يبدو أن السوق المحلي لم يعد قادرا على استهلاك الإنتاج الوطني الكبير من التصفيق الذي تنتجه "النخبة " من خلال تشغيل الأيادي و الأرجل في وقت واحد. وهذا العجز هو الذي جعل البعض يبحث عن أسواق خارجية لتصدير التصفيق الموريتاني الفائض.
ورغم عدم وجود مؤشر دولي لقياس مستوى التصفيق فإنه يمكن القول بأن متوسط إنتاج الفرد الموريتاني من التصفيق يعتبر مرتفعا جدا، بالمقارنة مع متوسط الإنتاج الفردي في الدول الأخرى. وهذا ما يفسر وجود فائض من التصفيق يزيد على حاجة السوق المحلية، رغم أن الطلب المحلي على التصفيق يعتبر مرتفعا جدا بالقياس مع الطلب في الدول المجاورة، حتى وإن كان قد شهد في الفترة الأخيرة كسادا موسميا.
إن "المصفق" الموريتاني ( للدقة سأستخدم كلمة مصفق بدلا من مواطن ) هو مصفق مبدع جدا، وذكي جدا، وقادر دائما على غزو أسواق الدول الأخرى، مرة بالشعوذة و الاحتيال ومرة أخرى بالتصفيق، وذلك بعد أن غدا لا يملك غير ذلك ليصدره للأمم الأخرى. فقد اختفي السمك، وتبخر النفط ، وضاعت الأخلاق والقيم، وزاد مستوى الجشع حتى بلغ مستويات مخيفة.
وبطبيعة الحال فإن تصدير التصفيق الموريتاني قد يساعد على جلب عملات صعبة للنخبة والتي هي بأمس الحاجة إليها لمواجهة الكساد الحالي، خاصة أن التصفيق الموريتاني يعتبر من أجود وأفخر وأغلى أصناف التصفيق المعروفة حتى الآن.
في الأسبوع الماضي قام " كارتل" الأحزاب القومية في البلد بالتعاون مع " الفضيلة " بتصدير تصفيقة هائلة إلى الجماهيرية الليبية تم بموجبها إعلان قيادات " الكارتل" لولائهم المطلق للأخ القائد. إنها تصفيقة "عظمى" تستحق الملاحظات التالية :
1ـ قد تشجع هذه التصفيقة أطرافا أخرى للبحث عن أسواق أخرى يصدرون إليها تصفيقهم "الحار" و"الطازج". ولذلك قد نسمع في المستقبل القريب قيام مجموعات أخرى بالتصفيق للسنغال أو للمغرب أو لمالي أو ... أو..
وربما يشتد التنافس بين مصدري التصفيق لدرجة يختفي فيها التصفيق داخل هذا البلد حتى يصبح بلا مصفق ( أقصد بلا مواطن ) وذلك بعد أن تكون كل الأحزاب والتيارات والقبائل والجهات والشرائح والأعراق قد أعلنت ولاءها بمنح تصفيقها لدول وأنظمة أخرى.
2ـ يطرح تصدير التصفيق إشكالية قانونية عويصة تحتاج لاستشارات في القانون الدولي: فهل أن الأخطاء التي يرتكبها مُصَدِّر التصفيق سيتحملها البلد المصدر للتصفيق أو البلد المستورد له؟ و بعبارة أوضح : هل الأخطاء التي قد يرتكبها مستقبلا المصفق الليبي من أصل موريتاني سيحاسب عليها النظام الليبي الذي أعلن ذلك المصفق ولاءه المطلق له؟ أم ستحاسب عليها الدولة الموريتانية التي كان من المفترض أن يكون ولاء ذلك المصفق خالصا لها؟
للتوضيح أكثر، لنفترض جدلا أن الأخ القائد طلب ـ وطلباته أوامر حسب الكارتل ـ من أحد " القيادات " السياسية التي بايعته وأعلنت له الولاء المطلق أن يفجر إحدى طائرات سويسرا الكافرة. ولنفترض جدلا بأن ذلك "القيادي" نجح في تلك المهمة الجهادية. فهل أن سويسرا ستطالب النظام الموريتاني تسليم مدبر العملية للعدالة الدولية؟ أم أنها ستطالب النظام الليبي ؟ وهل ستتحمل الخزينة الموريتانية التعويض لأسر الضحايا أم أن الخزينة الليبية هي التي ستتحمل ذلك؟ وهل أن المجموعة الدولية ستفرض حصارا دوليا على موريتانيا أم على ليبيا ؟
أبشروا فلن يحدث شيء من ذلك، فالقائد قد يعلن في المستقبل القريب أن سويسرا لم تعد دولة كافرة، لا لأنها قد سمحت ببناء مآذن للمساجد، بل لأنها لم تعد تضايق أبناء الزعيم و أعوانه والذين كانت مضايقتهم هي السبب المباشر في إعلان كفرها.
3 ـ يعتبر المصفق الموريتاني غير جريء على الاستثمار في القطاعات البكر ولكنه في المقابل معروف بالقدرة الهائلة على المنافسة في كل مجال مربح يتم اكتشافه. ولذلك قد يشهد قطاع تصدير التصفيق ـ بعد "نجاح" أول عملية تصدير كبيرة ـ منافسة محمومة في المستقبل القريب، الشيء الذي يستدعي من المؤسسات الاقتصادية المحلية إعداد دليل للأسواق الدولية الأكثر استهلاكا للتصفيق الخام وذلك حتى لا يخسر بعض مصدري التصفيق الموريتاني.
وهذا الدليل في غاية الأهمية لأن بعض المصفقين "الوطنيين" قد يفكر في تصدير التصفيق إلى " التبت" مثلا، دون أن يعلموا بأن ذلك قد يسبب لهم مشاكل جمة. فالتبت يستخدمون التصفيق لطرد الأرواح الشريرة . وهذا هو الذي جعلهم يصطفون ويستقبلون المستعمر البريطاني بالتصفيق الحار، وهو تصفيق فسره البريطانيون ـ في البداية ـ بأنه للترحيب بهم، قبل أن يكتشفوا بعد ذلك بأنه كان لطرد أرواحهم الشريرة.
4 ـ لقد أصبح من الملح أن تهتم رئاسة الجمهورية بقطاع التصفيق الذي عاش كسادا غير مسبوق بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة نتيجة لعدم تعيين مصفقين كبار و نتيجة لتجريد مصفقين كبار آخرين. ونتيجة كذلك لغلق أبواب الإعلام الرسمي أمام مبادرات التأييد والمساندة للمصفقين الداعمين والمؤيدين والمناصرين لرئيس الفقراء.
إن عدم فتح قنوات رسمية لاستهلاك الناتج اليومي من التصفيق سيؤدي إلى هجرة أدمغة التصفيق إلى دول أخرى وستليها في مرحلة لاحقة الأدمغة الصغيرة وكل الأيادي والأرجل المصفقة التي ليست لها أدمغة. ستشهد البلاد هجرات واسعة إذا ظل التصفيق المحلي لا يجد نظاما يستهلكه، ويعوض عنه، ويدفع بكرم لكل تصفيقة وهي ما زالت طازجة.وإذا استمر الحال كما هو فقد نتحول إلى بلد بلا مصفق (عفوا بلا مواطن).
تصبحون بأيادي تبني وتعمر.. بدل أن تصفق فتدمر..
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org
ورغم عدم وجود مؤشر دولي لقياس مستوى التصفيق فإنه يمكن القول بأن متوسط إنتاج الفرد الموريتاني من التصفيق يعتبر مرتفعا جدا، بالمقارنة مع متوسط الإنتاج الفردي في الدول الأخرى. وهذا ما يفسر وجود فائض من التصفيق يزيد على حاجة السوق المحلية، رغم أن الطلب المحلي على التصفيق يعتبر مرتفعا جدا بالقياس مع الطلب في الدول المجاورة، حتى وإن كان قد شهد في الفترة الأخيرة كسادا موسميا.
إن "المصفق" الموريتاني ( للدقة سأستخدم كلمة مصفق بدلا من مواطن ) هو مصفق مبدع جدا، وذكي جدا، وقادر دائما على غزو أسواق الدول الأخرى، مرة بالشعوذة و الاحتيال ومرة أخرى بالتصفيق، وذلك بعد أن غدا لا يملك غير ذلك ليصدره للأمم الأخرى. فقد اختفي السمك، وتبخر النفط ، وضاعت الأخلاق والقيم، وزاد مستوى الجشع حتى بلغ مستويات مخيفة.
وبطبيعة الحال فإن تصدير التصفيق الموريتاني قد يساعد على جلب عملات صعبة للنخبة والتي هي بأمس الحاجة إليها لمواجهة الكساد الحالي، خاصة أن التصفيق الموريتاني يعتبر من أجود وأفخر وأغلى أصناف التصفيق المعروفة حتى الآن.
في الأسبوع الماضي قام " كارتل" الأحزاب القومية في البلد بالتعاون مع " الفضيلة " بتصدير تصفيقة هائلة إلى الجماهيرية الليبية تم بموجبها إعلان قيادات " الكارتل" لولائهم المطلق للأخ القائد. إنها تصفيقة "عظمى" تستحق الملاحظات التالية :
1ـ قد تشجع هذه التصفيقة أطرافا أخرى للبحث عن أسواق أخرى يصدرون إليها تصفيقهم "الحار" و"الطازج". ولذلك قد نسمع في المستقبل القريب قيام مجموعات أخرى بالتصفيق للسنغال أو للمغرب أو لمالي أو ... أو..
وربما يشتد التنافس بين مصدري التصفيق لدرجة يختفي فيها التصفيق داخل هذا البلد حتى يصبح بلا مصفق ( أقصد بلا مواطن ) وذلك بعد أن تكون كل الأحزاب والتيارات والقبائل والجهات والشرائح والأعراق قد أعلنت ولاءها بمنح تصفيقها لدول وأنظمة أخرى.
2ـ يطرح تصدير التصفيق إشكالية قانونية عويصة تحتاج لاستشارات في القانون الدولي: فهل أن الأخطاء التي يرتكبها مُصَدِّر التصفيق سيتحملها البلد المصدر للتصفيق أو البلد المستورد له؟ و بعبارة أوضح : هل الأخطاء التي قد يرتكبها مستقبلا المصفق الليبي من أصل موريتاني سيحاسب عليها النظام الليبي الذي أعلن ذلك المصفق ولاءه المطلق له؟ أم ستحاسب عليها الدولة الموريتانية التي كان من المفترض أن يكون ولاء ذلك المصفق خالصا لها؟
للتوضيح أكثر، لنفترض جدلا أن الأخ القائد طلب ـ وطلباته أوامر حسب الكارتل ـ من أحد " القيادات " السياسية التي بايعته وأعلنت له الولاء المطلق أن يفجر إحدى طائرات سويسرا الكافرة. ولنفترض جدلا بأن ذلك "القيادي" نجح في تلك المهمة الجهادية. فهل أن سويسرا ستطالب النظام الموريتاني تسليم مدبر العملية للعدالة الدولية؟ أم أنها ستطالب النظام الليبي ؟ وهل ستتحمل الخزينة الموريتانية التعويض لأسر الضحايا أم أن الخزينة الليبية هي التي ستتحمل ذلك؟ وهل أن المجموعة الدولية ستفرض حصارا دوليا على موريتانيا أم على ليبيا ؟
أبشروا فلن يحدث شيء من ذلك، فالقائد قد يعلن في المستقبل القريب أن سويسرا لم تعد دولة كافرة، لا لأنها قد سمحت ببناء مآذن للمساجد، بل لأنها لم تعد تضايق أبناء الزعيم و أعوانه والذين كانت مضايقتهم هي السبب المباشر في إعلان كفرها.
3 ـ يعتبر المصفق الموريتاني غير جريء على الاستثمار في القطاعات البكر ولكنه في المقابل معروف بالقدرة الهائلة على المنافسة في كل مجال مربح يتم اكتشافه. ولذلك قد يشهد قطاع تصدير التصفيق ـ بعد "نجاح" أول عملية تصدير كبيرة ـ منافسة محمومة في المستقبل القريب، الشيء الذي يستدعي من المؤسسات الاقتصادية المحلية إعداد دليل للأسواق الدولية الأكثر استهلاكا للتصفيق الخام وذلك حتى لا يخسر بعض مصدري التصفيق الموريتاني.
وهذا الدليل في غاية الأهمية لأن بعض المصفقين "الوطنيين" قد يفكر في تصدير التصفيق إلى " التبت" مثلا، دون أن يعلموا بأن ذلك قد يسبب لهم مشاكل جمة. فالتبت يستخدمون التصفيق لطرد الأرواح الشريرة . وهذا هو الذي جعلهم يصطفون ويستقبلون المستعمر البريطاني بالتصفيق الحار، وهو تصفيق فسره البريطانيون ـ في البداية ـ بأنه للترحيب بهم، قبل أن يكتشفوا بعد ذلك بأنه كان لطرد أرواحهم الشريرة.
4 ـ لقد أصبح من الملح أن تهتم رئاسة الجمهورية بقطاع التصفيق الذي عاش كسادا غير مسبوق بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة نتيجة لعدم تعيين مصفقين كبار و نتيجة لتجريد مصفقين كبار آخرين. ونتيجة كذلك لغلق أبواب الإعلام الرسمي أمام مبادرات التأييد والمساندة للمصفقين الداعمين والمؤيدين والمناصرين لرئيس الفقراء.
إن عدم فتح قنوات رسمية لاستهلاك الناتج اليومي من التصفيق سيؤدي إلى هجرة أدمغة التصفيق إلى دول أخرى وستليها في مرحلة لاحقة الأدمغة الصغيرة وكل الأيادي والأرجل المصفقة التي ليست لها أدمغة. ستشهد البلاد هجرات واسعة إذا ظل التصفيق المحلي لا يجد نظاما يستهلكه، ويعوض عنه، ويدفع بكرم لكل تصفيقة وهي ما زالت طازجة.وإذا استمر الحال كما هو فقد نتحول إلى بلد بلا مصفق (عفوا بلا مواطن).
تصبحون بأيادي تبني وتعمر.. بدل أن تصفق فتدمر..
محمد الأمين ولد الفاظل
رئيس مركز " الخطوة الأولى" للتنمية الذاتية
هاتف 6821727
Email :elvadel@gmail.com
www .autodev.org