الأحد، 25 ديسمبر 2016

كيف نرد على هذيان "حميد شباط"؟


بعد شراكة بين الحزبين، وبعد العديد من تبادل الزيارات بين قادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وقادة حزب الاستقلال المغربي، وبمناسبة مرور عام على آخر زيارة له إلى موريتانيا أطل علينا الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي في واحدة من شطحاته ليقول لنا بأن موريتانيا هي أرض مغربية!
وعلى الرغم من أن هذيان هذا السياسي الفاشل يبقى مجرد هذيان لن يترتب عليه أي تغيير في جغرافيا المنطقة، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك يستحق ردا، خاصة وأنه قد جاء بعد حملة إعلامية متصاعدة وغير ودية شارك فيها الإعلام الرسمي المغربي، وهو ما يعني بأن العرش الملكي في المغرب يبارك تلك الحملة، إن لم يكن هو الذي قد أعطى الأوامر المباشرة لإطلاقها.

إن ما تلفظ به الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي لم يكن مجرد إساءة لنظام حاكم في موريتانيا قد يتفق معه هذا الحزب أو يختلف، بل كان إساءة لكل الشعب الموريتاني ولعموم الدولة الموريتانية،ومن هنا كان على كل الموريتانيين أن يردوا على هذا السياسي المغربي الفاشل، وأن يدينوا بشدة تصريحاته المسيئة، ويتأكد الأمر بالنسبة للأحزاب السياسية الموريتانية، سواء كانت موالية أو معارضة. إن سكوت الأحزاب السياسية الموريتانية في هذا المقام ـ وهي المعنية بالرد من قبل غيرها ـ سيعتبر خيانة وجريمة كبرى في حق الوطن، وفي حق الدولة الموريتانية.
إن الحس السياسي والواجب الوطني يفرضان على كل الأحزاب السياسية الموريتانية، معارضة كانت أو موالية، أن ترد على التصريحات المسيئة والمستفزة التي أطلقها الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي. ومن المهم هنا أن أشير بأن ردود الأحزاب السياسية الموريتانية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار ثلاثة أمور في غاية الأهمية:
1 ـ الإدانة وبأقسى العبارات لتصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي مع طلب الاعتذار إلى الشعب الموريتاني.
2 ـ التحذير الشديد من أي مساس بالأراضي الموريتانية، ومن أي دعوة للمساس بالأراضي الموريتانية.
3 ـ عدم الإساءة إلى الدولة المغربية، ولا إلى الشعب المغربي، مع ضرورة التذكير عند أي إدانة لتلك التصريحات بمتانة العلاقة بين الشعبين الشقيقين وبعمق العلاقة بين الدولتين الجارتين وبأهمية المحافظة على تلك العلاقات.
هذا عن الرد على تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي، أما عن التعامل مع الأزمة الصامتة بين النظامين المغربي والموريتاني، والتي يبدو أنها قد بدأت تتحول في الفترة الأخيرة إلى أزمة ناطقة، فإن ذلك التعامل يجب أن تحكمه هو أيضا عدة ضوابط لعل من أبرزها :
1 ـ أن يدرك العقلاء في البلدين بأن عالمنا العربي والإسلامي قد يحتاج إلى كل شيء في هذه الفاصلة الحرجة من تاريخه، ولكنه بالتأكيد ليس بحاجة إلى بؤرة توتر جديدة. إن أي صراع جديدة في المنطقة، وإن أي حرب جديدة في المنطقة ستأتي حتما بنتائج كارثية ستضر بالجميع، وأقول بالجميع، وأكرر بالجميع. لن يكون هناك أي رابح، في اشتعال أي بؤرة توتر جديدة، وستكون الخسارة من نصيب الجميع.
2 ـ هناك ألغاز وطلاسم تحكم العلاقة بين الملك محمد السادس والرئيس محمد ولد عبد العزيز، ولذلك فإنه يصعب تفسير هذا العداء القائم بينهما، وهو العداء الذي يستفحل يوما بعد يوم، وذلك على الرغم من الحفاوة التي استقبل به ملك المغرب انقلاب 6 أغسطس 2008 وهي الحفاوة التي جعلته يبعث ب "محمد ياسين المنصوري" (المدير العام للدراسات والمستندات) إلى موريتانيا بعد خمسة أيام فقط من الانقلاب ليسلم رسالة شفوية من الملك إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة الجنرال محمد ولد عبد العزيز، فما الذي حدث بعد ذلك؟ .إن هناك أسرارا ما أدت إلى هذا العداء القائم بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز والملك محمد السادس، والذي من المؤكد بأنه لا يخدم الشعبين و لا الدولتين، ولذلك فإنه على العقلاء في البلدين أن لا يقبلوا بأن يستخدموا كجنود في هذا العداء الغامض بين الرجلين.
3 ـ قد تلجأ الأنظمة الحاكمة إلى افتعال صراعات وحروب خارجية من أجل التغطية على فشلها في الداخل، ومن المؤكد بأن للملك محمد السادس مشاكله الداخلية الكثيرة، وللرئيس محمد ولد عبد العزيز مشاكل أكثر، ولذلك فإن الرجلين قد يتعمدان إلى خلق بؤر توتر في المنطقة للتغطية على فشلهما. على العقلاء في البلدين أن لا يقبلوا بأن يكونوا جنودا في صراع مفتعل للتغطية على فشل داخلي.
4 ـ لستُ على اطلاع على ما يحدث ميدانيا على الأرض، ولم أسمع إلى الآن ردا موريتانيا رسميا على الدعاوى المغربية التي تقول بأن موريتانيا تعمل مع الجزائر من أجل إنشاء خط فاصل بين المغرب وإفريقيا. ما أستطيع أن أقوله في هذا المجال هو أن أفضل موقف شعبي ورسمي  يمكن أن نتخذه موريتانيا من الصراع الدائر في المنطقة هو أن تحافظ على الحياد الكامل، وأن لا تقبل بأن تكون ورقة تستخدمها الجزائر ضد المغرب أو تستخدمها المغرب ضد الجزائر.
إنه علينا في هذه البلاد أن نحتفظ بموقف محايد وسيادي من قضية الصحراء ومن الصراع القائم بين الشقيقتين الجزائر والمغرب.
حفظ الله موريتانيا..

حفظ الله كل دول المنطقة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق