا لو أن قائد فريق التحالف، سدد الكرة في ذلك اليوم، في اتجاه مرمى "الخصم".
لقد تسببت تلك الركلة المشينة، في فوز فريق الأغلبية الذي كان يقوده في ذلك الوقت "اللاعب المؤتمن". وهو اللاعب الذي ظلم نفسه كثيرا، عندما ترشح لقيادة الفريق، كما ظلمه كذلك كل من صوت له، وبالأخص قائد نادي التحالف، الذي كان سببا مباشرا في تسليم مقاليد الرياضة في البلد للاعب لم يبذل جهدا كبيرا لذلك، فقد ظل غائبا عن الملاعب الرياضية، وعن ممارسة الرياضة، خلال كل المواسم التي عرفتها البلاد منذ العام 1991.
ويكفي لمعرفة مدى ظلمنا للاعب المؤتمن، الذي فضلناه عن قائد نادي التكتل، أن نعود لتصريحه في قناة الجزيرة حيث قال بأن أول شيء فعله، بعد إجباره على الاعتزال يوم السادس من أغسطس عام 2008 هو أنه أخذ يقرأ الشعر في زنزانته، ثم نام بعد ذلك قرير العين وكأن شيئا لم يحدث!!!
لقد نام اللاعب الطيب، في ليلة سهر فيها أغلب الجمهور الرياضي، سواء منه مشجعو فريق الأغلبية ومشجعو فريق المعارضة، نظرا لجسامة ما حدث في صبيحة السادس من أغسطس.
ونفس الشيء حدث مع قائد نادي فريق التكتل، الذي لم يستمع جيدا لتلك اللحظة الفريدة، التي منحها له التاريخ يوم السادس من أغسطس. فبدلا من أن يقول لا، اختار أن يرحب بتدخل الفريق العسكري، والذي تسبب تدخله في تراجع كبير للمنافسات الرياضية.
وتخيلوا هنا أيضا كيف كان سيكون حالنا لو أن رئيس نادي التكتل قال يوم السادس من أغسطس لا للانقلاب.
وإنه لمن المؤسف حقا أن السمعة الرياضية، كالكرامة، تحتاج إلى سنين عديدة من العمل الدؤوب والشاق لبنائها، ولكنها لا تحتاج إلا لدقائق معدودة لنسفها.
لقد أضاع قائد التكتل مجدا كبيرا بناه في سنين عجاف، بالامتناع عن قول كلمة من حرفين فقط، يوم السادس من أغسطس. لقد رفض أن يقول كلمة لا، في ذلك اليوم، لذلك فهو يتحمل جزءا من مسؤولية ما تعيشه البلاد في أيامنا هذه. تماما كما يتحمل رئيس نادي التحالف، جزءا من المسؤولية، لأنه رفض أن يسدد الكرة في الاتجاه الصحيح، أثناء الشوط الثاني من التصفيات الرئاسية لعام 2007.
أقول هذا الكلام لأن هذا الثنائي يحاول أن يقول لنا اليوم، بأن " الجنرال" هو وحده الذي يتحمل مسؤولية ما تعيشه البلاد اليوم، وأن إزاحته هي المخرج الوحيد، للخروج من أزمتنا الرياضية.
وإنه لمن المناسب أن أعيد فقرات من رسالة مفتوحة، كنت قد كتبتها لرئيس نادي التكتل، بوصفي مشجعا منحازا، لا حكما محايدا. وهي الرسالة المفتوحة الوحيدة التي كتبتها للاعب من خارج فريق السلطة. فقد كان قائد التكتل ـ في تلك اللحظة ـ هو أشهر لاعب على الإطلاق لأنه لم يكن قد ارتكب هفوة كبيرة، عكس غيره. ولقد نشرت هذه الرسالة قبل السادس من أغسطس، بأيام معدودات، وفي العديد من الصحف الوطنية ( الفجر، الأمل، السفير، البديل..).
ولقد كنت كغيري أشعر حينها بأن هناك حدثا كبيرا سيقع، رغم أني لم أستطيع أن أحدد بالضبط ملامحه. ولقد كتبت في تلك الرسالة مخاطبا نجم المعارضة الشهير، والذي كان يعيش في تلك الأيام قمة عطائه : [ أنا واحد من 47% التي أدلت بأصواتها لكم. ولقد تمنيت نجاحكم في الانتخابات الرئاسية لأن عقدين من النضال، والكفاح، والعطاء، والتجوال من سجن في قلب العاصمة إلي سجن في قرية نائية، كانت تكفي ثمنا لتأشيرة دخول القصر الرئاسي (...)
واليوم من حقكم ـ ولا يحق لأحد أن يلومكم على ذلك ـ أن تشاركوا في إسقاط حكومة، كنتم أنتم أول من طالب بإسقاطها، ومن حقكم كذلك، وأنتم من يمثل المعارضة، أن تتحالفوا مع الأغلبية، من أجل إسقاط حكومة جاءت من رحم الأغلبية.
ومن حقكم أيضا أن تتحالفوا مع الأغلبية لسد الأبواب، أمام حزبين، هما أصدقاء الأمس، وأعداء اليوم ، وتركهما معلقين، لا إلي هؤلاء، ولا إلي هؤلاء، ولو إلي حين.
ومن حقكم، بالتعاون مع حلفائكم الجدد، أن تستفزوا رئيس الدولة، وأن تجبروه على حل البرلمان الذي يرأسه أحد خصومكم الكبار، ممن تسبب وبشكل مباشر في حرمانكم من دخول القصر لتحرموه أنتم من رئاسة برلمان لا يملك فيه إلا عددا محدودا من النواب (....) وما أستطيع أن أقوله الآن هو أن هذه " الرحلة الممتعة " في ظاهرها ستضعف هذا البلد كثيرا، وربما تؤدي في النهاية إلي " ذبح" الديمقراطية ب "سكاكين" ديمقراطية.
ولن يقبل " الجنرال " برئيس قوي مثلكم، ولن تقبلوا أنتم بأقل من الرئاسة، ولن أجازف أنا بمحاولة التنبؤ بنتائج هذا الصراع الذي لا بد من أن يحدث.
بالمقابل هناك رحلة أخرى، قد تبدو في ظاهرها شاقة، لكنها في النهاية ستعزز من أركان مؤسساتنا الديمقراطية، وستمنحنا فرصة فريدة لبناء مؤسسات مدنية قوية، وجيش جمهوري قوي.
علينا جميعا أن نتفق علي مقولتكم الشهيرة، التي تقول إن العمل السياسي لا يمكن أن يمارسه من لم ينزع بدلته العسكرية. وعلينا أن نعمل جميعا من أجل تحقيق ذلك، حتى ولو أجبرنا ذلك على أن نعمل ساقا بساق، ومنكبا بمنكب، مع خصوم كثر بزي مدني، كان بإمكاننا أن نتخلص منهم جميعا في "طرفة عين " . وأعتقد أن الوقت مناسب تماما لذلك. والقرار في هذه اللحظة الحرجة، هو بيدكم، وبيدكم أنتم وحدكم .
وهذا القرار ربما يكون له الأثر السلبي على " التكتل " في المدى القريب، ولكنه من الناحية الإستراتيجية سيخدم " التكتل " كثيرا. وهو بالتأكيد سيخدم في المدى القريب، والبعيد، بلدكم الذي طالما أعلنتم ـ ونحن نصدقكم في ذلك ـ أن طموحكم لأجله.] انتهى الاقتباس.
لذلك فنحن جميعا مسؤولون عما تعاني منه الرياضة في هذا البلد، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة طبعا. لذلك فإن أول شيء علينا أن نفعله من أجل تطوير الرياضة في بلدنا هو أن ننسى الماضي، وأن نكون رياضيين حقا. وأن لا نقبل بممارسة أي تصرف في الملاعب الرياضية، أو التفوه بما يخالف القيم الرياضية المعروفة. وهذا هو بالضبط ما جعلني أرفع أول بطاقة حمراء، ضد تصريحات الثنائي الشهير الذي يقود فريق بني معارض، وهي التصريحات التي دعت بشكل صريح إلى ممارسة " الخشونة "في الملاعب الرياضية.
وقبل أن أطلق صفارة النهاية، أعدكم بأن البطاقة الثانية ستكون أشد احمرارا، وسأرفعها في وجه لاعب من فريق الأغلبية، وهو تحديدا، رئيس نادي الاتحاد من أجل الجمهورية.
وإلى البطاقة الحمراء الثانية إن شاء الله، أقول لكم: تصبحون على مباريات نظيفة....
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org